رعد في “شارع ديزينغوف” وفشل سياسة الحلول الأمنية والفصل العنصري

تاريخ النشر: 09/04/22 | 16:59

إذا كان “شارع الضباب” قد دخل إلى قلوب العرب عن طريق الغناء، وحمل أغنية باسمه لا تزال على كل شفة ولسان في العالم العربي، قدمها المطرب الراحل عبد الحليم حافظ، فإن “شارع ديزنغوف” في تل أبيب دخل أيضاً الذاكرة العربية سياسياً. الفرق بين الشارعين، بالنسبة لي كمحلل سياسي، أني عرفت المطرب الراحل “وشارعه الضبابي “عن قرب لكني لم أعرف أي “رعد” في حياتي لا عن بعد ولا عن قرب، ولم أتعرف على مكان رعده في “شارع ديزينغوف” في مدينة تل أبيب التي أمر الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي إعلامه بتسميتها “تل الربيع”.

“الموت” هو القاسم المشترك بين الثلاثة مع اختلاف الأسلوب. صحيح أن صاحب “شارع الضباب” قد لاقى حتفه بصورة طبيعية، لكن رعد ” شارع ديزينغوف” غادر الحياة إلى الآخرة قتلاً، تماماً كما غادرها قذافي ليبيا صاحب نظرية “إسراطين”
أحد شوارع وسط تل أبيب التي تعج بالمارة والمقاهي والمطاعم والحركة الدائمة ليل نهار، حمل اسم “ديزنغوف” نسبة لـ (مائير ديزنغوف) أول رئيس لبلدية تل أبيب. هذا الشارع شهد مساء أول أمس الخميس في الأسيوع الأول من رمضان، عملية هجوم جديدة أسفرت عن مقتل إثنين من الإسرائيليين، وبعدها لاقى أحد جرحى الهجوم حتفه وارتفع عدد القتلى بذلك إلى ثلاثة.
هذه العملية الهجومية في شارع ديزينغوف التي حملت بصمة “رعد جنيني” لم تكن الأولى من نوعها التي يشهدها هذا الشارع السياحي، ولذلك ليس من المستغرب أن ينظر إليه المجتمع اليهودي على أنه شارع الرعب، الذي سبب الهلع لهذا المجتمع بسبب تاريخه الحافل بالخوف، وأصبح اسمه مرتبطاً بعمليات فلسطينية الصبغة، هزت تل أبيب وأرعبت الإسرائيليين، منذ التسعينات وبداية الألفية الجديدة.

لقد أعادت العملية الجديدة لأذهان الإسرائيليين سلسلة من الهجمات التي وقعت في الشارع، حسب تقرير نشرته صحيفة “معاريف” حول أبرز العمليات التي شهدها هذا ااشارع. ففي التاسع عشر من شهر تشرين أول 1994 شهد شارع “ديزينغوف” أول عملية تفجيرية أدت إلى مقتل 23 إسرائيليا، وتم اعتبارها من أكبر العمليات التي شهدتها إسرائيل. كما وقعت عملية أخرى في نفس الشارع في الرابع من شهر مارس/ آذار 1996، أسفرت عن مقتل 13 شخصاً. وفي شهر يناير/ كانون الثاني من العام 2016، قتل إسرائيليان في عملية إطلاق نار وقعت في حانة بنفس الشارع. وعلى ذمة موقع الصحيفة فإن تل أبيب شهدت هجمات قوية على مر السنين، خاصةً تلك التي وقعت في ملهى الدولفين على شاطئ البحر في الأول من يونيو/حزيران 2001 نجم عنها مقتل 21 إسرائيلياً.

ما جرى من عمليات هجومية سابقة ولاحقة في العمق الإسرائيلي في قلب نل أبيب، يثبت بصورة قاطعة، أن سياسات الحلول الأمنية والإقتصادية والقمع والفصل العنصري لا تؤدي مطلقاً إلى جلب السلام، بل الحل السياسي المبني على الشرعية الدولية هو الذي يحقق حالة الأمن والإزدهار.
مشكلة إسرائيل الأساسية أن قادتها (سياسيون وعسكريون) لا يفهمون بعد العقلية الفلسطينية الوطنية وطريقة تفكير الشعب الفلسطيني، بل يهمهم بالدرجة الأولى الحفاظ على أمن وإستقرار الاسرائيليين عبر التنسيق الأمني مع الوكيل الفلسطيني الرسمي، ولا يستوعبون ان الطريق للسلام يمر فقط عبر فلسطين وقضيتها العادلة. فمتى يفهم ذلك قادة إسرائيل؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة