الشيخ جراح شرف الأمة…والفلسطيني وحده المدافع؟ بقلم: أحمد حازم
تاريخ النشر: 11/05/21 | 0:52يوجد في العالم 57 دولة إسلامية، من بينها 22 دولة عربية، ومن بين الدول العربية سبع دول خليجية من أغنى الدول في العالم. لكن هذه الدول الإسلامية العربية لم تفعل أي شيء للقدس، وسلموا قضية المدينة المقدسة للمملكة المغربية التي لم تفعل شيئاً لهذه المدينة أبداً.
ما جرى في المدينة المقدسة من اعتداءات وحشية على المقدسيين في الشيخ جراح من جانب المستوطنين المتوحشين والقوات الإسرائيلية لم يوقظ الضمير الإسلامي لهذه الدول باستثناء عدد قليل منها. حتى الإدانات العربية للممارسات الإسرائيلية كان بعضها على شكل “رفع عتب” مثل بعض الدول الخليجية، وكأن لسان حال هذا البعض يقول: “وإحنا شو دخلنا”.
المعروف أن حي الشيخ جراح هو أحد أحياء مدينة القدس التي يوجد فيها المسجد الأقصى، أحد أكبر مساجد العالم وأحد المساجد الثلاثة التي يشد المسلمون الرحال إليها، وهو أيضًا أول القبلتين في الإسلام. وهذا يعني أن الواجب الديني والأخلاقي ولا سيما لدى عرب الجامعة العربية يتطلب الوقوف بحزم ضد الممارسات الإسرائيلية. لكن ما رأيناه من ردود فعل أمر يدنى له الجبين ولا سيما من دول مجلس التعاون الخليجي، الذي كانت إدانة البعض منه على حياء وبصيغة لا تختلف عن صيغة إدانة دولة أخرى لا علاقة لها بالإسلام ولا بالفلسطينيين.
وبالرغم من أن قادة هذه الدول ذات النهج الإسلامي (ظاهرياً) يعرفون أن المسجد الأقصى ذكر في القرآن: سُبحَٰنَ ٱلَّذِيٓ أَسرَىٰ بِعَبدِهِ لَيلا مِّنَ ٱلمَسجِدِ ٱلحَرَامِ إِلَى ٱلمَسجِدِ ٱلأَقصَا ٱلَّذِي بَٰرَكنَا حَولَهُۥ لِنُرِيَهُۥ مِن ءَايَٰتِنَآ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلبَصِيرُ سورة الإسراء، الآية 1 ، إلا أن هؤلاء القادة لم تصدر عنهم اهتمامات جدية عما يجري في القدس والأقصى وكأن قرآنهم غير القرآن الفلسطيني.
قرأت إدانة من دولة الإمارات لممارسات إسرائيل في القدس فضحكت من جهة وحقدت عليهم أكثر من حقدي الضغين عليهم لمواقفهم السابقة، بسبب الحيادية المطلقة في بيان الإدانة. فماذا جاء في البيان الذي صدر عن وزير الدولة الإماراتي، خليفة شاهين:” ندعو إلى تحمل المسؤولية في خفض التصعيد، وإنهاء كافة الاعتداءات والممارسات التي تؤدي إلى استمرار حالة من التوتر والاحتقان، كما نؤكد ضرورة الحفاظ على الهوية التاريخية للقدس المحتلة والتهدئة وممارسة أقصى درجات ضبط النفس لتجنب انجراف المنطقة إلى مستويات جديدة من عدم الاستقرار وتهديد السلم”. تصوروا يا بشر قلة الحياء في هكذا بيان.
البيان الإماراتي الرسمي وضع المجرم والضحية في نفس المستوى.(مطالبة بخفض التوتر) وكأن الفلسطينيين هم الذين يسببون هذا التوتر أيضاً. ويطالب البيان الجانبين بضبط النفس. أي بيان هذا الخالي كلياً من الإحساس العربي والديني وكأنه غير صادر عن دولة عربية. لم نسمع أبداً عن مظاهرات جرت في دول مجلس التعاون الخليجي تضامناً مع إخوانهم المسلمين في القدس، أم أن إخوانهم الآن هم “شلومو ” و “ديفيد” و “بنيامين؟ ولماذا لم تقم أي دولة من دول التطبيع والتتبيع بسحب سفرائها من إسرائيل احتجاجاً على ما يجري؟ أم أن القدس لم تعد عروس عروبتكم ولم تعد بلاد العرب أوطاني من الشام لبغدان؟
ليعذرني الشاعر السوري الراحل فخري البارودي لأن قصيدته “بلاد العرب أوطاني” لم تعد سارية المفعول بشكل عام ، وبشكل خاص للفلسطيني الذي لم يعد يعترف بأن بلاد العرب وطنه بل الأرض الفلسطينية وحدها، وكما قال الشاعر الفلسطيني كامل شهوان:” أنت عزنا و كرامتنا يا وطن … و نحن شعبك الذي يحبك ، شعب الجبارين … و يا جبل ما يهزك ريح”.
الفلسطيني شرف هذه الأمة وهو الوحيد عملياً الذي يواجه إسرائيل. والأنظمة العربية المفترض أن تكون حامية ظهر الفلسطيني، لكنها بالعكس من ذلك هي التي تدق له الأسافين. صمود الفلسطيني في المواجهة مع المحتل الإسرائيلي وقوة إرادته في الدفاع عن الشيخ جراح أجبر المحكمة العليا الإسرائيلية إلى تأجيل جلسة إخلاء العائلات المقدسية في الشيخ جراح والتي كان من المقرر عقدها اليوم الإثنين. فقد ذكرت صحيفة “يديعوت أحرنوت” أن النائب العام أفيحاي ماندلبليت طلب تأجيل إخلاء العائلات من حي الشيخ جراح، وسيتم تحديد تاريخ في غضون ثلاثين يوماً لبدء النظر في القضية.
وبالرغم من كل الاعتداءات والانتهاكات والاعتقالات والقمع بالصواعق الكهربائية وقنابل الصوت والضرب، فإن أهالي الشيخ جراح صامدون وباقون في هذا الحي، كما أن تهديد سلطات الاحتلال لثمانية وعشرين عائلة في الشيخ جراح بإخلائها من منازلها لصالح جمعيات يهودية تسعى لإقامة حي استيطاني كبير في المنطقة، لن تقبل به هذه العائلات ولن يقبل به أهل القدس وسيقاومه الفلسطيني بكل الوسائل رغم مواجهته للرصاص المطاطي والقنابل والقمع.