قراءة نقدية لمقال زينب أطرش…تمسكي بفلسطينيتك والتنازل مرفوض – أحمد حازم
تاريخ النشر: 19/05/21 | 10:57قرأت مقالاً يعنوان:” هل يحق للمواطن العربي العيش بكرامة؟:” للمركزة والمرشدة في مجال العنف، زينب أطرش نشره موقع العرب في السابع عشر من الجاري، تتساءل فيه الكاتبة وبحق عن عدة أمور تدور حول ما تسميهم السلطة “عرب إسرائيل”. ومن هنا ينطلق الرد. بمعنى أن صفتنا الأصلية ينكروها علينا. فنحن فلسطينيون ننتمي تاريخياً إلى فلسطين، ولسنا مجرد “عرب”فرضوا علينا الانتماء لــ “إسرائيل” بسب السياسة والاحتلال فأصبحنا بنظرهم “عرب إسرائيل”. تسمية أرادوا منها إبعاد فلسطين عن ذاكرة الفلسطيني لينسى بلاده وتاريخها. لكن النتيجة كانت عكسية وظل الأحفاد متمسكون بالإسم والأرض والعلم والانتماء.
ومن بين الأسئلة التي تطرحها زينب:” لماذا يجب التنازل عن حق عروبتي وأصلي لكي ترضى أيها الطرف الاخر؟ والدولة على ماذا تعتمد بالرفض الواقع وحقوق الاصل والاصيل لشعب عربي وان يكون له دائماً التنازل لكي يصبح ابن الدولة؟
لفت نظري استخدام الكاتبة لكلمة “يجب” في حديثها عن “التنازل عن حق العروبة”. ومن قال يا زينب أنه “يجب”. لا يستطيع أحد إجبار الآخر على التنازل عن عروبته أو فلسطينيته مهما كبرت الشدائد، وأيضاً لا “يجب” التنازل عنها. أنا وأنت والأصيلين الآخرين لا يهمنا إن رضي الطرف الآخر علينا أم لم يرض، فالأمر سيان. فمن غير المعقول لا أخلاقياً ولا دينياً ولا سياسياً (عند الشرفاء طبعاً) التنازل عن المباديء لإرضاء (خصمنا اللدود). وإذا حصل ذلك من منحرفين فهذه طبعاً قمة النذالة والانحطاط السياسي.
أنت محقة في طرح السؤال: على ماذا تعتمد الدولة في رفض حقوقنا وأن نتنازل دائماً لكي نرضيهم “لكي يصبح أحدنا ابن دولة”. بدون شك هذه الدولة منذ تأسيسها عام 1948 هي دولتهم، لكن الأرض الموجودة عليها هذه الدولة ، هي فلسطينية الأصل وعربية اللغة منذ مئات السنين إن لم يكن منذ آلاف السنين.
أنا لست معك في أن “الكآبة التي تحمل وجوهنا هي أننا لا نستطيع أثبات تضاريس تاريخنا وجذورنا على هذه الارض”. أنا شخصياً أرى العكس. فالكآبة المرسومة على وجه الفلسطيني والتي لا يراها سوى الفلسطيني، هي العنوان للتاريخ والجذور. صحيح أنها غير مرئية للآخرين سوى في المناسبات لكنها ترى عند الفلسطيني في كل وقت وليس في كل مناسبة فقط. وتواريخ مثل نكبة فلسطين في شهر أيار عام 48 ويوم الأرض في آذار عام 76 وهبة الأقصى عام 2000 وغير ذلك هي من المناسبات التى تظهر فيها الكآبة على وجوهنا ونستطيع من خلالها إثبات كل شيء.
أوافقك الرأي على “أن العزة والكرامة والصمود ليس لها جيل”. نعم هذا صحيح فتاريخنا مليء جداً بحكايات الصمود والكرامة وخصوصاً التاريخ الإسلامي، ولكن هذا لا يعني أن سلوكيات مسلمي اليوم من العرب تشيه سلوكيات ذلك المسلمين الذي ذكرهم التاريخ فخراً واعتزازا. فيوجد وللأسف بين مسلمينا من يقف إلى جانب الأعداء ضد المسلمين دون أن يهتز لهم جفن.
وقد أعجبني قولك:” أن الكرامة لا تقتصر على الإسلام فقط في هذه الدولة”. ومن قال أن كل المسلمين في هذه الدولة وبالأحرى قادة المسلمين يتمتعون كلهم بكرامة وعزة نفس؟ فهناك من رضي منهم أن يكون حجر شطرنج يلعبون به كما يشاؤون، وهؤلاء يختلف إسلامنا عن إسلامهم.
قي الحقيقة أن لغة التعبير لم تساعد الكاتبة جيداً في الحديث عن مواقف العزة والكرامة لشبابنا في الداخل الفلسطيني (فلسطينيو ألـ 48) ولاحظت تبعثراً في الأفكار في هذه النقطة، حيث تقول أن: “مساحتي للكتابة بالكبرياء والفخر بشبابنا وبناتنا” داخل مدننا وبلداتنا العربية، لكنها لم تصف هذه المساحة، وعلى القاريء وحده أن يستنتج بأنها مساحة قد تكون فليلة لكنها تعبر عن موقف شهم واحترام لشبابنا.
نعم يا زينب، “كل عربي له حق ان يعيش باحترام وليس مبرمجاً ومذلولاً لكي يصبح لهم مقبولاً كمواطن مسالم”. الإنسان الفلسطيني الأصيل الذي بقي هنا على هذه الأرض في الجليل والمثلت و النقب والساحل هو الجيل الثاني والثالث للنكبة، ونسل هذه الأجيال لن يختلفوا في تفكيرهم عن جيل النكبة الأولى، بمعنى أن الذي يعيش على أرضه يجب أن يكون حراً مهما كانت قسوة المحتل. فالحرية لا يمنحها المحتل، بل تنتزع انتزاعاً من خلال استخدام أدوات نضال معينة. هكذا علمنا التاريخ. لكنهم غير مهتمين بتاريخ النضال والأحرار إنما فقط وفقط بتاريخ “الهولوكوست”.