واخيراً جاءها الفرج
تاريخ النشر: 03/07/21 | 6:48بعد فترة قصيرة من وصولها إلى مكة ، نفذ الماء الذي كان لدى السيدة هاجر عليها السلام زوج نبي الله إبراهيم عليه السلام ، فأحست بالعطش ، واخذ طفلها الرضيع إسماعيل عليه السلام يتلوى من شدة العطش ، فلم تكن مكة في ذلك الوقت مدينة تجارية يقصدها الناس من كل انحاء العالم كما هي الآن ، بل كانت مجرد وادٍ غير ذي زرع لا يسكنه احد من الناس ، فأخذت هاجر عليها السلام تبحث في مكة عن ماء أو رزق أو أي إنسان يغيثها قبل أن يفتك الجوع والعطش بها وبصغيرها ، فوجدت الصفا اقرب جبل في الأرض يليها ، فقامت عليه ثم استقبلت الوادي تنظر هل ترى احداً ، فلم تر احداً ، فهبطت من الصفا حتى إذا بلغت الوادي رفعت طرف درعها ثم سعت سعي الإنسان المجهود حتى جاوزت الوادي ، ثم أتت جبل المروة فقامت على الجبل ، فنظرت هل ترى احداً فلم تر احداً فرجعت إلى الصفا من جديد ، ثم مره أخرى إلى المروة ، واخذت تسعى بين الصفا والمروة لسبع مرات دون أن ترى احداً ، وبعد ذلك سمعت صوتاً ، فذهبت إلى موضع الصوت فوجدت الملك يخرج لها الماء من بين صخور مكة الصماء ، فشربت وأرضعت وليدها ، واخذت تحوض الماء وتغرف منه ، فكونت بذلك (بئر زمزم) رمز الحياة الأولى في مكة …
الجميل في قصة السيدة هاجر عليها السلام انها وبالرغم من وجودها وحيدة مع رضيعها في ذلك الوادي الصخري ، لم تسلم نفسها لتكون ضحية لليأس ، بل العكس كانت مؤمنة بأن الله سبحانه وتعالى لن يضيعها ، وبالرغم من وجود هذا الايمان في قلبها لم تقف مكتوفة الايدي تنتظر فرج الله سبحانه ، فل أخذت تسعى بكل ما أوتيت من قوة للبحث عن الحياة بين الصفا والمروة ، وبالرغم من ادراكها من المحاولة الأولى أنه لا يبدو في الأفق أي مظهر من مظاهر الحياة ، استمرت في سعيها ولم تتوقف ، وكررت المحاولة ، ليس لمرة أو مرتين ، بل لسبع مرات متتالية ، وبعد هذه المحاولات المستمرة التي ربما لو رآها بعض الناس تقوم بها لظنوا انها محاولات عبثية لا جدوى منها ، جاءها الفرج ، والجميل أن الفرج جاءها بعد ذلك بطريقة اسهل واعظم مما كانت تتوقع !.
نعم انها المثابرة ، فالمثابرة هي أساس نجاح الإنسان ، والناجحون في كافة المجالات ما هم سوى اشخاص مثابرون لا يتوقفون عن السعي وراء تحقيق احلامهم ، ولا ييأسون من أول فشل يعترضهم ، بل يستمرون في محاولاتهم المتكررة دون كلل أو ملل ، هؤلاء هم فقط الذين يصلون في نهاية الامر إلى أهدافهم ، بينما يفشل كثير غيرهم ، ليس لأنهم اقل ذكاء أو قوة منهم بل لأنهم افتقدوا لمعنى الاستمرارية والبقاء ، افتقدوا لمعنى المثابرة .
فلا تكن من الأشخاص الذين ينتظرون حدوث معجزة ، بل كن أنت المعجزة فكلما رأيت نفسك في الصورة التي تحب أن تصبح عليها ، وكلما تصرفت كما لو أن ما تريده موجود بالفعل ، فستقوم بتفعيل تلك القوى الخاصة التي ستتعاون معك لتحول حلمك واقعاً .
محمود ياسين