م.ت.ف هي البيت الفلسطيني الجامع ويجب الحفاظ عليها

تاريخ النشر: 11/02/22 | 9:27

محمد بركة
(كلمة رئيس المتابعة أمام المجلس المركزي الفلسطيني يوم 6 شباط 2022)

*إذا ربطنا اجراء الانتخابات في القدس بموافقة الاحتلال، فلن تجري أيّة
انتخابات. في المقابل، فإن الانتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني من شأنها
ان تعزز مكانة هذا البيت الفلسطيني الجامع والمرجعيّ، ومن شأنها مع
انتخابات المجلس التشريعي محاصرة خطاب الانقسام والتشرذم*

أتقدم بالتحية والتقدير والتمنيات بالصحة والعافية للأخ سليم الزعنون رئيس المجلس الوطني
الفلسطيني، ولقدس الاب قسطنطين قرمش نائب رئيس المجلس الوطني الفلسطيني على ما قدماه
لشعبنا ولقضيته عبر عقود طويلة، واللذين طلبا اعفاءهما من منصبيهما.
التحية والمجد لشهداء الشعب الفلسطيني وعلى رأسهم الرئيس الشهيد أبو عمار، ياسر عرفات،
وتحية إكبار لأسرى الشعب الفلسطيني، واسمحوا لي ان أخصّ نيابة عنهم جميعا الأسير ناصر
أبو حميد المعلق اليوم بين الحياة والشهادة، وتحية للجرحى الذين قدموا من نفسهم ومن حياتهم
لقضية شعبنا.
ان حضورنا اليوم هنا باسم أبناء شعبنا في الداخل، ليس حضورا بروتوكوليا، صحيح اننا لسنا
ضمن دائرة القرار في منظمة التحرير الفلسطينية ولكننا فرع اصيل من شعب أصيل، نحمل ألمه
وأمله كأصحاب قضية.
يوم الخميس الأخير، طرحت دعوتكم الكريمة للمشاركة في افتتاح اعمال المجلس المركزي على
قيادة لجنة المتابعة، القيادة الوطنية الوحدوية لأبناء شعبنا الفلسطيني في الداخل، وأحمل اليكم
تحيات الاخوة من كافة التيارات، اليسارية والقومية والإسلامية، في لجنة المتابعة، الذين يؤكدون
ان هويتنا لا تتزعزع، واننا جزء اصيل وفاعل من شعبنا الفلسطيني البطل، ومن قضيته العادلة،
كما يؤكدون على ضرورة الوحدة الوطنية الشاملة في اطار منظمة التحرير الفلسطينية الممثل
الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وعلى ضرورة انهاء فصل الانقسام الحالك والطويل
والبغيض.
ان أبناء شعبكم الفلسطيني في الجليل والمثلث والنقب والساحل والكرمل يواجهون في هذه الأيام
حملة إسرائيلية شرسة على الهوية، وعلى مناعتهم الاجتماعية، وعلى ما تبقى لهم من أرض
وبالأخص في منطقة النقب الاشمّ.
إسرائيل والحركة الصهيونية تعتمدان في تعاملهما مع الانسان الفلسطيني على فكرة التهجير
والترانسفير والقذف بالفلسطيني خارج فضائه ووطنه، كما حدث في التهجير الأكبر في العام
1948، وعلى فكرة تجميع وتركيز من لم تنجح في تهجيرهم، على أصغر بقعة من ارض الوطن

وتحويل تجمعاتنا السكنية الى اشبه ما يكون بغيتوات، وعلى فكرة تغريب الانسان الفلسطيني عن
هويته الجامعة.
إسرائيل تعتمد هذه السياسة على طول مساحة فلسطين التاريخية في الضفة الغربية وفي قطاع
غزة وفي القدس وفي الداخل أيضا، ونحن نعرف جيدا هوية الذين اعتمدوا سياسة الترانسفير
والتركيز والتغريب في القرن الماضي.
ان أهلنا في النقب، ونحن جميعا معهم، يواجهون في هذه الأيام سياسة هدم بيوت إجرامية، حيث
تهدم إسرائيل مبنى في النقب كل ست ساعات بشكل متواصل على مدار السنة، وتقوم بتجريف
المزروعات وتمارس سياسة اعتقالات وملاحقات منهجية ضد أبناء شعبنا.
اننا نعتز بأننا، رغم القمع والتهديد والتضييق، ثابتون وقابضون على جمرة الانتماء للوطن
والشعب ونعتزّ بشبابنا الطالع في سلم المجد والنضال.
اننا نعتز بأن قرار الاضراب العام في “هبة الكرامة” في 18 أيار الماضي خرج من اجتماع
لجنة المتابعة في يافا، والذي انضمّ اليه كل أبناء شعبنا الفلسطيني في كل أماكن تواجده.
يافا وما أدراك ما يافا…
يافا التي حاولت إسرائيل اغتيال هويتها مع اخواتها المدن التاريخية الفلسطينية اللد والرملة وعكا
وحيفا، فخرج صوت مقاومة الظلم والعنصرية مدويا ومدججا بالكرامة من هذه المدن بالتحديد،
الى جانب كافة أبناء شعبنا في الداخل.
ان المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية يتحمل مسؤولية جسيمة بوصفه الهيئة الوسيطة
بين اللجنة التنفيذية التي تظل الجسم القيادي التنفيذي والحاضر يوميا، وبين المجلس الوطني
الفلسطيني الذي يظل المرجعية الرئيسية والشاملة، والبيت الفلسطيني الجامع لعموم أبناء
الشعب الفلسطيني الذي يجب تعزيزه وتعزيز مكانته، وعدم السماح بالانتقاص منه على
الاطلاق.
لقد نفت إسرائيل والحركة الصهيونية من ورائها بالنصّ الصريح، حقَّ الشعب الفلسطيني في
وطنه التاريخي فلسطين، وحقَّه في تقرير المصير في وطنه التاريخي فلسطين، من خلال سنّ
قانون “قانون القومية” في تموز العام 2018، وذلك استمرارا لسياسات وممارسات الحركة
الصهيونية، قبل وبعد تصريح بلفور المشؤوم، الذي يحمل في كلماته القليلة ملخصا للصهيونية
الاقتلاعية.
ان القرارات الصادرة عن اجتماعات المجلس المركزي وبالأخص في العامين 2018 و2020،
وعن اجتماع الأمناء العامين للفصائل في 3\9\2020 تشكل أساسا متينا لإعادة تقييم المرحلة
وفضّ العلاقة مع الاحتلال، على خلفية التعنت الإسرائيلي، وسنّ قانون القومية اليهودية
والضرب بعرض الحائط بكل الاتفاقيات الموقعة.
المرحلة تتطلب تحويل قرارات المجلس المركزي السابقة الى ممارسة عملية على الأرض،
وفي الواقع السياسي.
اننا ندرك حجم الضغوط متعددة الاتجاهات على قيادة شعبنا الفلسطيني، من ضغوط واقع
الاحتلال ومحاولاته لفرض املاءات على شعبنا الى ضغوط عربية مباشرة او غير مباشرة
(بالتطبيع مع دولة الاحتلال)، الى ضغوط دولية وبالأخص أمريكية.
ليس بديهيا ان تقول لا لأمريكا في العصر الراهن، لكن يسجل لقيادة الشعب الفلسطيني وللرئيس
أبو مازن انهم رفضوا الاملاءات والضغوط الامريكية، وقالوا أكثر من لا لأمريكا وبالأخص في
مواجهة صفقة القرن.
الى جانب مواجهة هذه الضغوط، تبقى المهمة الأكثر الحاحا والتي بدونها لا يمكن احراز تقدم
حقيقي في أي اتجاه وهي مهمة انهاء الانقسام، ووحدة النضال ضد الاحتلال ووحدة المرجعية
القيادية للشعب الفلسطيني وإرساء علاقات متينة على أساس المصير المشترك، والمسؤولية
الجماعية وعلى الديمقراطية الوطنية، التي تتسع ويجب ان تتسع لجميع مكونات الشعب
الفلسطيني السياسية.

في اجتماع الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية في 3\9\2020، وقبل تعيين موعد الانتخابات
للمجلس التشريعي في العام الماضي والذي تأجل لاحقا، أدليت برأيي المتواضع بانه يجب تحويل
الرفض الإسرائيلي لإجراء الانتخابات في القدس من عائق امام العملية الديمقراطية
الفلسطينية، ووسيلة إسرائيلية لإجهاضها، الى فرصة للاشتباك الشعبي والديمقراطي مع
الاحتلال وممارساته الاجرامية في القدس، وبالتالي تعويم قضية القدس وما تتعرض له من
اغتيال يومي لهويتها العربية الفلسطينية الإسلامية المسيحية، ووضعها على سطح وصدارة
المشهد وتعزيز القدرة الشعبية على التحدي، ولتعويم قضية الديمقراطية الفلسطينية، ووضعها في
واجهة المشهد وبالتالي فضح زيف تبجح إسرائيل بالدمقراطية.
اريد ان أرى مشهدا تتناقله كل وسائل الاعلام في العالم، يظهر جنود الاحتلال وجلاوزته وهم
يطاردون صندوق انتخابات فلسطيني في القدس.
إذا ربطنا اجراء الانتخابات في القدس بموافقة الاحتلال، فلن تجري أيّة انتخابات.
اريد ان أقول لمجلسكم الموقر ان هذا الرأي ما زال صالحا وصحيحا اليوم وغدا.
هناك أحاديث تظهر بين حين وآخر عن إقامة مجلس وطني بديل، وهذه الأحاديث مرفوضة
جملة وتفصيلا فأصحابها يعلمون جيدا انه لن يكون اعتراف فلسطيني ودولي بمجلس كهذا،
بينما سيقود فقط الى الانتقاص من المجلس الوطني الفلسطيني، البيت الجامع للشعب
الفلسطيني.
في المقابل، فإن الانتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني من شأنها ان تعزز مكانة هذا البيت
الفلسطيني الجامع والمرجعيّ، ومن شأنها مع انتخابات المجلس التشريعي محاصرة خطاب
الانقسام والتشرذم، ومن شأنها ضخّ قوى جديدة الى المجلس الوطني من قطاعات وشبابية
وعمالية من المخيمات ومن الجاليات الفلسطينية في الشتات، التي تعاني من انقسامات مرفوضة
ومن شأن تمثيل الجاليات في المجلس الوطني ان يساهم في توحيدها.
كما ان العملية الديمقراطية تنهي الحاجة الى توافقات مسبقة او اشتراطات لانعقاد الهيئة التمثيلية،
وتنفي بالتالي أي مبرر لمقاطعة الهيئات التمثيلية لكونها محكومة للحسم الديمقراطي.
فيما يتعدى ذلك فإنني اعتقد ان مقاطعة الهيئات التمثيلية المتفق عليها هي امر غير صحي وغير
صحيح، لان لا أحد يأتي الى هذه الهيئات بوصفه ضيفا عند أحد، فالمجلس الوطني هو بيت
الشعب الفلسطيني، كل الشعب الفلسطيني.
بودي ان اطرح للتفكير الجاد والمسؤول موضوعا على المجلس المركزي وعلى لجنة المتابعة
العليا، وكنت قد طرحته في مقابلة صحفية قبل عام ونصف العام.
على خلفية سنّ إسرائيل لقانون القومية اليهودية الذي يهدف الى الالقاء بكل الشعب الفلسطيني
خارج التاريخ وخارج الجغرافيا وخارج الانتماء الوطني وخارج حق تقرير المصير، ثمة
ضرورة للحديث عن تمثيل (ولو كان رمزيا في المرحلة الأولى) لأبناء شعبنا الفلسطيني في
الداخل في المجلس الوطني الفلسطيني.
كما تعلمون فإن الوكالة اليهودية والمؤسسات الصهيونية العالمية القائمة قبل قيام إسرائيل تضم
تجمعات اليهود من كل العالم، بينما لا تربطهم لغة ولا ارض ولا ثقافة مشتركة.. فهل كثيرا علينا
نحن أبناء الشعب الواحد والأرض الواحدة والقضية الواحدة واللغة الواحدة والثقافة الواحدة
والعائلات المتداخلة من طرفي الخط الأخضر ومن الوطن والشتات، ان يتسع البيت الجامع لنا
جميعا؟؟
ان الحكومة الحالية في إسرائيل تعلن جهارا ودون مواربة ان لا مكان لأيّة مفاوضات مع قيادة
الشعب الفلسطيني على الحل الدائم او حتى على تنفيذ الاتفاقيات الموقعة.
اذاً، ماذا تريد إسرائيل منّا ان نكون مقاولين لأمن إسرائيل وسوق بضائع وأيدي عاملة رخيصة
وارض مستباحة للاستيطان وللمستوطنين؟؟

وعود على بدء، إذا كانت إسرائيل تقول إن الطريق مسدود، نحن نقول هناك طريق مفتوح وهو
بأيدينا وحدنا ودون غيرنا وهو ان نتصرف كشعب يحمل قضية عادلة وشعب يريد الحياة بحرية
وكرامة في وطنه الذي لا وطن له سواه.
ان مقدمة هذا الطريق هو انهاء الانقسام البغيض.
اننا نشيد بكل الجهود العربية والدولية الصادقة لإنهاء الانقسام وآخرها مبادرة الجزائر
الشقيقة، لكن ملف انهاء الانقسام هو بأيدينا.. أيدينا وحدنا.
بودي ان أقول مجددا، إن أقرب نقطة الى الخيانة الوطنية هي الإصرار على بقاء الانقسام
والامعان فيه، لان المستفيد منه ليس غزة وليس الضفة وليس القدس وليس الداخل وليس الشتات،
المستفيد الوحيد هو الاحتلال والحركة الصهيونية.
أيا الاخوة والاخوات
رغم حلكة المرحلة فنحن واثقون من المستقبل ومفعمون بالأمل لان دروس التاريخ واضحة:
الاحتلالات تزول والجيوش يمكن ان تُهزم، لكن الشعوب لا يمكن ان تهزم او تخرج من التاريخ
ولا بد ان تنتصر، وشعبنا ليس أفضل شعب في العالم، ولكن لا يوجد شعب في العالم أفضل من
شعبنا.
عاشت منظمة التحرير الفلسطينية.
عاش الشعب الفلسطيني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة