بشار الأسد رئيس يحكم ولا يقرر… ومستقبل سوريا بيد روسيا وإيران أحمد حازم
تاريخ النشر: 31/05/21 | 12:03لمقال الذي نشره لي موقع العرب أمس الأحد تحت عنوان “هل يبقى الأسد إلى الأبد رئيساً” أحدث ردود فعل لدى (عاشقي) ممارسات الأسد القمعية. فبعض قصيري النظر والتفكير منهم رد علي من خلال مواقع التواصل الاجتماعي بأسلوب أقل ما يقال فيه أنه همجي متخلف، وأنا تعودت في حياتي الصحفية على مثل هذا الجبن. وآخر أجابني: ” نعم سيبقى إلى الأبد” وبعض آخر كتب لي :” يعني أنت داعش ي بامتياز” طبعاً بسبب موقفي من بشار إبن حافظ مؤسس “الأسدية السياسية” التي استولت على الحكم بالقوة عن طريق انقلاب وليس عن طريق انتخابات .
حتى أن بعض رجال الدين في سوريا تم (تفصيلهم وتصنيفهم ) استخباراتياً بشكل يتناسب مع النظام الحاكم. فقد وصلني فيديو قصير يدعي فيه أحد “مشايخهم” بأن بشار حافظ الأسد هو سيد البشرية جمعاء في عهدنا هذا. نعم لهذه الدرجة وصل الخوف والنفاق والعهر الاجتماعي بمشايخ الأسد. أن تكون من أتباع الأسدية المجرمة يحق لك أن تقول أي شيء (إيجابي) عنها ولكن أن تكون معارضاً لها فلا يحق لك حتى فتح فاهك.
يتحدث بشار الأسد دائما عن سيادة سوريا. وهل يوجد بعد سيادة فعلية لهذا البلد الذي تتخابط به الأمواج وتهزه العواصف منذ عام 2011. عن أي سيادة ووطن حر يتحدث (رئيسهم) بشار وسوريا نفتقر لأي مظهر من مظاهر السيادة وترزح تحت سيطرة قوات عسكرية تابعة لخمس دول هي: الولايات المتحدة، روسيا ، إيران ، تركيا وإسرائيل، علماً بأن قراراتها السياسية هي فقط في أيدي دولتين: روسيا وإيران، اللتين تعتبران سوريا امتدادا لنفوذهما في المنطقة وهي الموقع الأهم استراتيجياً لروسيا في مواجهة الخصم الأمريكي اللدود. والعلاقة مع إيران تعتمد على أسس دينية أكثر منها سياسية بحكم العلاقة بين “العلوية” والشيعية”. حتى أن العلاقة بين موسكو ودمشق الأسد لها أيضا جذور طائفية.
لا شك أن الأسدية التي تحكم سوريا منذ أكثر من نصف قرن، لم تأت إلى الحكم عن طريق صناديق الإقتراع، بل عن طريق سرقة الحكم من أصحابه الديمقراطيين الأصليين وقتل بعضهم وزج البعض الآخر في السجون. والنظام في سوريا منذ عام 1970 هو نظام تسلطي قمعي وليس نظاماً جمهورياً بل هو نظام وراثي. يعني الأب يورث الإبن.
تعالوا نسأل هؤلاء الذين يؤمنون بديمقراطية الأسد: عندما مات حافظ الأسد عام ألفين، كان من المفروض أن يقوم نائبه عبد الحليم خدام بمواصلة الرئاسة حتى نهاية الفترة الزمنية المقررة، ومن ثم يتم إجراء انتخابات عامة كما يتضمن الدستور السوري. ولكن ما جرى هو العكس تماماً. فقد تم تغيير الدستور على مقاس بشار الأسد ليصبح رغم أنف الشعب رئيساً. فهل هذه ديمقراطية أو استخفافية واستهتار بعقل المواطن السوري؟
في بلد يوجد فيه دستور جمهوري، يكون هناك تداولاً على السلطة. ولكن في حالة سوريا فإن السلطة في أيدي الأسدية منذ خمسين عاما فهل هذا أمر طبيعي؟ هل يعقل أن سوريا التي تداول على حكمها منذ استقلالها عام 1946 وحتى عام 1970 العديد من الرؤساء والسياسيين، ومنذ استلام الأسدية للحكم عنوة في سوريا لا يوجد أحد قادر على حكم البلاد سوى الأسد الأب والإبن؟ هل يعقل هذا؟ فهل فقدت أصناف الرجال المخلصين في هذا البلد أم أن البطش والإرهاب الأسدي يمنع كل من يفكر بترشيح نقسه لانتخابات الرئاسة ولا يعرف أحد عن مصيره بغد ذلك؟.
وفي الحقيقة أن بشار الأسد ليس بحاجة إلى انتخابات، لأن الجميع يعرف مسبقاً من الذي سيقوز بها، والدليل على ذلك الاحتفالات التي تم الاعداد لها قبل أيام احتفالاً بفوز بشار أي قبل ظهور النتائج. ثم يحدثك أتباع النظام عن ديمقراطية الأسدية. تصوروا أن الأسدية تسيطر بشكل مطلق على الجيش وعلى الأجهزة الأمنية التي تعرف وتراقب كل صغيرة وكبيرة في سوريا، وهي التي تسيطر على الموارد والإعلام، وعلى كل شيء، بما في ذلك سن التشريعات والقوانين، وحل مجلس الشعب.. إلخ. والنظام السوري يمكن وصفه بأنه نسخة مصورة عن نظام كوريا الشمالية القمعي، إذ لا يتحرك أي شيء في البلد إلاّ بإذنه.
على كل حال، يبدو أن بشار الأسد، يصدّق فعلاً أنه نجح في انتخابات رئاسية حقيقية بنسبة 95%، ليخرج بخطاب “نصر” إلى من تبقّى من السوريين، وهو نفسه يعرف أن نحو نصف سوريا خارج سيطرته، الرئيس السوري في الواقع هو مجرد رئيس (شكلي) لسوريا في ظل وجود روسيا وإيران، اللتين بفضلهما بقي الأسد في الحكم. ولذلك فإن الأسد من الناحية العملية (بعد الحرب الأهلية عام 2011) لا يستطيع اتخاذ قرار سياسي أو عسكري حاسم، لأن أي قرار حول مستقبل سوريا هو بيد الروس بشكل أساسي، لكنه يتصرف داخلياً كما يشاء ولكن أيضاً بحدود.