سيد الشيعة وبطرك الموارنة في مواجهة….الحرب الأهلية في لبنان بدون نهاية- بقلم: أحمد حازم
تاريخ النشر: 25/10/21 | 14:02ما يجري في لبنان من أحداث أليمة ومؤلمة، ليست جديدة على هذا البلد الذي أطلقوا عليه (سويسرا الشرق). فقد عاش لبنان فترات في الماضي لم تكن أقل إيلاماً مما يعيشه في الوقت الحاضر. فقد تعرض هذا البلد الوحيد في العالم العربي الذي كان يتمتح بالحرية والديمقراطية وحرية الرأي، إلى حرب أهلية في شهر أيار عام 1958 استمرت خمسة شهور. وكانت هذه الحرب بين قوى وطنية وقوى رجعية، وانتهت مخلفة وراءها قتلى وجرحى.
لم يتعلم اللبنانيون من درس عام 1958 رغم أنهم رفعوا شعار “لا غالب ولا مغلوب وكلنا للوطن”. فالغالب لم يقتنع والمغلوب لم يصدق هذا الشعار شأنه شأن الغالب. وظلت القلوب ملآنة وظل الحقد على الآخر ينتقل من جيل إلى آخر حتى العام 1975عندما اندلعت الحرب الأهلية مجدداً في شهر نيسان/أبريل من لك العام، وكان اليمين المسيحي بقيادة (حزب الكتائب) طرفها الرئيس يواجهه القوى الوطنية اللبنانية وقوات الثورة الفلسطينية.
لم تنته الحرب التي استمرت حوالي سنتين، مثل سابقتها في العام 58 بأي شعار، بل تركت وراءها آثاراً لا يزال لبنان يعاني منها حتى اليوم. ورغم ضراوة الحرب والعدد الكبير من القتلى والجرحى والدمار الذي لحق بالعاصمة بيروت ولا سيما وسطها، استمرت الحياة الافتصادية ولم تنقطع الكهرباء ولم تمتليء بيروت بالنفايات ولم يتم نهب أموال المودعين في البنوك كما يحصل الآن.
في العام 1974 تأسست حركة “أمل” اللبنانية على يد السيد موسى الصدر الذي كان حليفاً للفلسطينيين. وكان من بين المؤسسين إيراني يدعى مصطفى شمران، الذي أصبح وزيراً للدفاع في إيران بعد الثورة الإيرانية عام 1979 واستلام الخميني الحكم. وهذا يدل على مدى علاقة هذه الحركة بإيران الخمينية. هنا لا بد من الإشارة إلى أن حسن نصر الله كان عضواً في المكتب السياسي المركزي لحركة أمل. وفيما بعد حصل خلافات داخل قيادات الحركة وحصل انشقاق دعمته إيران نجم عنه تأسيس حزب الله في العام 1982 والذي أصبح حسن نصر الله أمينه العام الثالث منذ السادس عشر من شهر فبراير/شباط عام 1992 وذلك بعد اغتيال اسرائيل لأمينه العام عباس الموسوي في السادس من الشهر نفسه.
اشتباكات مسلحة جرت على عدة مراحل بين حركة أمل وحزب الله امتدت حتى التاسع من تشرين ثاني عام 1990 لكن تدخل سوريا التي كانت مسيطرة في لبنان في تلك الحقبة الزمنية أوقف الصراع. ومنذ ذلك الوقت تغير موقف حركة أمل تجاه الفلسطينيين وأصبحت ضدهم بضغط من سوريا.على كل حال صحيح أن الثنائي الشيعي أصبح متكاتفا بسبب المصالح وحبناءً على الظروف الطائفية، لكن كل له سياساته الخاصة.
المشهد السياسي تغير كلياً في لبنان بعد تأسيس حزب الله في العام 1982 بدعم من إيران. وأصبح الوضع في لبنان واضحاً يعتمد على الطائفية والمذهبية. وعودة الجنرال ميشال عون رئيس التيار الوطني الحر من منفاه في باريس بعد انسحاب كامل للجيش السوري من لبنان في السادس والعشرين من شهر أبريل/نيسان عام 2005 بعد اغتيال رفيق الحريري في 14 آذار /مارس من العام نفسه، نجم عنها ما لم يكن متوقعاً..
المفاجأة التي حصلت، أن الجنرال عون القيادي المسيحي أعلن عن تحالف مع حزب الله في خطوة الأولى من نوعها مسيحياً. وقد استهدف عون ضرب عصفورين في حجر واحد من خلال تحالفه المفاجيء: ضمان عدم تعرضه لأذى من الجانب السوري، وضمان تأييد حزب الله في ترشيحه لرئاسة الدولة. وهذا ما حصل بالفعل.
لكن هذا التحالف الشيعي العوني، أفسح المجال لقوى مسيحية أخرى بالصعود. وعلى سبيل المثال حزب (القوات اللبنانية) اليميني بامتياز والذي خرج من رحم حزب الكتائب، والذي أسسه قاتل محترف اسمه سمير جعجع، والذي أصبح وللأسف الحزب الذي يعقد عليه المسيحيون الأمل في تطلعاتهم، ومدعوم كلياً من الأمريكان وأيضاً من البطرك الراعي المرجعية المسيحية الأعلى للطائقة المارونية في لبنان.
إذاً، نحن أمام معادلة ثنائية: حزب الله بسيده نصر الله، والقوات اللبنانية بزعيمها سمير جعجع. الأول يضم تحت عباءته حركة أمل النصف الثاني للثنائي الشيعي، والثاني تلفه عباءة البطرك الراعي كما تلف معه حاكم مصرف لبنان المركزي الماروني رياض سلامة، الذي دمر السياسة المالية في لبنان بسكوته عن عمليات تهريب الأموال وغض الطرف عما يفعله أمراء الحرب. مواجهة واضحة بين سيد مدعوم علانية من إيران وبين بطرك مدعوم بكل وضوح من الأمريكان، والشعب يعاني من مشاكل كثيرة لا تلوح أي حلول لها في الأفق.