عمليات طرد دبلوماسيين واتهامات بالتجسس: عودة الحرب الباردة بين الشرق والغرب

كتب: أحمد حازم

تاريخ النشر: 02/04/22 | 18:02

عالم الدبلوماسية هو عالم قائم بذاته، له خفايا وأسرار ولا سيما في سفارات الدول الكبيرة. فهناك أعراف وقوانين في هذا العالم أي (عالم الدبلوماسية) لا يعرف بها سوى أصحاب العلاقة. وقد جرت العادة لغاية الآن، أن أي تصرف من دولة ما تجاه دبلوماسيي دولة أخرى يقابله تصرف بالمثل تماماً. وقد شهد العالم حالات كثيرة في زمن الحرب الباردة وبالتحديد بين الإتحاد السوفييتي السابق وبعض دول الغرب، عندما كانت هذه الحرب الباردة على أشدها بين المعسكرين الشرقي والغربي.

التاريخ يعيد نفسه، وكأن الحرب الباردة لم تنته بتفكك الاتحاد السوفييتي. فعمليات طرد الدبلوماسيين بدأت تتجدد بن روسيا بوتين، ودول في الاتحاد الأوروبي. فقد أقدمت أربع دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي في عملية على الأكثر انها منسقة مسبقاً بينهم، بطرد عشرات الدبلوماسيين الروس بشبهة التجسس.

هولندا وبلجيكا وإيرلندا وجمهورية التشيك بعثت في التاسع والعشرين من شهر مارس/آذار الماضي برسائل إلى روسيا، تخبرها فيها بوجوب مغادرة 43 دبلوماسيا روسياً. ويبدو أن وزيرة الخارجية البلجيكية لها موقف مناهض تماماً للسياسة الروسية، أو أن العلاقة بينها وبين بوتين سيئة للغاية، لأن نصف الدبلوماسيين الروس المطرودين من تلك الدول الأوروبية هم من بلجيكا. وكانت وزيرة الخارجية البلجيكية صوفي ويلمز قد أعلنت عن طرد واحد وعشرين دبلوماسيا روسيا للاشتباه في قيامهم بأعمال تجسسية، على ذمة الوزيرة.

أما مملكة هولندا الدولة المجاورة لبلجيكا، فقد أقدمت على طرد 17 دبلوماسياً روسياً بتهمة التجسس حسبما أعلنت وزارة الخارجية الهولندية. وكانت الحكومة الهولندية قد اتخذت قرار ترحيل هؤلاء الدبلوماسيين الروس وهم ضباط مخابرات “بسبب التهديد للأمن القومي الذي تشكله هذه المجموعة من ضباط المخابرات وبسبب الموقف الحالي لروسيا بشكل عام ” بحسب وزارة الخارجية الهولندية.

وزير الخارجية الإيرلندي سايمن كوفيني، طلب من أربعة مسؤولين كبار في السفارة الروسية المغادرة “لانخراطهم في أنشطة لا تتوافق مع المعايير الدولية للسلوك الدبلوماسي” حسب الوزير الإيرلندي.

الحكومة البولندية سبقت تلك الدول الأربع بطردها لخمسة وأربعين دبلوماسيا روسيا بحجة أنهم غير مرغوب فيهم، لأنهم يمارسون في بولندا أعمالاً تجسسية، حسب رأي الحكومة. وبالإمكان تصور العدد الكبير من دبلوملسيي سفارة روسيا في بولندا، إذا كان الطرد قد طال خمسة وأربعين دبلوماسياً.

الأمر واضح، وهو أن عملية الطرد هي بسبب حرب روسيا على أوكرانيا. وقالت بولندا، إنه تم اتخاذ قرار الطرد تضامنا مع أوكرانيا. وقد ردت روسيا على الخطوة البولندية بتهديد مبطّن في بيان لها، قالت فيه بكل وضوح:”إن بولندا قامت بتصعيد خطير في المنطقة لا ينطلق من مصالحها القومية وأن خطوة بولندا هي نحو التدمير النهائي للعلاقات الثنائية وأن هذا التصرف العدائي لن يمر بدون رد”.

وليس بالضرورة أن تكون الاتهامات بالتجسس صحيحة. فإذا كانت العلاقة متوترة إلى أبعد الحدود بين بلدين بسبب مواقف معينة، قد تقدم دولة باتخاذ خطوة الطرد من خلال توجيه تهمة التجسس دون تقديم أي براهين.والدولة المتهمة دبلوماسييها بشبهة التجسس تتخذ نفس الخطوة. وبما أن كل فعل له ردة فعل، فإن روسيا لم تسكت على الإجراء الأوروبي بحق دبلوماسييها.
ويبدو على الأكثر، أن حرب أوكرانيا فتحت الباب على مصراعيه لإعادة أجواء الحرب الباردة التي كانت سائدة في سنوات القرن الماضي، ولكن هذه المرة بصورة أكثر.

رمضان كريم وكل عام وأنتم بخير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة