“العرب الجيدون” أوشوا بالهاربين- بقلم: احمد حازم
تاريخ النشر: 11/09/21 | 13:48الآلاف من رجال الشرطة والوحدات الخاصة والمروحيات والمسيرات يبحثون منذ خمسة أيام بنهارها وليلها عن السجناء الستة الفارين من سجن جلبوع المسمى (الخزنة) لكن دون جدوى. وفجأة انتشر خبر إلقاء القبض على إثنين منهم، وهما يعقوب قادري ومحمود عارضة، وبعد ساعات ألقت الشرطة اقبض على إثنين آخرين، وهما زكريا الزبيدي ومحمد عارضة وأصبح بذلك أربعة أسرى هاربين بقبضة الشرطة الإسرائيلية، ولا يزال إثنان منهم فارين.
لو أمعنا النظر في الصياغة التي استخدمتها الشرطة في القبض على الأربعة، لتبين لنا أن كل هذه القوة التي تم استخدامها للبحث عن الفارين فشلت في إلقاء القبض عليهم. فماذا قالت الشرطة؟ قالت بكل وضوح:”أنها اعتقلت الأسيرين عارضة وقادري في منطقة جبل القفزة بعد تلقيها بلاغاً من قبل أحد المواطنين. وجاء في بيان للشرطة، أنها اعتقلت اثنين من الأسرى الستة في منطقة جبل القفزة في أطراف مدينة الناصرة .
وفيما يتعلق بإلقاء القبض على الإثنين الآخرين زكريا الزبيدي ومحمد عارضة، قالت الشرطة أيضاً:” أن معلومات استخبارية، وصلت الشرطة، تشي بمكان اختباء الأسيرين، قبل اعتقالهما”. وكانت الشرطة قد اعتقلت السجناء الإثنين قرب بلدة الشبلي – أم الغنم في مرج ابن عامر حيث كانا يختبئان في حقل زيتون ملاصق لموقف شاحنات في منطقة أم الغنم بالقرب من جبل الطور؛ وحصل ذلك بعد ساعات من إلقاء القبض على الأسيرين محمود عارضة ويعقوب قادري.
الموقع الإلكتروني لصحيفة “يديعوت أحرونوت” ذكر أن اعتقال الأسيرين الزبيدي وعارضة جاء بعد أن قام آلاف من عناصر الشرطة من لواء الشمال بعملية البحث عن الأسيرين، بمشاركة قوات من حرس الحدود ووحدة الـ”يمام” الخاصة.
الأمر الملاحظ هنا وفي تقارير الشرطة، أنه لولا “مساعدة عرب جيدون” لما تمكنت كل هذه القوات الإسرائيلية التي تم استخدامها من أجل العثور على اى السجناء الذين ألقت الشرطة القبض عليهم. إذاً لا يزال بيننا في المجتمع العربي من هو “مخلص؟!” للدولة العبرية بمعنى أنه “عربي جيد”.
نصوروا أن “أنثى فيسبوكية” عربية المنشأ وعبرية اللغة والأخلاق والضمير قالت في بوست لها:” نحن لنا ثقة كبيرة في جيشنا”. وهل يوجد وفاء أكثر من هذا؟ فعلاً انها “عربية أكثر من جيدة”.
هناك أناس يلفظون حرق (ثاء) (سين) يعني بدل أن يقولوا (إثنان) يقولون (إسنان) وبدل أن يقولوا (يبحثون) يقولوا (يبحسون). ولذلك يقول العرب الجيدون ” رفاق هذه العربية الجيدة المخلصة لجيشها “كثّر ّ الله أمثالك” وبلغة الدلع الإعوجاجي :” كسّر الله أمثالك”.
إذاً مصيبتنا ليست فقط في العنصرية الإسرائيلية التي يعيشها المجتمع العربي منذ تأسيس هذه الدولة العبرية، وليس فقط في الإهمال الواضح لمدننا وقرانا العربية، بل وأيضا في وجود أناس بيننا يفضلون تقديم كل دعم وخدمة لـ”أجهزة معنية” ضاربين بعرض الحائط كافة الأمور الأخلاقية. وهؤلاء هم بنظر “شلومو” و “ديفيد” و”إلياهو” عرب جيدون .
إن عملية إلقاء القبض على السجناء الهاربين المطاردين كان شيئاً متوقعاً وهو أمر طبيعي، إذ أن احتمال لإختباء في مساحة صغيرة نسبيا داخل إسرائيل لوقت طويل أمر صعب للغاية في ظل وضع المنطقة تحت مراقبة أمنية شديدة لا مثيل لها في تاريخ إسرائيل. لكن من جهة ثانية فإن عملية التخطيط والهروب ورغم كل شيء، تبقى العملية التي مرغت كبرياء إسرائيل بالوحل ويبقى السادس من أيلول/سبنمبر وصمة عار على جبين الأجهزة الأمنية. صحيح أن الزبيدي ورفاقه الثلاثة عادوا إلى السجن المؤبد، لكن “الحفرة” في سجن جلبوع ستظل أيضاً تحت حكم “المؤبد” محفورة في رؤوس كبار المسؤولين في مصلحة السجون وكبار ضباط الأجهزة الأمنية.
السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا لم تقم الشرطة الإسرائيلية بواجباتها كاملة وبصورة واسعة في البحث عن المجرمين والقتلة في المجتمع العربي، مثلما قامت بواجبها في البحث عن السجناء الهاربين؟ ولماذا لم تستخدم “الكلاب الحيوانية والبشرية” في الوصول إلى القتلة المنتشرين في المجتمع العربي مثلما استخدمتهم في الحث عن الزبيدي ورفاقه؟ سؤال موجه أيضاً لائتلاف منصور عباس وحلفائه.