الولايات المتحدة وروسيا أفعى سامة برأسين
بقلم: أحمد حازم
تاريخ النشر: 07/03/22 | 12:37مرة أخرى أحب التأكيد على نقطة مهمة لكي لا يفهمني أحد خطأً. إن موقفي المعارض للرئيس الروسي بوتين في حربه على أوكرانيا لاحتلال أجزاء منها أو احتلالها أو إخضاعها للهيمنة الروسية، لا يعني أبداً أني مع الموقف الغربي أو مع الموقف الأمريكي الذي يظهر بثوب المدافع عن شعب أوكرانيا. أنا شخصياً ضد سياسة الغرب وضد السياسة الأمريكية قديماً وحديثاً من (كندها) مروراً بــ (ريغانها وبوشها وكلينتونها وأوبامها) حتى( ترامبها وبايدنها). كلهم سواسية، أعداء للشعوب وأعداء للتحرر وكلهم ليسوا أكثر من زعران سياسة، إن كانوا في السابق أو في الوقت الحاضر. الأمر المضحك، أو النفاق بذاته من خلال التعامل بازدواجية المواقف. الغرب ويا للغرابة، يتحدث عن حقوق الإنسان والديمقراطية وتقرير المصير لشعب أوكرانيا. تصوروا أن الولايات المتحدة أقذر دولة عرفها التاريخ قامت منذ تأسيسها قبل حوالي 250 سنة بشن حروب على الآخرين حوالي 222 سنة أي أن فترة 93% من عمرها أمضتها في اختلاق حروب مع دول أخرى واحتلالها في كل أنحاء العالم. ويقدر باحثون أن عدد الحروب هذه تجاوزت التسعين حرباً. تاريخ إجرامي أسود عار على البشرية. هذه الولايات المتحدة خاصة والغرب عامة يذرفون دموع التماسيح على أوكرانيا. وهذا ما دفع النائب الإيرلندي ريتشارد بويت لتوجيه توبيخ شديد اللهجة لأعضاء البرلمان في بلاده والغرب بشكل عام، بسبب ما وصفه”إزدواجية المعايير التي يمارسها الغرب الذي انتفض من أجل الشعب الأوكراني، وتجاهل ما يتعرض له الشعب الفلسطيني على مدار ثلاثة وسبعين عاماً.” الأمر المستغرب أن نفتالي بينيت رئيس حكومة إسرائيل، الحليف الرئيس لواشنطن في المنطقة، لم يعلن بوضوح موقفه إلى جانب الإدارة الأمريكية، بل يحاول الإمساك بالعصا من الوسط خوفاً من ردة فعل بوتين الذي يسمح لإسرائيل بتوجيه ضربات لمواقع سورية وإيرانية في دمشق وغيرها، أي يوجد تنسيق بين الجانبين الروسي والإسرائيلي، وبينيت لا يريد إضاعة هذه الفرصة. لكن يبدو أن الإعلام العبري وبعكس بينيت، يتخذ موقف المعارض لحرب بوتين ضد أوكرانيا. فإما أن يكون ذلك ناجماً عن اتفاق مسبق بين الإعلام العبري وبينيت أو أن هذا الإعلام هو بالفعل عنده الاستقلالية التامة في اتخاذ الموقف الذي يريده. ولذلك اعتمد الإعلام العبري أسلوب شيطنة الرئيس الروسي بوتين، لدرجة وصفه بـ”هتلر جديد” وتسابق الكثير من المحللين والكتاب الإسرائيليين الى مهاجمته ونعته بأبشع الصّفات. من المؤكد أنهم على حق.الكاتب سيفر بلوتسكر وفي افتتاحيّة له في صحيفة “يديعوت احرونوت” وصف بوتين ب” الدكتاتور الخطير”، ساخرا مما اسماه ” التفوّق التكنولوجي المزعوم للجيش الرّوسي، مشبّها بوتين بهتلر مع فارق انّ جيشه متخلّف” وفق تعبيره، أما الكاتب افراييم غانور فقد شبّه بوتين في صحيفة “معاريف” تارة بالزعيم الوحشي وتارة اخرى بـ “نيرون”. الكاتب بن كاسيبت ذهب إلى أبعد من ذلك في تحليل له، حيث قال في مقال له بموقع “مونيتور” الأميركي “انّ قلب اسرائيل هو في المعسكر الغربي، وانّ معظم الإسرائيليين هم ضدّ بوتين ويعتبرون سلوك روسيا في اوكرانيا وحشيّا”. من المؤكد أن مثل هذه التعليقات لن تمر مر الكرام على الجانب الروسي، مما يعني أن الماكينة الإعلامية الإسرائيلية تقف إلى جانب أوكرانيا، الأمر الذي دفع السفير الروسي في تل أبيب إلى تذكير حكومة بينيت والإعلام الإسرائيلي “بآليّة التنسيق العسكري مع اسرائيل في سوريا”، موجّها تحذيرا مبطّنا الى تل ابيب من مغبّة ما أسماه “تسديد الّلكمات الى روسيا”. لكن وعلى ما يبدو وحسب المثل الشعبي الفلسطيني: “الجاجة ما بتستغني عن طي…”. فالبيان الذي اصدرته السفارة الروسية أبرز بوضوح “انّ التنسيق العسكري مع اسرائيل في سوريا سيستمرّ”. وحسب تصريحات رئيس حكومة إسرائيل وحسب المعلقين الكبار فيها، واستناداً إلى تصريحات قادة روس كبار، فإن إسرائيل حليف استراتيجي لروسيا كما هي حليف رئيس للولايات المتحدة. فمتى يفهم ذلك داعمي نظام الأسد من العرب وداعمي بوتين في أوكرانيا ؟ ومتى يستوعبوا أن الولايات المتحدة وروسيا هما أفعى سامة برأسين؟