قتل الطفل محمد شحادة استمرار لسياسة الإعدام الميداني
المحامي علي أبوهلال
تاريخ النشر: 01/03/22 | 10:14تنتهج قوات الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة سياسة الإعدامات الميدانية ضد أبناء الشعب الفلسطيني. بهدف ترهيب المدنيين الفلسطينيين، وثنيهم عن المشاركة في الاحتجاجات المتواصلة ضد سياسة الاحتلال وجرائمه المستمرة، وهي سياسة قديمة جديدة متواصلة، تنتهك حق الفلسطينيين في الحياة وتعتبر جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية، وفقا للقانون الدولي الإنساني وللنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
وفي هذا الإطار أعدمت قوات الاحتلال الطفل الفلسطيني محمد شحادة 14 عاما مساء الثلاثاء الماضي 22/2/2022 في بلدة الخضر جنوب بيت لحم، بدون أي مبرر يذكر. وبحسب شهود عيان فإن محمد شحادة كان في مكان بعيد على الجانب الآخر من الجدار الفاصل ولم يشكل تهديدا على الإسرائيليين.
وأفاد شهود عيان بأن مواجهات اندلعت في منطقة باكوش غرب الخضر بين الشبان وقوات الاحتلال التي أطلقت الرصاص الحي، مستهدفة الفلسطينيين. وأدى ذلك إلى اصابة الطفل شحادة بالرصاص، وأكد الشهود أن قوات الاحتلال منعت طواقم الإسعاف الفلسطينية من الوصول إلى الشهيد شحادة وتقديم العلاج الطبي اللازم له، وقامت باعتقاله، واقتادته إلى جهة مجهولة.
يذكر أن جيش الاحتلال الاسرائيلي، أجرى تعديلات على قواعد إطلاق النار مما أتاح لجنوده استهداف ملقي الحجارة والزجاجات الحارقة (مولوتوف)، بالرصاص الحي، حتى بعد الانتهاء من عملية الإلقاء، أي أثناء انسحاب الشبان من المكان، ودون أن يشكلوا أي خطر حقيقي على قواته المدججة بالسلاح. ووفقا لحصيلة أعلنها تجمع أسر الشهداء مطلع 2022، قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي 357 فلسطينيًا وفلسطينية بالضفة الغربية وقطاع غزة عام 2021، بينهم 79 شهيدًا تقل أعمارهم عن 18 عامًا.
مبعوث الأمم المتحدة للشرق الأوسط تور وينسلاند، قال في تغريدة على تويتر: “أعبر عن قلقي البالغ إزاء مقتل صبي يبلغ من العمر 14 عامًا بالأمس، على يد القوات الإسرائيلية في بيت لحم وأضاف: “خالص التعازي لعائلته؛ يجب ألا يكون الأطفال هدفًا للعنف أو أن يعرضوا للأذى” وتابع وينسلاند: “يجب أن تمارس القوات الإسرائيلية أقصى درجات ضبط النفس”.
سياسة الاعدامات الميدانية التي تمارسها حكومة الاحتلال في الأراضي الفلسطينية سياسة متبعة منذ زمن بعيد، وكان من أبرزها جريمة إعدام الشهيدين الفلسطينيين عبد الفتاح الشريف ورمزي القصراوي، بتاريخ 25/3/2016 في الخليل على يد جنود الاحتلال، وقد اعتمد الاحتلال سياسة الإعدام الميداني أول مرة في زمن الانتفاضة الأولى، حيث كانت تتم بشكل خاص في ساعات الليل وتحت جنح الظلام عبر فرق موت أطلق عليها الفلسطينيون اسم القوات الخاصة، ثم لاحقاً قوات المستعربين، بعد أن بدأ أفراد هذه الفرق، ممارسة عملهم في تصفية نشطاء الانتفاضة الفلسطينية في وضح النهار. وقد اشتهرت في قوات الاحتلال فرقتان رئيسيتان في تنفيذ عمليات الإعدام والقتل داخل القرى والبلدات الفلسطينية، هما فرقتا دوفودفان (الكرز) وشمشون (نسبة إلى أسطورة اليهودي شمشون). ووصل نشاط هاتين الفرقتين إلى أوجّه في السنة الثالثة للانتفاضة عام 1990، عندما بدأ أفراد الفرقتين، يتخفّون بالزي الفلسطيني، وباستخدام سيارات تحمل لوحات ترخيص فلسطينية ومشاركة بعضهم في التظاهرات.
كان أول توثيق (إسرائيلي) رسمي لسياسة الإعدام الميداني جاء في تقرير خاص أصدره مركز “بتسيلم” الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة في يوليو/تموز 1990 تحت اسم “تعليمات إطلاق الرصاص في المناطق”. حيث واصل الاحتلال عبر حكوماته المتعاقبة دعم هذه السياسة وتقدم الغطاء اللازم لها، ومن الاعدامات الميدانية التي وثقتها الكاميرات مشهد إعدام جنود الاحتلال للشاب محمد شوكت سليمة (25 عاما) من مدينة سلفيت قرب دوار “المصرارة” في منطقة باب العمود بالقدس المحتلة، من مسافة صفر، نهاية عام ٢٠٢١م، وأظهر تسجيل الفيديو إعدام الشاب سليمة بإطلاق جنود الاحتلال أكثر من 6 رصاصات على جسده وهو ملقى على الأرض دون أن يشكل خطرا على أحد. ولاقت عملية الإعدام، دعم رئيس وزراء الاحتلال نفتالي بينت، ووزير خارجيته يائير لابيد بقولهم “إن الجنود تصرفوا بشكل سريع وحازم، وهذا ما كان متوقعا منهم وهكذا فعلوا”. وفي تاريخ 27/7/2021م، تعرض الشهيد شادي سليم لإعدام ميداني حينما كان عائدا من عمله إلى منزله على مدخل بلدة بيتا جنوب نابلس. حينها استبعد رئيس بلدية بيتا موسى حمايل أن يكون الشهيد قد أقدم على أي عمل فدائي ضد الجنود حسبما ادعى الاحتلال. وفي تاريخ 12/1/2022 أعدم جنود الاحتلال المسن الفلسطيني عمر أسعد البالغ من العمر 80 عاما بعد تكبيله وخنقه دون أن يفعل شيء خلال اقتحامها بلدة جلجليا شمال رام الله.
إن استمرار حكومة الاحتلال “الإسرائيلي” تنفيذ سياسة القتل والإعدام الميداني بحق المدنيين الفلسطينيين تشكل جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية، وفقا للقانون الدولي الإنساني، وللنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية الأمر الذي يقتضي محاسبة حكومة الاحتلال دبلوماسيًا وسياسيًا وقانونيًا، ومحاكمة قوات الاحتلال على جرائمه المرتكبة بحق أبناء الشعب الفلسطيني، لدى القضاء الجنائي الدولي، ولدى المحكمة الجنائية الدولية.