عباس من أول غزواته انكسرت عصاته بقلم: أحمد حازم
تاريخ النشر: 09/06/21 | 12:48فاجأتنا الإذاعة الإسرائيلية الرسمية “مكان” أمس الثلاثاء بخبر لا يسر قلوب أعضاء “القائمة العربية الموحدة” ولا ينشرح له صدور قيادة الإسلامية الجنوبية. فقد كشفت الإذاعة عن تفاصيل الاتفاق بين الموحدة وأحزاب كتلة التغيير الأخرى، حيث يتضح منها أنه “تم تجريد لجنة الداخلية التابعة للكنيست والتي ستكون برئاسة عباس، من صلاحيات مراقبة عمل الشرطة ومتابعة سير عمل وزارة الأمن الداخلي” طيب ليش يا شركاء عباس “عملتو هيك ما دامت الشرطة وتوابعها من اختصاص هذه اللجنة كما هو متبع ؟
طبعاً الجواب واضح. لأن عباس عربي. وهل يعقل أن تسلم رقبة الشرطة لمسؤول عربي؟ بالطبع لا. إذاً ما الحل؟ الحل هو تجريد عباس من صلاحية مراقبة عمل الشرطة، ونقل هذه الصلاحيات إلى لجنة جديدة سيتم الإعلان عن إقامتها لاحقا، وستكون برئاسة حزب “يش عتيد” الذي يتزعمه يائير لابيد.
“مستاهل” منصور عباس. إهانة ما بعدها إهانة واحتقار واضح. والأنكى من ذلك تساءل أحد أعضاء الائتلاف الحكومي مستغرباً، حسب التلفزيون الاسرائيلي الرسمي: “ماذا، هل جن جنوننا لمنح عباس صلاحية وسلطة الإشراف على الشرطة؟” والمصيبة الأكبر أن هناك من يقول أن تجريد عباس قد تم بناءً على اتفاق مسبق معه.
على أي حال هذا التصرف من حكومة بينيت تجاه عباس له عدة دلالات: أولها عدم وجود ثقة بعباس في الحكومة، وثانيها قبولهم به كان فقط من أجل إنجاح ولادة الحكومة، وثالثها إظهار بينيت نفسه للغرب بأنه ديمقراطي أكثر بكثير من نتنياهو والدليل قبوله بعربي في تشكيل حكومته، وليس أي عربي فهو محسوب على الإخوان المسلمين. يعني ورقة لعب مهمة لبينيت.
هنا أريد أن أذكر عباس بأن نتنياهو صديقه قالها بالفم المليان :”ما وعدكم به بينيت مكتوب على لوح ثلج”. فماذا بعد؟ كما أن تجريد عباس من صلاحية مراقبة الشرطة يؤكد كلام نتنياهو والحبل عالجرار.
البيان الذي نشره منصور عباس عبر صفحته جاء في بدايته:” منذ أن دخلت الحركة الإسلامية- الموحدة ال انتخابات البرلمانية عام 1996 وهي ملتزمة تمامًا بالتصويت إلى جانب ثوابتها وقيمها ومبادئها، وتعارض كل ما يخالف ذلك”. تعالوا نفسر ذلك بدون الاستعانة بصديق: هل الدخول في حكومة يمين من الثوابت؟ هل التشاور مع ليبرمان وساعر وشاكيد التي منعت عباس من تولي منصب نائب وزير من مبادي الجنوبية؟ وهل الجلوس مع “ميرتس” التي وافقت على كل شيء يتعلق بدعم المثليين من قيم الإسلامية الجنوبية؟ فإذا كان الأمر كذلك نسكت.
ويقول عباس في مكان آخر من بيانه:” أننا موجودون في موقف أقوى ومكان مؤثر أكثر مما كنّا عليه في السابق في صفوف المعارضة”. أمر مضحك. قل لي بربك دكتور عباس: أين هو الموقف الأقوى. هل مثلاً الإهانة التي تلقيتوها في الداخلية؟ ثم يقول عباس في مكان أخر من بيانه ” ليس من المعقول أنْ ترفعوا شعار إسقاط نتنياهو على طول الطريق، وأنْ تتهمونا بأننا في جَيْبِه، وأنّ هدفنا هو إبقاؤه، وعندما نكون نحن مَن يُسقِطه يصبح إسقاطه جريمة في أعينكم”. شيء مضحك. ليش هل أنت الذي أسقطت نتنياهو؟ أنت يا دكتور بحثت عن الأفضل لمصالح حزبك فقط.، وأنت آخر من يتكلم عن إسقاط نتنياهو. خصوصاً وأنك أنقذته أكثر من مرة من السقوط ودعمته ولا يستطيع أحد نكران الحقائق.
فخلال الاستعداد لانتخابات الكنيست الأخيرة التي جرت في آذار الماضي كان عباس يتفاوض مع نتنياهو. ويرى بعض المحللين أن عباس يريد دخول أي حكومة إسرائيلية بغض النظر عن رئاستها وبرنامجها، أما تبرير مثل هذه المشاركة بأنها تأتي خدمة لمصلحة المواطنين العرب في الداخل الفلسطيني فهو أيضاً مجرد كلام مضلل وغير صحيح، وبالاطلاع على نص الاتفاق الموقع بين عباس من جهة ولبيد – وبينت من جهة ثانية سنجده موغلاً في قضايا مطلبية معيشية ومالية إلا أنها لا ترقى لمستوى اعطاء شرعية لحكومة يمينية متطرفة سيكون لها صولات وجولات في خنق الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس وقتلهم في قطاع غزة، والاستمرار في تهويد القدس.
المحلل السياسي الأردني (الفلسطيني الأصل) الصديق رجا طلب أحد المعلقين الكبار في العالم العربي، قال في تحليل له نشرته صحيفة “الرأي ” الأردنية في السابع من الشهر الحالي:” لم أعثر إلى الآن على أي تبرير منطقى لمنصور عباس بشأن الانضمام لحكومة على رأسها زعيم يميني متطرف يؤمن بضرورة احتلال كامل الضفة الغربية، ورأس مجلس المستوطنات فيها، ويهدد غزة بالويل والثبور وعظائم الأمور في حال عادت المقاومة فيها إلى المواجهة مع إسرائيل، أما القدس فهي عند بينت خط أحمر من غير المسموح مطلقاً التحدث عن فلسطينيتها أو عروبتها فهي في نظره عاصمة إسرائيل الأبدية”.
ولو كنت أنا مكان عباس لانسحبت من الحكومة فوراً بعد سحب صلاحيات مراقبة الشرطة والأمن من لجنة الداخلية، لأنها عملية احتقار واضح للإسلامية الجنوبية بشكل عام وعباس بشكل خاص. انتظروا الأكثر.