إسرائيل والأزمة الروسية الأوكرانية
بقلم: أحمد حازم
تاريخ النشر: 21/02/22 | 11:08الخلاف الروسي مع الغرب يشكل عام والولايات المتحدة بشكل خاص حول أوكرانيا، ليس جديداً ويعود لسنوات طويلة، فبعد انهيار الاتحاد السوفييتي السابق، أعلنت بعض دول الاتحاد المنهار استقلاليتها، ومنها أوكرانيا. ولم تكتف أوكرانيا بالاستقلال فقط، بل أرادت أن تكون عضوا في حلف الناتو العسكري (العدو) اللدود لروسيا، التي ترى في هذه الخطوة (لو حصلت) خطراً يهدد أمنها بسبب إمكانية اقتراب الحلف(العدو) من حدود الدولة الروسية،
وهذا ما لا يريده بوتين ويعمل على منعه بكل قوة، شاءت الولايات المتحدة أم لم تشأ. صحيح أن أوكرانيا لم تصبح بعد عضواً في حلف شمال الأطلسي (الناتو) لكنها تلقت وعدا منذ عام 2008 بأنها ستمنح فرصة للانضمام، وهي خطوة من شأنها أن توصل الحلف الذي تقوده الولايات المتحدة إلى حدود روسيا.
الرئيس الروسي بوتين على قناعة بأن علاقات أوكرانيا المتنامية مع الحلف قد تجعلها منصة إطلاق لصواريخ (الناتو) ضد روسيا، ويتعين على موسكو وضع خطوط حمراء لمنع ذلك. في ظل هذا الوضع تجد إسرائيل نفسها الآن في موقف في غاية الحرج فيما يتعلق بالتوتر القائم بين روسيا وأكرانيا، واحتمال قيام “الدب الأحمر” بغزو أوكرانيا، كما يروج لذلك الإعلام الفربي ولا سيما الإعلام الأمريكي. إسرائيل دولة حليفة لواشنطن وفي الوقت نفسه تربطها علاقات مميزة جداً مع روسيا، كما يوجد لها علاقات جيدة أيضاً مع أوكرانيا، المؤتمر اليهودي العالمي، أصدر مؤخراً تقريراً جاء فيه، أن حوالي 250 ألف يهودي يعيشون في أوكرانيا، وحسب القناة السابعة العبرية، تحاول إسرائيل جلب معظمهم إليها مستفيدة من الأزمة الأوكرانية،
علماً بأنها نجحت فعلاً في استقدام الآلاف منهم. وأفادت القناة بأن نصف هؤلاء اليهود القادمين من أوكرانيا هم شباب تقل أعمارهم عن 3خمسة وثلاثين عاما، ومن المرجح أن يتم تجنيدهم في الجيش الإسرائيلي وإسكانهم في مستوطنات قائمة أو جديدة في الضفة الغربية المحتلة. وهناك سبب آخر لعلاقة إسرئيل الجيدة الوطيدة مع أوكرانيا. فالرئيس الأوكراني زيلينيسكي الذي تم انتخابه رئيسا للبلاد العام 2019 هو يهودي، وأنّ الكثير من الشخصيات اليهودية في أوكرانيا في مناصب مهمة على الصعيدين السياسي والإقتصادي، ولهم تأثير على سياسات البلاد تجاه إسرائيل. والتاريخ الإسرائيلي يذكّر ان اثنين من يهود أوكرانيا وصلا إلى رئاسة الحكومة الإسرائيلية وهما ليفي اشكول وغولدا مائير. ورغم كل ذلك فالسياسة عند الرئيس الأوكراني، وعلى ما يبدو، أهم من الدين. وهو يرى أن مصلحة أوكرانيا أهم من كل شيء، وأن كل صديق لروسيا لا يثق به الرئيس الأوكراني حتى لو كان الأمر يتعلق بإسرائيل. فقبل أيام استدعت الخارجية الأوكرانية السفير الإسرائيلي لديها وأسمعته توبيخاً تجاوز حدود العتاب “. التوبيخ الأوكراني لرجل إسرائيل الأأول في الدبلوماسية لدى أوكرانيا يعود لسببين: أولهما،طلب إسرائيل من روسيا مساعدتها في إجلاء اليهود الأوكرانيين إليها، بعد أن توترت العلاقات الإسرائيلية الأوكرانية، وثانيهما، رفض إسرائيل طلب أوكرانيا بيعها منظومة القبة الحديدية. وأعتقد جازماً بأن رفض إسرائيل جاء أيضاً لسببين: أولهما، أن إسرائيل لا تستطيع بيع منظومة القبة الحديدية لأي دولة إلا بموافقة الولايات المتحدة، كونها مساهمة في إنتاج صواريخ المنظومة في إطار مشروع مشترك لا يسمح بيع النظام إلى دولة ثالثة إلا بموافقة الطرفين. والسبب الثاني والأهم سياسياً، هو أن بيع القبة الحديدية لأوكرانيا يمكن أن ينجم عته تداعيات على العلاقة مع روسيا. ماذا يقول الخبراء الإستراتيجيون في إسرائيل؟ وهل من مصلحتها نهاية سلمية أم وقوع حرب بين روسيا وأوكرانيا؟ الجنرال احتياط عاموس يدلين، يشير إلى “أن الأزمة الأوكرانية تضع تحديات كبيرة أمام إسرائيل انطلاقا من الساحة السورية، فهناك إمكانية أن يتغير الوضع نحو الأسوأ في حال أراد الروس أن يبعثوا برسائل إلى الولايات المتحدة على حساب إسرائيل، بطريقة من شأنها أن تهدد حرية عمل الجيش الإسرائيلي على الساحة السورية”. أما العقيد احتياط أودي أفينتال فيرى “أن المواجهة بين روسيا وأميركا من شأنها أن تزيد من تأثير الدور الإيراني، ذلك أن أميركا ستضطر من جانبها إلى إعادة إيران إلى الصندوق، بمعنى التوجه إلى اتفاق حول الملف النووي بأي ثمن، للتفرد لمواجهة أكبر مع الروس، ومن شأن ذلك أن ينعكس سلبيا على استقرار المنطقة” حسب قوله، ومهما تكهّن الخبراء والإستراتيجيون في إسرائيل وغيرها، فإن الكلمة الفصل في هذا الموضوع تكون لروسيا، والرئيس بوتين هو صاحب القرار في غزو روسيا أو التراجع عن ذلك. لكنه في هذه الحالة (لو تراجع) فلن يكون ذلك بدون ضمانات من الولايات المتحدة بالتخلي عن قبول أوكرانيا عضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو) بمعنى طي هذا الملف نهائياً.