الأمور بنتائجها!

تاريخ النشر: 13/11/21 | 7:37

محمد سواعد- ابن الحميرة

عند اشتداد المعارك يثور الغبار، وتشتد صيحات الجنود، وينتشر الخوف ويعمل الإعلام في أوج المعارك على تسويق النصر للطرف الذي يواليه، ولكن ومع بداية انقشاع الغبار تحسم النتيجة ويعرف الرابح من الخاسر في المعركة، ويبدأ كل طرف استعداده لما بعد الحدث، وكذلك كل أحداث الحياة يصعب معرفة نتيجة الحدث في خضم ثورته، ولكن مع انتهاء الحدث يمكن ان ندرك نتائجه، ولكن العاقل يستطيع أن يتنبأ بنتيجة الحدث بناء على المقدمات وقياسا على أحداث مشابهة أو عند القراءة والبحث في سير الأقوام والأمم السابقة، فالله سبحانه أعطانا في كتابه خلاصة سير الحضارات والممالك حنى نعتبر ونتعلم ونتعظ (قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين) (قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين) (لقد كان في قصصهم عبرة)، ولعل الهوى والشهوة والكبر هو ما يمنع الناس كثيرا من التفكر والنظر في نتائج تصرفاتهم وأبعادها، والعرب تقول (من نظر في العواقب أمن النوائب) والله سبحانه ينبهنا إلى أهمية النظر في العواقب ونتائج أفعالنا (قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم) فالمؤمن يدرك أن معصية في الدنيا سوف تكون لها نتائج وعواقب وخيمة في الآخرة لذا فهو يحذر المعاصي ولا يقرب أبوابها، وإذا وقع فيها بادر إلى توبة نصوح يستدرك بها تقصيره.

إن حركة سير الحياة الاجتماعية ما هو إلا نتاج حركة الافراد مجتمعة، والفرد ربما لا يشعر بأثر تصرفاته أو انعكاسها على مجمل الحياة الاجتماعية، ويتصرف بعيدا عن المسؤولية الجماعية أو المصالح العليا للمجتمع لغلبة الهوى والبعد الفردي في حياة الناس وثقافة الفردانية والشخصانية في معاملات الناس، ولو أدرك الأفراد نتائج أفعالهم وانعكاسها على مجمل حركة المجتمع لانضبطت كثير من التصرفات والمواقف.

والمجتمعات عندما تهتم بالحفاظ على ماضيها الناصع وتعمل على ضمان حاضر مشرق ومستقبل ناصع فإنها ينبغي أن تستثمر في بناء الفرد وتنشئته تنشئة إنسانية راقية، واجتماعية تؤمن بالمشاركة والتداخل الفكري والنفسي في حركة بناء سيرورة المجتمع، ثم تعمل هذه المجتمعات على غرس القيم الدينية التي تدعو الى الإيجابية والعمل والمشاركة والتأثير عميقا في نفوس أصحابها ليكون الأفراد سعاة إلى بناء جنة في الأرض يفرحون بها وتزهر بها أرواحهم وقلوبهم وتشرق نفوسهم بها عاليا فيفرحون بهذه الجنة المرحلية ليتنسموا من خلال هذه الجنة المؤقتة عظمة وبركة جنة الاخرة الأبدية السرمدية.

ولعلّ طول طريق الفتن والنكسات والمآسي التي اعترضت طريق الأمة منذ عقود من الزمن قد أثرت في الانسحاب الفكري والاجتماعي للفرد ونسيانه لدوره في الحيّز العام، فانطلق الافراد في المجتمع ليحققوا ذواتهم بعيدا عن الفكر الجماعي مما أدى إلى ظاهرة النجاح الفردي للأفراد والفشل الجماعي، فنحن نعيش اليوم في ظل حالة تراكمية من نجومية الفرد المبدع أينما كان ولكن هذا الفرد المبدع لم يستطع يوما أن يكوّن فريقا حوله، وطريقنا اليوم بعد سلسلة نجاحات فردية أن نستثمر هذه النجاحات الفردية وندرس سبل أصحابها في الوصول إليها لنحقق ذلك قدر المستطاع في بناء نماذج لنجاحات جماعية ومشاريع إصلاحية مجتمعية يعود نفعها وأثرها على المجتمع كله، بل على البشرية جمعاء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة