بوتين الروسي الهوية والإسرائيلي الهوى.. علاقات تعتمد على المصالح- بقلم: أحمد حازم

تاريخ النشر: 23/10/21 | 9:19

لحسن حظ رئيس الحكومة الإسرائيلية بينيت Bennett أن هذا الإسم يبتديء بحرف B ولو كان يبتديء بحرف P متل اسم Putin لكان الوضع مضحكاً وساخراً، لأن الثنائي Putin/Bennet سيشكلان مختصر (PP ) وهو مختصر معروف قدم من فرنسا ويعني (التبول). يعني الطفل عندما يريد أن (يعملها) يقول لأمه “ماما بدي بي بي”. وإذا كان بينيت قد نجا من التبول، لكنه لن ينجو من غيره.

على أي حال وصل بينيت أمس الجمعة، إلى مدينة سوتشي الروسية والتقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وإجرى معه محادثات استمرت خمس ساعات بالرغم من أن بوتين كان قد خصص ساعتين فقط للإجتماع. وحسب تصريحات الرئيس الروسي بوتين واستناداً إلى موقع (روسيا اليوم) ،فإن بوتين بحث مع بينت الأوضاع في الشرق الأوسط ومكافحة الإرهاب، وتبادل الإثنان الآراء والمعلومات بشأن تطورات الأوضاع في المنطقة”.

الغريب في الأمر أن بوتين قال، على ذمة الموقع الروسي، ” أنه من المهم لإسرائيل استمرار العلاقات الدبلوماسية مع روسيا”. لكنه لم يفسر معنى ذلك سياسياً، لا سيما وأن هذه العبارة من المفترض أن تكون على لسان الضيف وليس على لسان المضيف، كون بوتين أعطى انطباعاً بتعبيره هذا وكأنه يتحدث باسم إسرائيل. وقد يكون ذلك أيضاً يندرج في إطار مواقف بوتين الداعمة لإسرائيل.

موقع “روسيا اليوم” الإخباري ذكر أمس الجمعة ووفقا لصحيفة،”نيزافيسيمايا غازيتا” الروسية، إن بينيت طالب روسيا بالحد من الأنشطة الإيرانية ومنع طهران من استخدام الأراضي السورية لنواياها التي وصفها “بالعدوانية”. ولكن ماذا لو تجاهلت روسيا هذه الحقيقة؟ عندئذ أفهم بينيت مضيفه الروسي “أن الدولة اليهودية ليست مستعدة لتقبل هذا التطور للأحداث وأن إسرائيل مجبرة على التصرف بشكل مستقل وبالوسائل العسكرية للقضاء على التهديد الإيراني في سوريا”. يعني رسالة تهديد واضحة.

صحيفة “هآرتس” نقلت عن مسؤول إسرائيلي قوله إن الزيارة هدفها الأساسي بناء علاقات وطيدة بين بينيت وبوتين شخصياً، والإيضاح أن تبادل السلطة في إسرائيل لن يضرّ بالعلاقات والتعاون بين البلدين، في إشارة واضحة إلى العلاقات الجيدة القائمة بين بوتين ونتنياهو.

صحيح أن بوتين لم ينكر في مستهل محادثاته مع رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت وجود خلافات مع إسرائيل بشأن سوريا بقوله:” هناك مسائل خلافية بيننا وعددها ليس قليلا، غير أن هناك أيضا نقاط تماس وفرص للتعاون، لاسيما فيما يخص المسائل المتعلقة بمحاربة الإرهاب، وبشكل عام ثمة العديد من المسائل التي يجب علينا مناقشتها”. لكنه من جهة ثانية أشاد بصورة ملفتة للإنتباه ” بمستوى العلاقات بين البلدين، مشيرا إلى وجود مصالح مشتركة بينهما خاصة في الشأن السوري”. يعني هناك مصالح إسرائيلية وروسية تلتقي في نفس الاتجاه. فهل يفم العرب المؤيدين لروسيا معنى هذا القول؟ فإذا لم يفهموه فتلك مصيبة وإذا فهموه “وطنشوا” فالمصية أكبر.

دميتري بيسكوف السكرتير الصحفي للرئيس الروسي بوتين، قال، استناداً إلى موقع “روسيا اليوم” أن المحادثات الأولى بين بوتين وبينيت، كانت “مطوّلة وبناءة وسرية للغاية” لكنه لم يفصح عن “السرية” في المحادثات. والشخص الوحيد غير الضيف والمضيف والذي يعرف بالحرف الواحد عن أسرار لقاء بوتين وبينيت هو وزير الإسكان الإسرائيلي زئيف ألكين الذي رافق بينيت في الزيارة كونه روسي الأصل وكان يقوم بدور المترجم الخاص لبينيت لثقته الكبيرة به.

ويبدو أن بوتين يقدم خدمات متعددة الأوجه لإسرائيل، الأمر الذي دعا بينيت إلى الإعتراف بفضل بوتين على إسرائيل. فقد قال بينيت “إن بوتين خلال العقدين الماضيين قاد عملية تعزيز العلاقات بين الدولتين ونجح في ترقيتها إلى مستواها الحالي، وأنه صديق قريب جدا وحقيقي لإسرائيل”.

فما الذي فعله بوتين حتى يوجه له بينيت كل هذا المديح ويعبر عن تقديره له؟ يجيب بينيت على هذا التساؤل بالقول:” إن روسيا عرّضت جنوداً لها للخطر في البحث عن جنود إسرائيليين مختفين منذ سنوات طويلة”.

لا يوجد سوى تفسير واحد لهذا المديح الإسرائيلي من جانب بينيت لمضيفه بوتين، وهو أن رجل المخابرات الروسية السابق بوتين هو روسي الجنسية والانتماء لكنه إسرائيلي الهوى ويهودي الإحساس رغم شيوعيته السابقة، وما على العرب إلا أن يستفيقوا من سباتهم العميق وينظروا إلى روسيا من منظار الواقع الذي نعيشه وليس من خلال تفكير سطحي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة