أمريكا تستتسلم للجهاديين.. وبانتظار مواجهة صعبة مع روسيا والصين- بقلم: أحمد حازم
تاريخ النشر: 27/08/21 | 15:00“الجهاد” الذي تسميه الولايات المتحدة “الإرهاب” كان العدو الرئيس للولايات المتحدة طوال عشرين عاماً في أفغانستان. والآن وبعد انسحاب القوات الأمريكية من هذا البلد المسلم وبصورة مذلة، تطوي واشنطن صفحة “الجهاديين” ليست لأنها انتصرت عليهم، بل على العكس من ذلك لأن هؤلاء الذين كانت واشنطن تسميهم “ارهابيون” دحروا أكبر قوة في العالم، وانتصروا عليها.
الولايات المتحدة كانت تعتبر نفسها أكبر قوة في العالم ولا يستطيع أحد توجيه ضربة لها، بمعنى أنها بمنأى عن أي ضربة، أي لا تستطيع أي جهة ضربها أو حتى مواجهتها. ولم تتعلم واشنطن مما حصل لها في فيتنام وظلت هذه العقدة تتملكها، حتى دقت ساعة الصفر في الحادي عشر من شهر سبتمبر/أيلول عام 2001 عندما تعرضت الولايات المتحدة لتفجير البرجين واعتبرتها كارثة بكل معنى الكلمة، الأمر الذي أدى إلى كسر هيبة الولايات المتحدة عالمياً. ومن وقتها أعلنت واشنطن ومعها دول أخرى الحرب على الإرهاب، وكان تنظيم “القاعدة” في أفغانستان المتهم بتدبير عملية تفجير البرجين.
منذ تلك الحقبة الزمنية وجدت الولايات المتحدة نفسها في حرب مع “الإرهاب” ظلت تأكل فيها حتى انسحابها من أفغانسنان.. حصيلة الحرب الأمريكية على ما تسميه واشنطن “الارهاب” أسفرت عن قتل أكثر من 800 ألف شخص مع دفع المدنيين الثمن باهظاً، وكلفت الولايات المتحدة 6400 مليار دولار، حسب دراسة نشرتها نهاية 2019 جامعة براون، وبالرغم من ذلك فإن الولايات المتحدة لم تحقق أي شيء. بل على العكس من ذلك فإن عدد الجهاديين في العالم اليوم أكثر بثلاث مرات عن عددهم في 2001 بحسب تقديرات عرضها إيلي تينيباوم الخبير الأمريكي في شؤون الإرهاب.
حسابات الحقل لم تكن مثل حسابات البيدر في الأجندة السياسية للرئيس الأمريكي بايدن، بمعنى أن الرياح لم تجر في أفغانستان كما اشتهتتها السفن الأمريكية. فالرئيس الأمريكي بايدن كان في نيته الانسحاب من أفغانستان بشكل تدريجي في الذكرى العشرين لهجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول، لكن هذه الخطة لم تنفذ حسب “وصفة” بايدن. ولكن هل انتهت جولة الولايات المتحدة في مواجهة “الجهاديين” أم أن هناك شبح آخر يلوح في الأفق؟ يقول الخبير الأمريكي إيلي تينيباوم الذي شارك في تأليف كتاب مكرس لهذه الحرب: “نصل اليوم إلى نهاية هذه الجولة الاستراتيجية ونطوي صفحة كان فيها الجهاد العالمي العدو المعلن الوحيد”.
أما الخبير الأمريكي، مارك غرين مدير معهد الأبحاث “ويلسون سنتر” فله رأي آخر. إذ يقول: “قد نكون وصلنا إلى نهاية حقبة، إلا أن هذه المنطقة من العالم مرشحة مجدداً لاستقبال متطرفين عنيفين جداً”. ولكن هل يعني هذا أن الولايات المتحدة ترتكب خطأ بسحب كافة قواتها من أفغانستان؟ بالنسبة للخبير غرين فإن الانسحاب الكامل لم يكن حلاً صائبا، الخبير غرين، الذي كان المسؤول السابق عن مساعدات التنمية الأمريكية يرى: “أنه كان من الأفضل إبقاء 2500 جندي أمريكي في أفغانستان للمحافظة على المكتسبات”. ولكن عن أي مكتسبات يتحدث هذا الأمريكي؟ هل هي مكتسبات للشعب الأفغاني فبالتأكيد لا.
السفير الأمريكي السابق لدى الأمم المتحدة جون بولتون الذي كان لفترة وجيزة مستشار ترامب للأمن القومي صب جام غضبه على الرئيس الأمريكي بايدن بسبب قرار الانسحاب، ويرى أن الوجود الأمريكي في أفغانستان:”هو بوليصة تأمين تقينا من 11 أيلول/سبتمبر جديد”.
الرئيس الأمريكي بايدن على قناعة تامة بأن انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان هو أمر إيجابي، لوجود أمور أخرى أكثر أهمية للإدارة الأمريكية من البقاء في أفغانستان. ففي معرض تبريره للانسحاب أشار بايدن إلى أن “على الولايات المتحدة أن تحول مواردها لاستثمارها في منافسة استراتيجيين مثل الصين و روسيا “.
ويرى محللون سياسيون، أن إدارة بايدن تعتبر الصين “التحدي الجيوسياسي الأكبر في القرن الحادي والعشرين وليس مكافحة الإرهاب، وأننا ننحرف باتجاه حرب باردة جديدة مع الصين”. إذاً المواجهة الأمريكية المقبلة هي مع الصين وروسيا ولا أح يعرف كيق ستكون وكيف سنكون نتائجها، وهل ستبقى في إطار معين أم ستخرج إلى أبعد من ذلك؟