احتلوا الأرض وسرقوا التراث والثفافة… حرامية بامتياز بشهادة التاريخ- أحمد حازم
تاريخ النشر: 10/06/21 | 13:02لم تكتف إسرائيل بسرقة الأرض الفلسطينية من خلال احتلالها لها، بل تقوم منذ أواخر أربعينات القرن الماضي بسرقة التراث الثقافي الفلسطيني بكافة أنواعه، فهناك “حرامية” مختصون بسرقة الأزياء الفلسطينية وهناك “سارقون” متخصصون بسرقة أنواع الأكل الفلسطيني واعتباره من ثقافة الأكل اليهودي وهناك ” حرامية كبار” مختصون بالموروث التراثي للآثار.
في عام 2006 نشرت صحيفة «جويش كرونيكل» اليهودية الصادرة في لندن، صورة لفتاة إسرائيلية ترتدي كوفية للمصمم الإسرائيلي «موشيه هاريل» الذي قام بتقليد الكوفية الفلسطينية، بعدما غير لونها للأزرق والأبيض وصمم تطريزها على شكل نجمة داوود في محاولة جديدة لسرقة التراث الفلسطيني. وقد وصلت الوقاحة بالمسؤولين الاسرائيليين إل تسجيل أثواب فلسطينية باسم اسرائيل في الموسوعات العالمية، مثل ثوب عروس بيت لحم المعروف باسم «ثوب الملك» الذي يعتبر من أجمل الأثواب الفلسطينية.
يقول المؤرخ اللبناني فيليب حتي” :اليهود شعب همجي بلا حضارة، وكلما احتلوا منطقة سرقوا تراث أهلها ونسبوه إليهم”. أما الدكتور محمد بكر البوجي أستاذ الأدب والفكر بجامعة الأزهر في غزة فقد قضى وقتا طويلاً في البحث والدراسة ويستنتج أن إسرائيل سارقة للتراث والتاريخ لتصنع لنفسها كيانا وهوية ليس هويتها وتاريخا ليس تاريخها. ويقول أنه يحاول من خلال دراسته، أن يحارب فكريا وتاريخيا كياناً ساندته اليونسكو في سرقته.
يقول الدكتور البوجي:” تسعى إسرائيل بكل قوتها من أجل إقناع العالم بأنها صاحبة حق وجود في فلسطين، وأنها ضاربة في جذور التاريخ عبر تلفيق الموروثات الفلسطينية لنفسها”. وعلى سبيل المثال في بعض الاحتفالات العالمية قدمت إسرائيل طبخة “المقلوبة” كطبقٍ إسرائيلي. وهذا أمر مستحيل لأن هذه “الأكلة” لها ارتباط بالزراعة والأرض والفلاح الفلسطيني الذي يأكل من نتاج أرضه الباذنجان واللحم والقرنبيط . فكيف يكون طبقاً شعبياً لوافد صهيوني من روسيا أو بولندا أو ربما ألمانيا وأمريكا واعتاد طعامًا أوروبيًا؟
يقول التاريخ:” حين وقعت النكبة الأولى استولى اليهود على العديد من القدور الفخارية الفلسطينية العائدة لأهالي القرى المهجرة، بالإضافة للكثير من المشغولات النحاسية والمعدنية بعضها عُرض في متاحف عالمية بصفتها تراث إسرائيلي والبعض الآخر ظل في فلسطين ونُقل لمتاحف شيدها الاحتلال وعرضها منسوبة إليه.
السرقة ليست حديثه على بني إسرائيل. يقول الدكتور البوجي:” لقد سرقوا وحدة الوزن الفلسطينية أيضا، وهي معروفة لدينا بالعامية في فلسطين حتى يومنا هذا بـ (الشقلة) بمعنى (الرجحة) ثم أخذوها وسموها شيقل. وعندما غزا بنو إسرائيل فلسطين، كما يقول التاريخ، لم يأتوا لنشر العقيدة اليهودية لأن المعتقد اليهودي خاص لبني إسرائيل فقط، فهو ليس كالإسلام أو المسيحية دين عولمة ويصلح لكل الناس، وإنما هو خاص ببني إسرائيل، وإنما جاؤوا لاستملاك الأرض فقط.
تقول الكاتبة أمنية حسن في دراسة لها نشرها موقع (الجوار برس):” أدرك قادة الصهاينة الأزمة النفسية لدى اليهود في بداية الستينات من القرن الماضي، وسعوا منذ ذلك الوقت إلى إيجاد حل لهذه المعضلة، ووجدوا ضالتهم في محاولة إيجاد رابط نفسي وروَّحي بين اليهود والأرض الفلسطينية، لضمان ودعم تمسكهم بهذه الأرض، وبدأ القادة الإسرائيليون بالفعل في تنفيذ المخطط عقب حرب 1967 واحتلالهم للقدس الشرقية وأجزاء من الضفة الغربية”.
وتقول الكاتبة:” تولت جمعية “أبحاث أرض إسرائيل” والتي أسستها الحركة الصهيونية هذه المسألة، ففي عام 1967 استولت قوات الاحتلال على المتحف الوطني الفلسطيني، وقامت بتغيير هويته، وسرقت أكثر من مليون قطعة آثار فلسطينية ونسبتها إلى نفسها مع تأليف تاريخ مزيفًا لهذه القطع الأثرية”.
الباحثة الإسرائيلية نوجا كدمان ذكرت في كتابها (على جانبي الطريق وهوامش الوعي) والذي صدر عام 2008، “أن السياسة التي انتهجتها قوات الاحتلال الإسرائيلي للتأثير على وعي اليهودي وإقناعه بملكية الأرض، كشفت كيف سرق الاحتلال هوية فلسطين، وذلك من خلال محو الأسماء العربية أو ترجمتها إلى اللغة العبرية، وكذلك إتلاف اللافتات التاريخية في المواقع الأثرية الفلسطينية، واستبدالها بتاريخ يهودي مزيف، ودليل على ذلك ما حدث في قيساريا الغنية بالآثار العربية مثل مسجد عبد الملك بن مروان، حيث قامت قوات الاحتلال بشطب الحقبة التاريخية الإسلامية لهذه المنطقة، واكتفت بذكر الفترتين الصليبية والبيزنطية، والتي كانت تشهد نشاطًا يهوديًا.”
على كل حال، فإن إسرائيل مهما حاولت تزييف وسرقة ونهب أراضي وثقافي، فالتاريخ يكذب أحفاد هرتسل، والتاريخ نفسه يشهد بأن فلسطين لأصحابها الفلسطينيين وليس لمجموعات (لمم) أتوا بها من كل بقاع الأرض وأسكنوها الأرض الفلسطينية.