مطارق الحنين!!
تاريخ النشر: 05/08/21 | 18:11د.شكري الهزَّيل
لم يكن يدور بخلدي يوما ان تضرب الاسوار اطنابها حول قلمي وتحاصر وجداني وكأنها مخالب غُرست في ذاكرتي مارست وتمارس النهب المنظم والسطو المبرمج على يومياتي الواقعة في اسر الحنين الى واقع وحاضر كله وجله وطن, تسربت فحواة وكأنها بقع زيت مسكوب اخذة بالتوسع في دوائر سلاسل قَّيد مفروض على دروب حرية صارت اسيرة ٌ كلمات ضاعت حروفها وتاهت معانيها في دروب التيه وفي تلك المسافات المعطلة بين انسانية الانسان وغربة المكان وصحراء العقول وغابات الحجارة المزخرفة وذاك السخام الذي يلبس ثوب من رخام وذاك الانسان الجالس على مروج ويقطن داخل صندوق لا يبرحه ولا يتركه خوفا من مجهول مساحات المروج الشاسعة والواحات العامرة بعمار العقول وشموخ نخيلها الشامخ الصاعد نحو الافق البعيد وما بعد الافق حين تَغرب الشمس تارة وتُشرق تارة اخرى متوهجة بوهج حبال الفجر القادم من فوهة عتمة الليل مبددا الظلام وباعثا الحياة والامل في روح باعة الرصيف وعابري الطرق والسبيل…
في هذا الصباح انطلقت حناجر عصافير المدينة والريف لتغرد لمجئ النور.. تغريد يتناغم بنغم يروي عطش الارواح العطشى لدندنة دلعونية اخذة في الصعود الى اذان المكان والانسان وهذا الزخم البشري المتصاعد كل في اتجاهة وطريقة الى عنوانة وهدفة المنشود والموعود..ان كنت تعرف او لا تعرف..ليست كل ارض تستحق الحياة ولا على كل ارض ما يستحق الحياة ولا في كل وطن ما يستحق العطاء والبقاء على متراس ارض جرداء تحتل اجواءها الغربان السوداء وذاك النعيق والزعيق اللذي يصم اذان الوطن عن نداءات ابناءه وبناته..كيف تتغنى بهذا الوطن والبكم والصم في ازدياد والجغرافيا والديموغرافيا تتقلص وانت ما زلت تقبض على جمر اخر الشعارات وتطلق اخر النداءت: انقذوا الوطن من جور اهله قبل ظلم اعداءه…جور على جور وظلم على ظلم صاعد يناطح ناطحات السحاب.. ناطح نطاحك فإما ان تكون ناطحا او منطوح فمن علمك النطاح سوا هذا الناطح الناكر لوجودك والمعتدي على حدودك… بين الحدود والوجود تشكلت معادلة الناطح والمنطوح والسدر المسدوح على وجه الارض يلقي بظله وظلاله ويشهق الشهيق الاخير قبل ان تغتاله اسنان جرافة غاشمة.. هل للجرافات عقول وقوانين تردعها قبل ان ترتكب جريمتها.. لا شيء… سائقها يملك كل القوانين جاهزة على طبق من فضة من بينها تحويل المناطق الخضراء الى جرداء.. على هذة الشرفة ما يستحق المشاهدة..كمنكَّر يطارد فتى يمتطي صهوة جوادة.. صهوة.. جمحة فيسقط الفتى من على ظهر جوادة بعد ان كبح هذا الاخير سرعته الفائقة في لحظة فارقة توقف فيها الجواد وطار الفتى الى سطح واجهة الكمنكر المضرع بالدم…الاخبار: مات الفتى في حادثة حصان وطار الكمنكر من الخبر.. تبخَّر..!!
كان قد حَّملني في ذاك الزمن البعيد القريب رسالة الى قريب يحثه فيها على الثبات والصمود امام العواصف والبراكين اللتي تقصف اعمدة وجدانه وتعصف بمقومات صمودة المتصدع امام هذا الزخمم الهائل من الحمم.. تعدى الامر الجلوس على فوهة بركان فتحَّول الى هجوم المنصهرون على الصارمون مع ذاتهم والقابضون على حمم البراكين من اجل وطن معلق على مخالب احتلال غاشم وعلى السنة رماح من خانتهم ذاكرتهم وانصهروا في صفوف اعداءهم ليضربون شعبهم بكل اشكال الخيانات والتبريرات المشينه..يا صديقي المعلق على ريشة طاووس نافق فانت بعرضك وطولك في ميزان الوطن اخَّف من وزن ريشة وانت تلك الحروف المبعثرة بلا معنى ولا فحوى ..مجرد كيان منصهر داخل كيان فلا كل الكيانات كيانات ولا كل كيان له طراف يحمل مقومات انسان ولا كل من يحمل اسم ” عربي” هو عربي ولا كل من يقول ” فلسطيني” هو فلسطيني..
لا يولد الانسان وطنيا لا بل يصبح وطنيا ولا يولد الانسان انسانا لا بل يصبح بكمال رشدة وكمال عقله انسانا سليل تجربتة وبيئتة, فاي تجربة هذة واي بوصلة ” صحيحة” هذة التي لا تشير الى دروب ومسالك الوطن؟ واي هوية هذة التي لا تحمل اسمك وتُحملك مسؤولية الوطن التي دببت اول خطواتك على ترابة ومن هذا الاخير نعمت بنعمة فاكهة ام الفواكة بانك ابن فلسطين السليبه فهل يعقل ان تدير لها ظهرك وتهرول لتقتات على فتات صحون اعداء شعبك؟!..
نعم نحن الجيفاريون والكنفانيون ليست ” غزلان تذهب لتموت بين اهلها لا بل صقور لا يهمها اين تموت”.. تموت وتعيش في الوطن والمنافي تحمل الوطن رغم قَّصفها وجلدها بمطارق الحنين الى فلسطين وهي في وسطها او خارج جغرافيتها… حلم يا سيدي الهارب واسيادي وسيداتي الهاربون من تفاهة طروحاتكم الى فتات ” رفاهية” اعداءكم.. حلم نقف على متراسة شامخون بهامات وقامات لا تقاس مقاماتها بمركبة فارهة وبيت فارع فارغ من كل روائح الوطن..لا تزرعوا تيننا ولا زيتوننا في باحات واحواش بيوتكم فهذا التين لنا والتراب لنا والزيتون هويتنا فلا تسرقوا هويتنا وترابنا كما يحاول اسيادكم منذ عقود دون جدوى..لا تاكلوا اكلنا ولا تشربوا مشروباتنا.. انتم الذين حرقتم ثوبكم مع ثوب عدو شعبكم ,اشربوا نخب هزيمتكم وبَّلطوا البحر واشربوا ما تبقى من مياة البحر الميت واذا لم ترووا عطشكم فدونكم مياة المتوسط..
..شئ ثابت وراسخ ندركة ولا تدركوه وهو ان كل مياة بحار الدنيا لن تُطهر نجَّس خائن تقمص قميص عدوة ولغة عدوه وصار كلب نهاش ينهش لحم شعبه.. ان نكون جيفاريون وكنفانيون واقفون مع شعبنا فهذا فخر لنا وللوطن, لكن من العار كل العار ان نكون من رواد المساجد ونخُون الدين والوطن ونجترح ” الايات ” والتبريرات حتى نُبرر ونُمرر نهج الخيانات وما اكثرها بين “الرواد” وما اقلها في صفوف الجذريون المتجذرون بجذور تضرب في اعماق اعماق الوطن…*على طاولتي العتيقة اقلام كثيرة قديمة ومعطلة لكني احتفظ بها واحاول ترميمها لانها كتبت ودونَّت حكاية وطن ومسيرات ابطال عَّمدت الوطن بالدم والثبات وكانت وما زالت الحبر الاعظم المسكوب على صفحات شرف الوطن.. تشريف وتكريم لقلم خط حكاية وطن في حين مارس فية البعض حياة صنم ياكل ويشرب في زريبة الاحتلال والاذلال.. بين القلم الناطق والصنم الصامت عوالم لا تلتقي.. عالم يحمل سمات وصفات الغاصب, عالم ليس لنا ولا يمثلنا لا في الشاردة ولا في الواردة ولا يشاركنا حتى في احلام نومنا..ان حلمت ي باحلام خائن فلا تنسى ان تَّرجمة بحجارة الوطن حتى لوكنت في السبات السابع..!!
لا تقنعوننا لا بالواقعية ولا بالعدمية ولا بالانتهازية فاما ان تكون في صف الوطن او تعيش في جحيم خيانته.. على هذة الارض اكثر من حياه وعلى هذة الكرة الارضية ملايين الارواح المتعلقة بهذه الارض..هذة الملايين تستحق الحياة وتستحق الاحترام والتقدير لانها لم تنسى ارض امها ومسقط راس اجدادها حتى لو ولدت في بلاد الهند والسند فيما هذا التافه نسي كونه موجود على ارض فلسطين…لا انت ي ولا اسراويلك ولا عزراييلك باقون ولا حتى عماراتكم وشوارعكم.. كلكم وجلكم بمشتقاتكم و متبلون بكل توابلكم عابرون, فيما نحن باقون حتى ما بعد بعد بقاء الزعتر والزيتون…
نعم..تفاهة رفاهيتك لا تقنعنا وسطحية وجودك لا تغرقنا في دلو ماء ولا تجعلنا نسبح على ماء بعمق شبر..خذ مقاسها بالفتر والشبر والمتر والكيلومترات وكل المسافات وعرض وطول القارات, نحن لن ولم نكن سوا ملحها وطعمها.. الطُعم لكم والطَّعم لنا..في القلب طاقة لمزيد من النبض وفي العقل نبراس يضئ دروب الوطن فيما انتم في دروب التيه و ظلمة الضيم مُتكورون.. بين جنان الوطن ومساحات علب السردين فروقات شاسعه.. ايها المعلَّبون في علبة سردين والمختباوون في طيات ” الدين” فتوانا اقوى من فتواكم وطَّرحنا سرح شامخ فيما عقولكم اكوام من حجارة صماء..*بين السهول والمروج الفارعة وبين غابات الحجارة ايضا يوجد فروق شاسعة… نحن صندوق ذاكرة وطن فيما انتم كلكم وجلكم ذاكرة مشوهة.. نعم تَّطرُّقنا مطارق الحنين لفلسطين ونحن نتوسطها لكننا لا نقتات من فتات ما تتركة بساطير الاحتلال ونزعَّم رفاهية الحياة.. فاما ان نكون او لا نكون واليقين كل اليقين ان كل مطارق الدنيا ومخرجات الاحتلال لن تقصم ظهرنا ولن تمحو تاريخنا.. كانت تسمى فلسطين.. صارتْ ..تسمى فلسطين. سيدتي: أستحق، لأنك سيدتي، أستحق الحياة..*م.درويش… عَلَى هَذِهِ الأرْضِ مَا يَسْتَحِقُّ الحَيَاةْ: عَلَى هَذِهِ الأرضِ سَيَّدَةُ..الأُرْضِ، أُمُّ البِدَايَاتِ أُمَّ النِّهَايَاتِ. كَانَتْ تُسَمَّى فِلِسْطِين. صَارَتْ تُسَمَّى فلسْطِين. سَيِّدَتي: أَستحِقُّ، لأنَّكِ سيِّدَتِي، أَسْتَحِقُّ الحَيَاةْ… **نعم: نحن نستحق الحياة والبقاء الخالد على تراب ووطن اب كل الاوطان.. باقون…اذا لم يعجبكم الامر: فاشربوا البحر المالح والتهموا طينه وبلطوا البحر المتوسط.. تحية لامهات الشهداء وتحية لابطال الوطن القاطنون فوق ارضة وجوف ترابة.. رنين اوتار قلم تعزف لحن وطن…بينما الاصنام في صُنمهم يصنمون.. بين نبض القلم وصمت الصنم ومطارق الحنين…تحية لكم اينما كنتم وطنا ومهجرا وعبر القارات…تحية خاصة للمقد سيين المرابطون في سلوان والشيخ جراح واكناف بيت المقدس.. تحية الفخر والصمود ل غزة هاشم وكل اكنافها.. تحية للشعب الفلسطيني وطنا ومهجرا وللشعوب العربية بيت بيت وما ضاع حق ووراءه مطالب..!!