منصور عباس”يطخ” على الحكومة…ماذا بعد الهجوم ؟ – أحمد حازم
تاريخ النشر: 26/09/21 | 10:18عملية “الطخ” السياسي التي قام بها منصور عباس على الحكومة أول أمس الجمعة، تذكرني برواية “يوليوس قيصر” للأديب الإنكليزي وليام شكسبير، والتي تعتبر من روائع الروايات العالمية. يوليوس قيصر زعيم روما شعر بأن صديقه في الحكم “بروتس” الذي كان قريبا منه يريد إبعاده، رغم أنه أغدق عليه بالمال. فنظر إليه القبصر قائلاً: ” حتى أنت يا بروتس”؟ فأجابه: “إني أحبك لكني أحب روما أكثر”، وما دام الشيء بالشيء يذكر، فلا أستغرب أبداً إذا قال رئيس الحكومة الإسرائيلية بينيت لزميله في الائتلاف الحكومي منصور عباس ” حتى أنت يا منصور” كما قال يوليوس قيصر لزميله “بروتوس”.
لكن الفارق كبير بين بينيت والقيصر، لأن بينيت لم يف بوعوده بينما القيصر فعل ذلك وأكثر من المال لرفيقه في الحكم بروتس، والفارق كبير أيضاً بين عباس وبروتس، ففي الوقت الذي أراد بروتس إبعاد القيصر من أجل روما، فإن عباس توعد بينيت من أجل مآرب أخرى.
الهجوم الذي شنه منصور عباس على رفيقه في الائتلاف الحاكم رئيس الحكومة نفتالي بينيت مبرر، لكنه كسياسي (كما يعتبر نفسه) كان عليه دراسة الواقع بجدية وعمق أكثر في سلوكيات اليمين وكذبه، و نتنياهو كان مثالاً على ذلك. صحيح أنهما أي نتنياهو وبينيت ينتميان لحزبين مختلفين لكن أهذافاً كثيرة تجمعهما في السياسة ولا سيما ضد العرب.
قد يكون السيل قد بلغ الزبى بالنسبة لمنصور عباس، وقد يكون قد تولدت عنده الحاسة السادسة بأن ما وعد به بينيت لن ينفذ، ولذلك بلع حبة من عيار 100mg وأقصد حبة جرأة لكي لا يحاول البعض الإصطياد في مياه عكرة، ومن ثم بق البحصة.
ففي مقابلة له مع القناة العبرية 12 استجمع رئيس القائمة العربية الموحدة عباس قواه وهاجم الحكومة بشكل مفاجيء وهو الذي يدافع عنها وعن بقائها دفاع المستميت. فماذا قال عباس في المقابلة؟ عباس وحسب ما نشره موقع العرب يوم أول أمس الجمعة،اتهم الحكومة بكل وضوح:” بعدم الالتزام بالتعهدات والاتفاقيات، وأن الحكومة تقف أمام مفترق طرق”،
ولكن لماذا لا تنفذ الحكومة قرارات اتخذتها. بمعنى لماذا هذا الخوف من تنفيذ القرارات ؟ هنا يجيب عباس على هذا التساؤل وحسب موقع العرب:” أن الحكومة لا تلتزم بالاتفاقيات خشية من جمهور اليمين الاسرائيلي، وبأتي ذلك على خلفية المحادثات الأخيرة بين عباس وبين الحكومة حول تمرير ميزانية الدولة والذي اشترط عباس التصويت عليها مقابل الاعتراف الفوري بقرى منزوعة الاعتراف في النقب . ولكن لغاية الآن لم يحصل أي شيء رغم مرور ثلاثة أشهر على تشكيل الحكومة.
ما قاله عباس، عالجته في مقالات سابقة في هذا الموقع، وشرحت بإسهاب عن موضوع المماطلة في الاعتراف بقرى ثلاث من القرى المنزوعة الإعتراف، وتحدثت عن الوعود بالميزانيات. والآن يبدو أن عباس اصطدم رأسه بالحقيقة التي أجبرته على قول ما قلناه سابقاً.
إذاً، الخوف من انتقادات اليمين هو الذي يمنع بينيت أو الحكومة من الوفاء بالتزاماتها. فما العمل إذاً يا شيخ منصور؟ أنت تقول ان الحكومة على مفترق طرق. وهذا يعني بالمفهوم السياسي: إما أن تلتزم الحكومة بتنفيذ ما وعدت والبقاء في الائتلاف الحكومي، أو “فرط” الائتلاف بمعنى الانسحاب منه. هكذا نفهم صياغة “مفترق طرق”. إلاّ إذا كان عند عباس تفسير آخر.
على أي حال حكومة بينيت عمرها الآن مائة يوم ولا نزال “مكانك قف” على الصعيد العربي، لا يستطيع بينيت الخداع والكذب طوال فترة رئاسته للمرحلة الأولى من رئاسة الحكومة. هنا يتوقف الأمر على منصور عباس، إذا كان على استعداد لمسايرة بينيت من أجل البقاء في الحكومة التي لم يكن له فيها أي منصب وزاري ولا حتى في منصب نائب وزير قبلوا به، يعني هنا يطبق المثل الفلسطيني على عباس:” إحنا رضينا بالبين والبين ما رضي فينا”.
المشهد الآن حساس جداً. منصور عباس استخدم لغة التهديد والوعيد مع بينيت (إما أو). المهم أن ينفذ عباس ما قاله.لا يوجد أمام بينيت سوى إمكانية من إمكانيتين: إما الرضوخ لمطالب عباس والمقصود هنا البدء فعلياً بتنفيذ مطالب عباس، وإما أن تصبح الحكومة في خبر كان. والمفتاح بيد عباس: فإما أن يفتح الباب ويخرج من “قرف” اليمين وإما أن يبقى غارقاً فيه.