أحتمي بأحلامي ..

عندما تهاجمنا الطائرات
أحمي عظامي بلحافي القديم
في ليلتي
وقميصي المرقَّع في نهاراتي
أمد يداي لأمسك بالطائرات
ودويّ المتفجِّرات
فتنجح دائماً في الإفلات
وتترك لي يديَّ عاجزات
***********
فأعود الى أحلامي ..
أهرب إليها
وأحياناً أحضنها في داخلي
كي أحميها من قصف الطائرات
قالت أمي : يا بنيَّ
إن الأحلام لا تموت فإن مات صاحبها
تستوطن قلوب المجاهدات
ونوّار اللّوز
وأحضان الأمهات
***********
عندما تقصف الطائرات بيتاً من بيوت حارتنا
أشعر أنه بيتنا
أهرب من ركامه الكئيب
وأبني في أحلامي بيتاً جميلاً
له نوافذ وأبواب
تدخله الشمس من كلِّ الجهات
تملأه الأشجار الخضراء
والزهور الحمراء
*********
و أطير مع العصافير
وأحطُّ على غصون الشجر
وأشارك الحسون تغريده
وأبني لي عليها بيتاً من قشِّ البيدر
وريش النعام
وأملأه بالفراخ
تزقزق في وئام
***************
و أحلم أني أركب بساط الريح
وأعتلي عنان السماء
أجاور النجوم
ونور القمر
وأبني لي بيتاً من زرقة السماء
وسريراً من نتف الغيوم
وأنام هنك في حضن الأحلام
**********
أركب على المراجيح
وأحثها على الطيران
حتى تعلو .. عالياً .. عالياً
الى الأفق
لأتَّحد مع دمدمات الغسق
وأبني لي هناك بيتاً من شمس الأصيل
وأنام هناك ليليَّ الطويل
حتى يطلع الفجر
**************
و أطير مع الفراش
أتنقَّل من زهر الى زهر
خفيفاً لا أترك أثر
وأنصت الى همس وشوشات حكاياتي
الذي يتحدُّ مع خيمة السِّكون
ونسمات الهواء الخجول
فترتاح نفسي
وتنتعش من الذبول
**********
و عندما يصمُّ أذاني
أزيز الطائرات القاصفة
تجتاحني صور بلال
يتقلّب على رمضات الرمال
وهو يصيح : أحد .. أحد
فألحق به الى الجنان
الى أشجارها الوارفة الظلال
وأغرق هناك في دلال
******************
و عندما يعمي عينيَّ الركام
أهرب الى الأحلام
باحثاً عن فارس ينزل من بين الغمام
فيعيد بناء الخراب
ويعيد الى بلدنا الوئام
ويدخل الى قلوبنا السلام
***********
ولكني ..
دائما أعود من حلمي
مستيقظاً من سراب وهمي
حاملاً أثقال همّي
وخراب يأجج غمّي
والخوف ينهش دمّي
************
وأعود الى عالم الأحلام
لأحمي نفسي من الطائرات
وما تتركه وراءها من موت وركام
******