بدايات الثورة الجزائرية كما يراها لخضر بن طوبال – ترجمة، وتلخيص، وتعليق معمر حبار

تاريخ النشر: 13/12/21 | 13:35

مازال القارىء المتتبّع يواصل قراءة الكتاب، وترجمة فصوله والتّعليق عليها كلّما تطلّب المقام ذلك، في انتظار الانتهاء قراءتها عن قريب.

Daho Djerbal “LAKHDAR BENTOBBAL Mémoires de l’intérieur”, CHIHAB ÉDITIONS, Octobre, 2021, Alger, ALgérie, Contient 401

تحت عنوان: “أزمة MTLD واجتماع مجموعة 22″، يقول المجاهد لخضر بن طوبال رحمة الله عليه:

سعينا لإعادة تنظيم المنظمة السرية بعد تفكيكها.

لم نكن مصاليين، وكنّا ضدّ قيادة حزب MTLD، ولم نكن ضدّ الحزب. ولم نكن نثق في نوايا مصالي بشأن تفجير الثورة، رغم أنّه كان موافقا -من حيث المبدأ- عليها.

أقول: واضح جدّا –حسب قراءتي- أنّ لخضر بن طوبال يختلف مع مصالي الحاج، رحمة الله عليهما. 142

انتقدت القيادة العامة أكثر ممّا انتقدت مصالي. 143

مايشدّني في ديدوش، هو: شجاعته، وكان مخطّط الثورة، ورجل عمل، وقائدا مميّزا، ولم يكن يشبه أحدا في خصاله العظيمة، وحضوره -رفقة بن مهيدي- منحنا الثقة، ولو جاءنا بوضياف بمفرده ماكانت له تلك الثقة. 144

أقول: ينادي الشهيد مصطفى بن بولعيد بـ: “سي مصطفى”. ولم يستعمل هذا اللّقب -لغاية هذه الأسطر، وفيما أتذكر- مع غيره. 146.

أقول: ذكر أسماء مجموعة 22، وهو بهذا يعاتب -ودون أن يفصح- المؤرخين الذين وضعوا أسماء ضمن مجموعة 22، ولم يكونوا ضمن المجموعة. 147

بعد استرجاع السيادة الوطنية، اتّفقت مع “دريش” صاحب البيت الذي أقيم فيه اجتماع 22، وعبد الرزاق بوحارة حين كان رئيس بلدية العاصمة، لتحويلها إلى متحف الثورة. وحين تمّ تقديم الملف لبومدين، رفض التوقيع. كان هدفنا، أنّنا حين نفجّر الثورة الجزائرية، لانتوقّف أبدا. وأنّها نهاية مرحلة، وآخر فرصة للجزائر. 148

أقول: من حين لآخر يتحدّث لخضر بن طوبال عن مرحلة مابعد استرجاع السيادة الوطنية، فيقول مثلا: الشخص الفلاني كان في عهد الثورة الجزائرية أو ماقبلها كذا وكذا، وهو الآن بعد استرجاع السيادة الوطنية كذا، وكذا. 148

كلّ أعضاء 22، والمناضلين كانوا يعرفون قرار تفجير الثورة الجزائرية، لكن بقي اليوم المشهود سرّا. ولم نكن نفرّق بين مصالي، واللّجنة المركزية، ولم يكن من أهدافنا محاكمة أيّ منهما. 149

لم يكن الجيش الفرنسي المحتلّ يمنح الرتب العسكرية العالية للجزائريين المجنّدين ضمن صفوفه، وأعلى رتبة منحها لـ colonel بن داوود. 150

أقول: مازال بن طوبال يعاتب مصالي الحاج على مشاركته في انتخابات 1947، والجزائر على مشارف الثورة الجزائرية. مايدل -في تقديري- أنّ الهوّة بينهما عميقة. وكانوا يكذبون علينا -مصالي-، حين كانوا يقولون لنا أنّ الانتخابات وسيلة للثورة، وفي الحقيقة كان هدفهم من الانتخابات تحت المحتلّ الفرنسي هو الوصول إلى البلديات، والمجالس وليس الثورة. ولم تكن من مهامنا تعليم المناضل كيف يتعامل مع ورقة الانتخابات تحت المحتلّ، وكنّا نعلّمهم ماتعلّمناه في المنظمة السرية، ومن قبل انضمامنا إليها. 151

أقول: يريد أن يقول: أنا ثوري بطبيعتي، ومن قبل المنظمة السرية).

جاء المناضل للاجتماع ليفجّر الثورة، وليس ليسمع كلاما. ولم نكن نفكّر أبدا، بأن لاأحد يتبعنا. ولم نشكّ يوما في ذلك، ولم ذلك في خلدنا أبدا. أتباع مصالي حرّضوا ضدّنا الشعب، وحذّروهم من أن يتبعونا، وقالوا لهم: إنّهم يؤدون بكم إلى الهلاك بدعوتهم للثورة. ولأنّهم فارون لايعرفون ماذا يقولون ويفعلون. وهذا هو المشكل الوحيد الذي كان يصادفنا. . 152

لم نكن نثق في جدية أقوال مصالي حين كان يقول لنا: أنا مع الثورة. وكان يقول الثورة بحاجة لرأس قوي، وتحضير جيّد. وكان بن بولعيد قائدا ناجحا، وكنّا نؤمن به. واستعملت اللّغة الفرنسية في اجتماعات 22 المكلّفة بتفجير الثورة الجزائرية، وقدّم بن بولعيد تقريره باللّغة الفرنسية، التي كان يتقنها جيّدا، واللّغة في مثل هذه الحالات الخطيرة ليست ذات بال. 153

لم تكن في البداية تيزي وزو ممثّلة في اجتماعات 22، ثمّ تمّ إدراجها. وتيزي وزو لم يكن لها أيّ انكسار في نسيجها. 154

أقول: للأمانة: بن طوبال يستعمل مصطلح “القبايل”، وأنا أستعمل اسم “تيزي وزو” .

أقول: يشترك المجاهد لخضر بن طوبال مع الأستاذ مالك بن نبي في النظرة ل: الجمعية، وبن جلول، ومصالي الحاج، وفرحات عباس، واستعمال مصطلح “الزعيم” بين شولتين وإطلاقه على الزعماء كمصالي الحاج، والانتخابات تحت الاحتلال على أنّها عبث، وضحك على الجزائريين).

آخر قرار اتّخذ من طرف مجموعة 22، هو: قبول كريم بلقاسم عضو في المجموعة22 لتفجير الثورة، باعتباره يمثّل تيزي وزو. وتمّ حلّ آخر مشكلة وهي انضمام تيزي وزو للثورة. ولم يبقى غير مشكل الوسائل، والسّلاح، والمال لإعلان الثورة. 155

جمعنا 60.000 فرنك لشراء الأسلحة، ولم يصل منها شيئا. (نفس الكلام جاء ذكره بطريقة أخرى في كتاب آخر[1] . وسب لاحب الأسطر أ تطرّ لفس الوضوع احية الدول العربية[2]

كان النقاش في اجتماع 22 قويا، ولم تكن هناك مجاملة، خاصّة فيما تعلّق بالمبادئ، وأنّ الثّورة لاتتوقّف عند العمل العسكري فقط بل تتعداه. وكنّا نخاف الانشقاقات، ولذلك كنّا نصرّ على أن يبدي كلّ عضو رأيه، وعلانية، وبوضوح. 156

لم يكن زيغود خطيبا، لكنّه كان رجل ميدان. وقال كلمته في الاجتماع: هل أنتم مع الثورة أم لا؟ إذا لم تكونوا متّفقين، فلا داعي لمناقشة النصوص. 156

الثورة بالنسبة لنا، هي: انتفاضة الفلاحين في عمق الجزائر المحرومين، وقد رأيناهم حين كنّا فارين ولجأنا إليهم منذ سنة 1950، وقدّموا لنا كلّ الدّعم. واعتمادنا على المدن كنقطة دعم فقط. (أقول: واضح جدّا أنّ مكوث بن طوبال في القرى والجبال فارّا من المحتلّ أثّر فيه، وفي حبّه لأهل الجبال الذي أطعموه وسقوه وحموه، وجعلّه يتمسّك أكثر بالثّورة، ولا يؤمن بالخطابات السّياسية، وهو ابن الثري ابن المدينة). 157

قلت لزيغود: نعتمد على الشعب، ولا نعتمد على المسؤولين، ولا على الأثرياء. وكلّ يعتمد على نفسه بطريقته. 157

أقول: يعترف لخضر بن طوبال، أنّ من أخطاء الثورة الجزائرية، والمجموعة 22، أنّه وضع رئيسا يترأس المجموعة، وكان علينا أن نبقي المجموعة المكلّفة بتفجير الثورة دون شخصية تترأسها. والاعتراف دال على صدق ماجاء في المذكرات. ومن اعترف بخطإ الماضي لايمكنه إلاّ أن يك ن صادقا. 158

كان دباغين من الداعين للثّورة منذ سنة 1949، وضدّ مصالي الذي اعتبر نفسه القائد الملهم. وكنّا مع أن يكون دباغين على الثورة الجزائرية. 158

لم نكن نعلم أنّ الثّورة تنجب قادتها دون اختيارهم، ولم نعرف هذا إلاّ بعد اندلاع الثورة، والثورة هي التي علّمتنا هذا. (أقول: ولذلك اعتبر -فيما بعد- اختيار قائد للثورة من الأخطاء التي ارتكبت، وظهر هذا العيب بعد 6 أشهر من اندلاعها). 158

يردّ على الأستاذ محمد حربي الذي قال: “كان ينقص مجموعة 22 الثقة فيما بينهم”، والحقيقة: لم نشك يوما في بعضنا بعضا، ولم نكن يوما نعتقد أنّنا سنكون قادة، ولم نسعى لذلك يوما. (أقول: سبق لبن طوبال أن انتقد الأستاذين محفوظ قداش، ومحمد حربي في ثنايا الكتاب، وفي الفصول السّابقة من هذا الكتاب. وكلّ يبدي رأيه، وبما يملك، ويؤمن به، وهذا هو التكامل بين صاحب المذكرات والمؤرخ، ولا تضارب بينهما، وكلّ يكمّل الآخر). 159

يردّ على الأستاذ محمد حربي، الذي قال عن مجموعة 22 : “كانوا يستحون من مواجهة الصحافة”، فيرد: لم نكن نحلم يوما أن نكون ضمن الحكومة، ونحن الذين اخترنا فكرة الموت، ولا نخاف من تحمل مسؤوليتنا. ومجموعة 22 كانوا يخافون أن يفرض عليهم شخص لايعرفونه، ويصدهم عن الثورة. وأقرّ دباغين لبن طوبال أنّه لايثق في بوضياف. 160

أقول: لخضر بن طوبال يستعمل كلمة الموت وليس الاستشهاد.

هدف مجموعة 22، هو: التعجيل بقيام الثورة، وعدم تأخيرها مهما كانت الأسباب، وكنّا نقول: فجّروها، وبعدها نتحدّث عن التّنظيم، ولم نحدّد اليوم الموعود، حتّى أعلنها ديدوش: أنّ تفجير الثورة بعد 3 أشهر من الآن). 161

حين علمنا أنّ الثورة ستنطلق بعد 3 أشهر، قلنا للمناضلين: من له أملاك فليبعها ليموّن عائلته، ومن لديه دَيْنْ فليقضه. (أقول: قضاء الدين، من مظاهر عظمة الثورة الجزائرية، لأنّه مشروع شهيد). ومجموعة 6 هي التي تكفّلت بالمسألة التنظيمية، والتوقيت. وأعلن بوضياف، أنّ المناضلين في الخارج كلّهم مع الثورة. 162

من أهداف الثورة الجزائرية: تنطلق من الجزائر، وتونس، والمغرب. لكنّ الفكرة لم تنجح. 163

حين انطلقت الثورة، كانت وسائل اتّصالاتنا ضعيفة، خاصّة بعد اعتقال بعض الأعضاء بمجرّد تفجير الثورة، فأصبحنا في عزلة. وكلّفني بن بولعيد بالتنظيم في عين مليلة، ونائبا عنه، باعتباري أعرف المنطقة جيّدا. وحين يلقي المحتلّ على بعض عناصر، ينشر في الغد عبر صحفه أنّهم “استسلموا”، وكنت أقول للجنود: “المجاهدون لايستسلمون أبدا”. 164

قمنا بتربص لدى لحام بقسنطينة لصناعة القنابل، ونقلت ذلك إلى الجنود بالفعل والكتابة. 165

بفضل المرأة العظيمة التي أوتنا ونحن في حالة فرار، انضمّ كلّ من زوجها، وأبنائها، وأصهارها، وأعمامها إلى الثورة. ووضعت كلّ أملاكها تحت تصرف الثورة لشراء الأسلحة. 166

الذي باعني الأسلحة قبيل اندلاع الثورة، وجدته بالصدفة ضمن المجموعة المكلّفة بإعدام الخائن أثناء اندلاع الثورة. وأخبرني أنّي لو أخبرته حينها أنّي مع الثورة لمنحني حينها المال، والسّلاح بالمجان. وأخبرته: لم أستطع يومها إفشاء السر. 167

عدنا لنستخرج قطع السّلاح التي دفناها سنة 1949، وهي الأسلحة التي سلمتها لنا يومها المتظمة السرية، حين كنّا في حالة فرار. وأعدنا تصليحها بعد معاناة، وأعمال شاقة، وإنفاق الكثير من المال، والوسائل. وكلّ يتصرّف بطريقته للحصول على السّلاح، باعتبار الخزينة فارغة. وباعت أمي قطعة أرض ورثتها من أبيها، اقترضت من أمي 60.000 فرنك، دون أن تعلم أنّها موجّهة للثورة، ودون أن أستطيع ردّها. 168

لم نشترط على الذين انضموا للثورة سوى أن يكونوا مستعدين للعمل مباشرة، وأن يقبل بالتضحية بحياته، ولا يمكن أن نقبل منهم غير ذلك. 169

على بعد 10 أيّام من الثورة الجزائرية، كنّا نجهل اليوم الكبير لاندلاع الثورة. 170

أقول: يعود الأستاذ دحو جربال في هامش رقم: 122، ليفنّد ماذكره لخضر بن طوبال الذي ذكر المجاهد محمود مشاطي، عبر مذكراته: “مذكرات مناضل”. 170

مازلت تابعا لبن بولعيد. 171

حاول البعض من المعارضين لاندلاع الثورة تأجيلها لأسباب واهية كقلّة الإمكانات، وطالبوا باجتماع طارىء، فتمّ الاجتماع، لكن تمّ الإصرار على اندلاع الثورة، وأن لاأحد يقف في وجه اندلاع الثورة مهما كانت الأسباب، ومهما كان النقص، والضعف. وفشل الاجتماع الثّاني، وأقرّ مجموعة 22 من جديد على اندلاع الثورة. 173

بمجرّد انطلاقة الثورة الجزائرية، تمّ القبض على مجموعة قسنطينة الذين اعترفوا بكلّ شيء، ومنذ عهد CRUA، وأثّر ذلك سلبا على الثورة في قسنطينة، وكنا نأمل أن تكون الثورة وطنية، ولهذا لم تطلق رصاصة في قسنطينة، وهي عاصمة الشرق الجزائري، وظلّت قسنطينة صامتة. 174

بمجرّد مايعلم المحتلّ الفرنسي أنّ الفلاح الجزائري أمسى وطني يدافع عن الجزائر ، يشرع في تحطيمه عبر: الغرامات المتتالية، والحجز، والضرائب، أو الاستيلاء ببساطة على أملاكه. 175

برنامج الثورة الجزائرية يمتد لسنوات 1926-1927، حيث حزب نجم شمال إفريقيا، هو نفسه البرنامج والذي اتّخذ كمرجع أساسي للحركة الوطنية لأكثر من جيل. والفرق الوحيد الذي يجعلنا نختلف مع MTLD هو مشكلة الوسائل، وهو نفس المشكل الذي نختلف بسببه مع UDMA، والجمعية. 176

قال بن جلول: “سأواصل النضال من أجل الاندماج”. حين قالوا له: ” الاندماج تجاوزه الزمن”. وتجاوزنا مرحلة دخول السجن إلى مرحلة التضحية بالنفس، خاصّة وأنّ السّجن بالنّسبة للبعض أمسى مريحا، ومسليا، لكن بعد سنة 1950 لم يعد هذا مقبولا. 177

أقول: انقادت الجمعية لفرحات عباس الذي قال: “أنا فرنسا”، وانقادت لبن جلول الذي قال: “سأواصل النضال من أجل الاندماج”.

حتّى لو كان لنا برنامج مفصّل، سيقول لنا المثبّطون: لستم مستعدون للثورة. 178

جميع المناضلين يعلمون بتفجير الثورة، لكن لاأحد يعلم باليوم المحدّد، ولا العدد. وتاريخ تفجير الثورة لم يكن يعلم به أحد إلاّ ساعات قبل التفجير، ولا أحد يعرف القيادة الجديدة (أي الستة). ولم يكن السؤال حول البرنامج، إنّما كان حول: هل أنت مع الثورة أم ضدّها؟ وكنّا متّفقون حول الرأي السياسي، لكن مختلفون حول الوسائل. 179

حين كنّا نفكّر في الثّورة، كان الآخرون يفكّرون في الإصلاح. وكنّا مستعدون للثورة منذ الصغر، ولم نخترع الثورة، لكن أسرعنا في إنجازها. 180

كنّا نحترم مصالي حتّى بعد انحرافه، وأتباعهم هم الذين حاربوه، وليس الآخرون، وبقينا أبناءه الفكريين الذين حطّمهم. ومصالي، ولحول، وبن خدة لايمثّلون الفكرة التي نتبناها ألا وهي الثورة، أي الكفاح المسلّح ضدّ المحتلّ. وتأكّد لنا أن المحتلّ الذي احتلنا بالقوّة لايخرج إلاّ بالقوّة، ولا يخرج بالبيانات، بل كانت مرحلة مؤقتة. 181

حين تأكدنا أنّ العمل السياسي أمسى استراتيجية وليس تكتيك، ثرنا. لأنّ المحتلّ مستحيل أن يخرج بالعمل السياسي. وتتمثّل عقيدتنا في كون فرنسا المحتلّة احتلّت الجزائر بالقوّة، ولا يمكننا أن نخرجها إلاّ بالقوّة، ولا يمكن أن تخرج بالعمل السياسي كما حدث في تونس، والمغرب. و حياة الفرار من المحتلّ التي عشناها منذ سنة 1950، كانت من إرهاصات الثورة، وحينها أدركنا أنّنا أهل الثورة. وحين أقبل بالتضحية المطلقة، وأرفض التبرير، حينها أكون الثوري. والثوري لايبرّر لنفسه، إذن هي حرب الأنا ضدّ الأنا. 182

أقول: ممّا فهمته -حسب قراءتي- لخضر بن طوبال ليس ضدّ العمل السياسي كوسيلة مؤقتة، لكنّه ضدّ أن يكون العمل السياسي غاية بحدّ ذاته، وهدفا دائما. وهذا هو السبب -في تقديري- الذي جعله يختلف جذريا مع الجمعية، ومصالي، وفرحات، وبن جلون لأنّهم اتّخذوا من العمل السياسي غاية، وهدفا لايحيدون عنه).

أقول: وكأنّه يقول للمثبّطين، ولدعاة العمل السياسي، والاندماجيين من الجمعية، وفرحات عباس، ومصالي الحاج، وبن جلون: لو عشتم حياة الفرار، والجوع، والعري، والتّهديد في كلّ لحظة، والحرمان ماوقفتم ضدّنا، ولسبقتمونا للثورة. وما زعمتم التبرير بعدم الثورة باسم قلّة الوسائل، والظروف غير المواتية، وعدم الاستعداد الكافي. 182

حين كنّا في حالة فرار تعلّمنا أن نواجه المحتلّ الفرنسي بالسّلاح الذي بين أيدينا، ولذلك لم يكن لدينا مشكلة مع الثّورة، وكنّا مستعدين لها، وقد سبق أن خضنا حربا ضدّ أنفسنا، ومنهم أوعمران وقبل 1950، حين قال يومها: قلت للجميع بما فيهم المصاليين، أنّنا مستعدون للثورة. والانضمام للثّورة كان مفتوحا للجميع، باستثناء الخونة والحركى. واتّصلنا حتّى بالمسؤولين السّياسيين، لكن ليس كمسؤولين، لأنّ بعد 1 نوفمبر أصبحوا لايمثّلون هيئة الأركان. وكانت الثّورة مفتوحة للجميع، لكن ليس القيادة. ولمدّة زمنية بقيت ثورتنا مجهولة. وقرّرنا تكوين قيادة بأنفسنا تتكوّن من 6 قادة مكلّفون بالداخل، والخارج. ولم نرد أن نختار قيادة مجهولة من الخارج، سواء على المستوى الوطني أو الدولي، بدليل بعد شهرين من تفجير الثورة، تساءل النّاس عن من يقود الثّورة؟. 183

[1] للزيادة راجع فضلك كتاب:: BENACHENOU Mohamed Seghir « Liberté J’ écris Ton Sang , Rescapé de l’enfer de la guerre de libération », el Maarifa, Algérie, 2015, contient 182 Pages.

[2] منشورنا بتاريخ: 12 نوفمبر 2021، وبعنوان: #عبد_الناصر_الذي_سرق_أسلحة_الثورة_الجزائرية .

الشلف – الجزائر

معمر حبار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة