الكنيست سوق عكاظ “المشتركة” و”الموحدة”- بقلم: أحمد حازم
تاريخ النشر: 11/11/21 | 11:58يقول التاريخ ان سوق عكاظ بدأ العمل بها لأول مرة عام 500 ميلادي عندما فكرت قبيلة قريش وهي واحدة من أشهر وأكبر قبائل العرب في ذلك الوقت، في عقد سوق يمكن للعرب التجمع فيها للتجارة وتبادل السلع واختاروا موقعا بين مدينتى مكة المكرمة والطائف المشهورتين كان يطلق عليه اسم “العثدية”، وقد أطلق العرب على السوق اسم عكاظ للاجتماع فيه كل سنة، فيعكظ بعضهم بعضا بالمفاخرة والتناشد: ويقولون فلان يعكظ خصمه أى يمعكه، وقال الليث بن المظفر الكنانى: “سميت عكاظا لأن العرب كانت تجتمع فيها فيعكظ بعضهم بعضا بالمفاخرة والمبارزة بالكلام. صحيح أن هذه السوق كانت في عهد الجاهلية، لكننا نعيش سوقاً في القرن الحادي والعشرين شبيهة بسوق عكاظ. وإذا كان رواد سوق عكاظ القديمة قد تسنى لهم سماع ما يحلو من كلام الأدب، فإن سوق عكاظ الحديث لدى النواب العرب “الكنيست” لا يمت إلى الشعر والأدب بصلة وأكثر الميل إلى قلة الأدب لما نسمعه من مناكفات وتبادل اتهامات.
في كل مرة يتم فيها طرح اقتراح قانون في الكنيست من أحد الخصمين السياسيين المشتركة أو الموحدة، يعارضه الأخر. حتى لو فكر أحدهم باقتراح للتصويت على أن الشمس تشرق من الشرق، فيعترض الخصم الآخر لأن الشمس بالنسبة إليه تشرق من الغرب. هؤلاء هم الذين يمثلون عرب الكنيست بشحمهم ولحمهم.
فبعد مسرحيات التصويت على المثليين وقانون كامنيتس وغيرهما من المسرحيات المخزية إخراجاً وتمثيلاً، يعود إلينا عضو الكنيست أيمن عودة مجدداً باقتراح قانون تأسيس مستشفى في سخنين، والذي ترى فيه “المشتركة” خدمة لأبناء سخنين والمنطقة عرباً ويهوداً، حسب المشتركة. فمدينة سخنين تبعد عنها أقرب مستشفى حوالي أربعين كيلومترا.
الهيئة العامة للكنيست،صادقت أمس الأربعاء، بالقراءة التمهيدية.على مقترح قانون بناء أول مستشفى حكومي في مدينة سخنين، والّذي بادر إليه النائب أيمن عودة رئيس القائمة المشتركة. وصوّت لصالح مشروع القانون 51 نائبًا فيما عارضه 50 آخرون. والصوت الذي ساهم في تمرير الإقتراح هو صوت عضو الكنيست مازن غنايم. نعم، لا داعي للإستغراب ، مازن غنايم عضو “الموحدة” صوت مع مشروع القرار وغرد خارج سر القائمة العربية الموحدة التي صوت باقي أعضاؤها الثلاثة ضد المشروع.
تصويت مازن غنايم بالموافقة ليس حباً بأيمن عودة أو إعجاباً به، بل لأنه بتقديري مجبر على الموافقة لأنه ابن سخنين ولا يعقل أن يصوت ابن مدينة سخنين الذي كان يوما رئيساً لبلديتها أن يصوت ضد مشروع قرار بناء مستشفى في مدينته. إذاً، ما المشكلة لدى الثلاثي الباقي في الموحدة (عياس،،طه وخطيب) لو صوتوا مع الإقتراح؟
تقول “الموحدة” في بيان لها حول كل ما يتعلق بمطلب إقامة المستشفى، ونشره موقع العرب أمس الأربعاء: “قلنا للمشتركة إن اقتراح القانون الذي قدمتموه عشوائي ولم يقدّم بشكل مدروس ومهني، الأمر الذي سيدفع بالجهات المهنية في الوزارة للاعتراض عليه، وبالتالي سيتم إسقاطه في اللجان أو خلال التصويت عليه في القراءتين الثانية والثالثة لأنه غير مدعوم من الائتلاف، وهذا ما سيعيق تقديمه بعد ذلك”.
انتبهوا للصياغة اللئيمة: بما أن الاقتراح غير مدعوم من الائتلاف سيسقط ولن يتم تمريره في القراءتين الثانية والثالثة. يعني “الموحدة” تعرف مسبقا ان الإقتراح لن يمر. ثم تدعي “الموحدة” بأن الاقتراح عشوائي. كيف يعني عشوائي؟ يعني لو أنتم يا موحدة قدمتم الاقتراح (لا سمح الله طبعا) لكان له بنظركم نكهة ثانية. ما هذا الهراء؟ والله عيب عليكم. مشروع قرار يخدم أبناء مجتمعكم وترفضونه؟ وأنتم تدعون بأنكم جئتم لخدمة المجتمع العربي؟ يعني نكاية بالمشتركة رفضتم “طهارة” المشروع وفضلتم ” نجاسة” معارضته. شو هالأخلاق العالية يا (مار) منصور؟
النكتة في بيان الموحدة، انها تتهم المشتركة بشراكة تامة مع نتنياهو. “شوفو مين بحكي”. وأعتقد لو أن كل الناس “حكت بس انت يا منصور خليك ساكت” لأن تاريخك مع نتنياهو لا نزال نشتم رائحته حتى اليوم. صحيح “اللي بستحو ماتو”.
بقي علي القول مجدداً، وعلى أساس “فذكر إن نفعت الذكرى” أني بعيد كلياً عن انتخابات الكنيست والتصويت لها، ولا أزال عند رأيي بعدم قناعتي بها، تماما مثل عدم قناعتي بالتطعيم ضد كوفيد 19. لكني كصحفي عليّ معالجة الأمور التي تتعلق بالمجتمع العربي أيضاً وليس فقط المواضيع المتعلقة بالسياسة العربية والدولية.