الحرية للأسيرة أنهار الديك ومولودها المنتظر
تاريخ النشر: 31/08/21 | 5:56* المحامي علي أبوهلال
ظروف الاعتقال في سجون الاحتلال الإسرائيلي قاسية وصعبة جدا، حيث يتعرض الأسرى والأسيرات إلى التعذيب الجسدي والنفسي والمعنوي، ولا تتوفر في السجون الرعاية الصحية الملائمة، حيث فقد العديد من الأسرى المرضى حياتهم واستشهدوا بسبب سياسية الإهمال الطبي التي تمارس بحقهم من قبل سلطات السجون، فكيف يكون حال الأسيرات وخاصة الحوامل اللواتي يتوقع ولادتهن داخل السجن، كما هو حال الأسيرة أنهار الديك.
تقترب الأسيرة الفلسطينية أنهار الديك (25 عاما) من وضع حملها داخل السجن، وبعثت رسالة مؤثرة، تشكو فيها آلام الأسر، وتكشف عن مخاوفها من الولادة في ظروف غير طبيعية وغير إنسانية أبدا.
أنهار، أمٌ لطفلة اسمها جوليا، دخلت الشهر التاسع من الحمل، وقد تداهمها آلام المخاض في أية لحظة. تعاني الأسيرة من اكتئاب حمل (ثنائي القطب)، وتحتاج لاهتمام ورعاية طبية خاصة، بالطبع لا تتوفر في سجون الاحتلال.
اعتقلت قوات الاحتلال، أنهار، من بلدة كفر نعمة غربي رام الله، في شهر مارس/ آذار الماضي، وهي حامل في شهرها الرابع. وقالت الأسيرة أنهار أثناء لقاء محامية هيئة شؤون الأسرى والمحررين إن “السجن غير مهيأ للولادة وتربية الطفل، فظروف المعتقل سيئة للغاية، وسوف يصاب الطفل بالصرع، نتيجة العدّ والتفتيشات، ودق الشبابيك، عدا عن حالات الطوارئ، ونحن الكبار نخاف فكيف لطفل يولد ويُربّى داخل المعتقل؟”.
ليست آلام الأسر والحمل وحدها التي تفتك بجسد أنهار، فآلام الفراق والاشتياق أشد وأقسى، وقد عبّرت عنها في رسالة مؤلمة بعثتها من سجن الدامون قبل أيام قليلة، كاشفة عن وجعها وخوفها من الولادة بالسجن. وقالت في رسالتها: “شو أعمل إذا ولدت بعيد عنكم وتكلبشت وأنا أولد وإنتوا عارفين شو الولادة القيصرية بره! كيف بالسجن وأنا مكلبش لحالي… آآخ يا رب طمعان في رحمتك… أنا كثير تعبانة وصابني آلام حادة في الحوض ووجع قوي في اجري نتيجة النوم على “البرش” مش عارفة كيف بدي أنام عليه بعد العملية … وكيف بدي أخطو خطواتي الأولى بعد العملية وكيف السجانة تمسك إيدي باشمئزاز”وأضافت “لسا بدهم يحطوني في العزل أنا وإبني ويا ويل قلبي عليه عشان الكورونا … مش عارف كيف راح أقدر أدير بالي عليه وأحميه من أصواتهم المخيفة وقد ما كانت أمه قويه راح تضعف قدام اللي بعملوه فيها وفي باقي الأسيرات. وقالت: طالبوا كل حر وشريف بغار على عرضه وشرفه بأن يتحرك ولو بكلمة… خطية هالولد في رقبة كل واحد مسؤول وقادر يساعد وما بساعد”.
لقيت رسالة الأسيرة أنهار صدى واسع لدي العديد من المؤسسات الحقوقية الفلسطينية والدولية، ولدى أوساط واسعة من فئات شعبنا، وأكد إبراهيم خريشة مندوب فلسطين في مجلس حقوق الانسان توجيه رسائل الى المقررين الخاصين بلجنة حقوق الانسان، والى اللجنة الدولية للصليب الأحمر لإطلاق سراحها، مؤكدا وجود 12 أما في سجون الاحتلال، موضحا وجود تحرك ضمن المجموعة العربية لإطلاق سراح الأسيرات من السجون. وأطلق نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي حملة إلكترونية للمطالبة بالإفراج عن الأسيرة الفلسطينية، أنهار الديك، وطالبت هيئة شؤون الأسرى والمحررين بضرورة الإفراج عنها كونها حامل.
تفيد المؤسسات الفلسطينية المعنية بشؤون الأسرى أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تعتقل (11) أمًّا فلسطينية في سجونها من أصل (40) أسيرة يقبعن في سجن “الدامون”، حيث يعانين من تعذيب جسدي ونفسي بسبب حرمانهن من رؤية أبنائهن سوى لدقائق معدودة جدا، وبعضهن مرّ عليهن سنوات دون رؤية الأبناء، بالإضافة إلى سياسة الإهمال الطبي التي تمارس بحقهن. وتحرم إدارة سجون الاحتلال تحرم أطفال وأبناء الأسيرات الأمهات من الزيارات المفتوحة، ومن تمكينهن من احتضان أطفالهن وأبنائهن.
تأمل الأسيرة أنهار الديك أن يستجاب لندائها ولرسالتها للإفراج عنها قبل موعد ولادتها، حيث دخلت شهرها التاسع وهي حامل، ومن المنتظر ولادتها في أي لحظة، ومن هنا ندعو جميع المنظمات الحقوقية كافة، في الوطن وفي الخارج، وجميع أحرار العالم إلى التحرك العاجل وممارسة الضغط على حكومة الاحتلال، من أجل إطلاق سراحها فورا، وإنقاذ حياتها وحياة مولودها من الخطر الذي يحيط بهما في السجن، كما أدعو كل النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، إلى تكثيف الحملة الإلكترونية للمطالبة بإطلاق سرحها فورا، قبل أن يحيط الخطر بها وبمولودها، فالأسيرة أنهار الديك تستشعر الخطر الذي بات يهدد حياتها وحياة مولودها في كل لحظة، حيث يزداد هذا الخطر كلما اقترب موعد الولادة، وما بعد الولادة بسبب سياسة الإهمال الطبي التي تمارسها سلطات السجون، والتي أدت إلى وفاة واستشهاد عدد كبير من الأسرى والأسيرات.
ان حياة الأسيرة أنهار الديك وحياة مولودها المنتظر في خطر وشيك وداهم، وعلينا تكثيف حملة الضغط على حكومة الاحتلال بكل الوسائل القانونية والحقوقية، وهذا حق لها يكفله القانون الدولي الإنساني، ومبادئ حقوق الانسان، من أجل وقف وإنهاء هذا الخطر الذي يهدد حياتهما في كل لحظة، فهل تنجح هذه الجهود في إنقاذ حياة الأسيرة ومولودها، ليعيشا بأمن وسلامة وفي ظل ظروف صحية وإنسانية وطبيعية بعيدا عن السجن وفي كنف ورعاية العائلة التي تنتابها وتحيط بها نفس مشاعر الخوف والقلق أيضا.
محام ومحاضر جامعي في القانون ال