اول عميد لجامع الجزائر …التعين والإشكال

— عميد جامع الجزائر …التعين والإشكال ——

في بيان مقتضب وصف بالهام ” عين ” رئيس الجمهورية السيد :

“محمد مأمون القاسمي الحسيني” ، عميداً لجامع الجزائر، برتبة وزير.

تعيين الشيخ المأمون القاسمي الحسني شيخ زاوية الهامل القاسمية (1) عميدا لمسجد الجزائر برتبة وزير. كان في الحقيقة مفاجئ من جهة وغير واضح من جهة أخرى ؟ ويثير الكثير من التساؤلات من جهة ثالثة .

حيث في ظل غياب أي قانون للتعين او الانتخاب يحدد ويضبط كيفية ذلك وماذا تعنيه بالضبط كلمة ( عميد *؟) وما دلالة رتبة ( وزير ) ؟ وهو استمرار لخلق الحدث ثم متابعة تقنينه ( القانون ) وهي عملية معكوسة , فقد كان يفترض مثلا المباشرة بمشروع قانون لدار الفتوى عموما او قانون خاص لجامع الجزائر يجعله تابع في التسير لوزارة الشؤون الدينية او مستقلا عنها او ان يتم التعيين بناء على توصية من هيئة للعلماء تنشأ من قبل ويكون المترشح عضو منها والأخذ بالتجارب السابقة والمقارنة مع الاستفادة من كل السلبيات والتناقضات والمنازعات التي حدثت عندهم , مع خصوصية البلد دون المبالغة في المزايدة بالجزأرة …

في انتظار الجديد بهذا الخصوص ” نسأل الله في البداية ” للشيخ ان يوفقه الله لخير العباد والبلاد. اشهد ان للرجل كارزيما وحب وكفاءة , على مواقع التواصل الاجتماعي أثار تعينه مواقف مختلفة وبإبعاد غريبة ؟ حيث تم التركيز على التصوف بين مؤيد ومعارض ( وهو لم يستشر ؟) . بل وذهب بعض الراديكالين الى تصنيف التدين بالجزائري ؟ والوافد من الشرق ؟ (2)

العميد “الشيخ” محمّد المأمون بن مصطفى بن محمّد نزيل بلدية الهامل، حافظ لكتاب الله ومجاز في الشريعة وتولى التدريس في المعهد القاسمي، والإشراف على التنظيم التربوي فيه، من سنة 1963، إلى عام 1970 م .لينتقل إلى وزارة التعليم الأصلي والشؤون الدينية، في مطلع عام 1971 م، لتولّي وظائف سامية فيها. كما شغل مهام ” ادارية عالية في وزارة الشؤون الدينية , مستشار و مدير الحج والشعائر الدينية .كما انه حاليا : شيخ زاوية الهامل القاسمية، رئيس المعهد القاسمي للدراسات والعلوم الإسلامية.ورئيس الرابطة الرحمانية للزوايا العلمية.عضو المجلس الإسلامي الأعلى بالجزائر.

طبعا أول ما يتبادر إلى الذهن عند الحديث عن الاختصاص والتبعية والجامع بين المشيخة والسياسة :

1- مشيخة الجامع الأعظم الزيتونة ( الجامع والجامعة ) بتونس :

حيث انه سنة 2012 وقع وزراء الشؤون الدينية والتعليم العالي والتربية من جهة والشيخ حسين العبيدي “شيخ الجامع الأعظم ” الزيتونة ” من جهة أخرى . على وثيقة نصت على أن “جامع الزيتونة مؤسسة إسلامية علمية تربوية مستقلة غير تابعة” للدولة ؟ و”تتمتع بالشخصية القانونية”.وأن التصرف في الجامع وتنظيمه يعود إلى المشيخة ؟. ورغم محاولة تنصل الوزراء من ذلك إلا أن القضاء أنصف العبيدي؟.

يذكر ان جامع الزيتونة أول جامعة في العالم الإسلامي و هو جامعة وجامع بمدينة تونس. يعد ثاني الجوامع التي بنيت في “أفريقية” بعد جامع عقبة بن نافع في القيروان. يرجح المؤرخون أن من أمر ببنائه هو حسان بن النعمان عام 79 هـ وقام عبيد الله بن الحباب بإتمام عمارته في 116 هـ736م.

جامعة الزيتونة رأت النور سنة 1956.وفي جوان 1958: الإعلان عن إصلاح التعليم العمومي وتوحيد برامجه، أصبحت بمقتضاه الفروع الزيتونيّة مدارس إعدادية مدمجة في صلب التعليم الثانوي العمومي. وبعد تأسيس الجامعة التونسية في31 مارس 1960 ، التي أصبحت تضم معاهد عليا وكليات عديدة، تمّ في 1 مارس 1961 بعث” الكليّة الزيتونيّة للشريعة وأصول الدين” (خلفا للجامعة الزيتونيّة) التي أصبحت إحدى مكونات الجامعة التونسيّة.وفي أكتوبر 1961: تمّ ضبط برامج الإجازة في الشريعة وأصول الدين.ثم فيفري 1980: تمّ ضبط مهام الكلّية الزيتونية للشريعة وأصول الدين وتنظيم الدراسة بها في المراحل الثلاث.

وقد تخرّج من الزيتونة طوال مسيرتها آلاف العلماء والمصلحين الذين عملوا على إصلاح أمّة الإسلام والنهوض بها. إذ لم تكتف جامعة الزيتونة بأن تكون منارة تشع بعلمها وفكرها في العالم وتساهم في مسيرة الإبداع والتقدم وتقوم على العلم الصحيح والمعرفة الحقة والقيم الإسلامية السمحة.

2- مشيخة الازهر ( الجامع والجامعة ) بمصر :

مؤسسة تتولى الإشراف على جامع الأزهر والهيئات التابعة له، قادها في البداية ناظر ثم شيخ الأزهر، ووكيله وهيئة كبار العلماء.

1) أصدر السلطان العثماني سليمان القانوني “فرمانا” (مرسوم أو قانون) لخلق منصب (شيخ للأزهر) يختاره العلماء. وتم اختيار الشيخ محمد بن عبد الله الخراشي شيخا للأزهر (توفي 1690م) وتولى مشيخة الأزهر بعده 45 شيخا .

2) ظل منصب شيخ الأزهر ينتخب من الشيوخ إلى عام 1911 حيث صدر قانون الأزهر الذي أنشأ هيئة لكبار العلماء مكونة من 30 عالما من علماء الأزهر. واشترط أن يكون شيخ الأزهر عضوا في هذه الهيئة التي تغير اسمها في عهد مشيخة المراغي إلى “جماعة كبار العلماء”.

3) وفي عهد الرئيس جمال عبد الناصر صدر عام 1961 “القانون 103″ الذي ألغى جماعة كبار العلماء وحولها إلى مجمع البحوث الإسلامية (50 عضوا )، الذي صار شيخ الأزهر يعين من بين أعضائه قانونا بقرار من رئيس جمهورية مصر العربية.

3- مشيخة باريس) عميد جامع باريس فرنسا :

تعاقب على رئاسة المعهد الإسلامي التابع للمسجد الكبير الذي تأسس سنة 1922 عدة شخصيات، بداية من قدور بن غبريط، كأول مدير له من سنة 1922م حتى سنة 1954م، ،خلفه ابن أخيه أحمد بن غبريط بين 1954م- 1956م، في فترة شهدت استقلال كل من تونس والمغرب. تزامن ذلك مع تعيين حمزة بوبكر عميداً ورئيسا للمعهد من سنة 1957م وحتى سنة 1982م. ثم خلفه عباس بن الشيخ الحسين، الذي تولى الرئاسة بين سنتي 1982- 1989م قام خلالها بإصلاحات في المسجد، خلفه تيجاني هدّام بين سنتي 1989 – 1992م، ثم خلفه العميد الطبيب دليل بوبكر، الذي تولى أول رئاسة للمجلس الفرنسي للديانة المسلمة الجهة الممثلة دينياً للمسلمين لدى السلطات الفرنسية . الذي قدم استقالته 2020 ليخلفه بعد انتخابه شمس الدين حفيظ عميدا جديدا لمسجد باريس، حسب بيان للمعهد الإسلامي لمسجد باريس.

في الختام تجدر الإشارة انه في ظل دولة القانون فان التشريع بأوامر والفجائية في التعيينات وعلى افتراض صلاحها كما هو ظاهر على الاقل لي في موضوع الحال فانه ليس ابدا بعمل مؤسساتي ويجب التسريع بمشروع قانون شامل منظم للجامع الذي نتمنى ان يكون منارة وتاج فوق الرؤوس وجامع لشمل كل الجزائريين والمسلمين وربما يعيد احياء ملتقيات الفكر الاسلامي .

الجمعة 08 شعبان 1443

—- تهميش ————

(1)زاوية الهامل أو الزاوية القاسمية هي إحدى الزوايا في الجزائر الواقعة في بلدية الهامل بدائرة بوسعادة ضمن ولاية المسيلة، والتابعة لمنهاج الطريقة الرحمانية.

(*) 1- رُتبة مِن رُتَب الجَيش والشُّرطة فوق العقيد ودون اللِّواء. 2- مُدير في الجامعة. عَميد كُلِّيَّة”

(2)يتحدث رابح لونيسي بصيغة الجمع تحت شعار (جزأرة علمانية الجزائر” قبل كل شيء ” ):” بان تعيين شيخ زاوية الهامل كعميد لجامع الجزائر هي بداية التخلص من مرجعيات دينية مشرقية مدمرة زرعت في مجتمعنا الانغلاق والكراهية والفتن والإرهاب، كما هي بداية العودة إلى اسلام جزائري يتميز باالصوفية والتسامح والتفتح وغرس قيم التعايش والمحبة والسلام وعدم استغلال ديننا لأهداف سياسوية وسلطوية، فقد حان الوقت لتحويل جامع الجزائر إلى منارة للترويج لهذا المفهوم الجزائري الأصيل للإسلام المتماشي مع ثقافتنا وهويتنا الامازيغية العربية المسلمة. جعل الترتيب معكوس .