هل تدخل غزة موسوعة غينيس؟. …المستوطنون ومسيرة “الموت للعرب” – احمد حازم
تاريخ النشر: 20/06/21 | 20:43قطاع غزة الشريط الساحلي الصغير والفقير والمكتظ بمليوني فلسطيني على مساحة صغيرة، تفرض عليه إسرائيل (مع مصر) حصارا منذ ما يقارب 15 سنة، وأصبح من الأسماء الأكثر تداولاً في الأخبار العالمية بسبب تعرضه باستمرار لاعتداءات إسرائيلية. أما مدينة غزة فهي أكبر تجمع للفلسطينيين في فلسطين، فتبلغ مساحتها 56 كم2 فقط، مما يجعلها من أكثر المدن كثافة بالسكان في العالم. من جانب آخر، ليس من المستبعد أن تدخل “غزة هاشم” موسوعة غينيس للأرقام القياسية، ليس بسبب كثافة سكانها فقط، بل بسبب الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة عليها.
لم تمض أيام قليلة على بدء الحكومة الجديدة العتيدة أعمالها حتى سجلت حدثين في غاية الأهمية. الأول قصف غزة والثاني مسيرة الأعلام للمستوطنين. يعني منذ استلام ائتلاف “الموحدة، اليمين واليمين المتطرف واليسار” سدة الحكم عرضت حكومة الإئتلاف عضلاتها في غزة في محاولة لتقول للمقاومة “نحن هنا”. ولكن المدافعين عن بلدهم هناك من الأساس، فقد علموا المعتدين دروسا لكنهم لم يستوعبوها.
الجيش الإسرائيلي شنّ مجددا للمرة الثانية ليل الخميس-الجمعة غارات جوية على غزة اعتبرها الناطق بإسم حماس فوزي برهوم “مشاهد استعراضية للحكومة الإسرائيلية الجديدة من أجل ترميم معنويات جنودها وقادتها التي انهارت أمام صمود وضربات المقاومة في معركة سيف القدس”، وهو الاسم الذي أطلقته فصائل المقاومة على الحرب التي شنتها إسرائيل على غزة في الحادي والعشرين من الشهر الماضي والتي استمرت أحد عشر يوما، وأسفرت عن سقوط 260 شهيداً في الجانب الفلسطيني بينهم أطفال ونساء ومسنين،
قائد الجيش الإسرائيلي الجنرال أفيف كوخافي غير مطمئن للوضع في غزة بسبب تخوفه من ردود فعل المقاومة الفلسطينية. لذلك، وحسب موقع “تايمز أوف إسرائيل” طلب كوخافي من هيئة الأركان مزيداً من السيناريوهات من أجل استئناف الإعتداءات على القطاع.
كوخافي يريد مشاركة الجانب الأمريكي في كافة الأمور العسكرية المتعلقة أيضاً بغزة. ففد طار إلى واشنطن حاملاً معه السيناريوهات المحتملة في أول زيارة رسمية لمسؤول إسرائيلي إلى واشنطن منذ تولت حكومة نفتالي بينيت السلطة. وخلال زيارته التي تستغرق ستة أيام سيستعرض كوخافي مع الأمريكيين ملفات حماس و إيران وحزب الله.
لكن الوضع في القدس بالنسبة لحكومة الإئتلاف الحاكم ليس أفضل من الوضع في غزة، لأنه كما يقول المثل “على كف عفريت”. والحرب الأخيرة على غزة في الشهر الماضي كان سببها اعتداءات المستوطنين على المقدسيين. ولا يزال المستوطنون يقومون بأعمال استفزازية ضد المقدسيين بدعم من الشرطة. ومسيرة الأعلام التي جرت الثلاثاء الماضي هي استفزاز واضح ومقصود من المستوطنين الهمجيين لأهل القدس.
يوم الثلاثاء الماضي تجمع آلاف المتظاهرين من اليمين المتطرف عند باب العمود وهم يحملون الأعلام الإسرائيلية، وقاموا بمسيرة استفزازية برعاية الشرطة مرت بمحاذاة وداخل أسوار المدينة القديمة وفي السوق الرئيسي وفي الحي الإسلامي وتخللها استفزاز لأهلها. المسيرة شارك فيها أيضاً إيتمار بن غفير عضو الكنيست اليميني المتطرف الذي يترأس حزب “القوة اليهودية” المعادي للعرب وبتسلئيل سموتريتش رئيس حزب الصهيونية الدينية. مشاركون في المسيرة رفعوا يافطات كتب عليها”الموت للعرب” ويافطات أخرى تظهر مدى همجية وفاشية المستوطنين إزاء العرب والإسلام. كل ذلك يحدث على مرآى من عناصر الشرطة. والسؤال الذي يطرح نفسه: ماذا سيحصل لو أقام العرب مسيرة حملوا فيها يافطات مكتوب عليها “الموت لليهود؟” هل ستسمح الشرطة بذلك؟ والملفت للإنتباه أن المسيرة جرت بعد يومين من بدء الحكومة الجديدة أعمالها.
ويبدو أن المستوطنين مصرين على مواصلة الإستفزازات وعلى مزيد من التوتر في القدس. فقد قام المستوطنون مساء أمس السبت باعتداء جديد على حي الشيخ جراح، مما أسفر عن مواجهات عنيفة بين المعتدين وأهالي الحي والمتضامنين معهم.
رئيس القائمة العربية الموحدة منصور عباس، وعلى ذمة “تايمز أوف إسرائيل” اعتبر مسيرة الأعلام “استفزازا مبنيا على الكراهية والتحريض على العنف ومحاولة إشعال المنطقة لأهداف سياسية” لكن عياس في المحصلة يتحمل أيضاً مسؤولية أخلاقية عما يجري في القدس، لأنه جزءا من الائتلاف الحكومي الجديد.