35 عاما على استشهاد ناجي العلي.. ضمير فلسطين
بقلم: أحمد حازم
تاريخ النشر: 29/08/22 | 11:03في مثل هذا اليوم التاسع والعشرين من شهر أغسطس/آب عام 1987 قبل 35 عاما أسلم الراحل ناجي العلي الروح نتيجة عملية اغتيال. خبر الإغتيال وقع كالصاعقة على رؤوس الفلسطينيين وباقي الشعوب العربية وليس أنظمتها. كانت معرفتي برسام الكاريكاتير الفلسطيني الراحل ناجي العلي معرفة عميقة وقوية، بدأت في لبنان واستمرت حتى اغتياله في العاصمة البريطانية لندن، التي كان لها شرف إقامة الراحل فيها وشرف احتضان قبره الذي يحمل الرقم (230191) في مقبرة “بروك وود” الإسلامية في لندن.
في شهر يونيو/ حزيران ظهر (حنظلة) الطفل الفلسطيني الصغير رمز رسومات ناجي العلي على طابع بريد ألماني صدر بدعم من جمعية ألمانية خيرية تسعى الى تعريف الجمهور الألماني بهذه الشخصية. تصوروا ان المانيا أصدرت طابعا بريديا للراحل ناجي العلي تقديرا واحتراماً لأعماله، بينما سلطتهم الفلسطينية لم تفعل أي شيء على الصعيد الرسمي لتكريم الراحل. هم مشغولون بالتنسيق الأمني ولديهم الوقت لقتلة الفلسطينيين لكن لا وقت لديهم حتى للتفكير بمناضلين كبار مثل الراحل أبا خالد.
في العام 1984أجرت الكاتبة المصرية الراحلة رضوى عاشور حواراً مع ناجي العلي، قال فيه: ” إن
شخصية الطفل الصغير الحافي هي رمز لطفولتي، قدمته للقراء وأسميته حنظلة، وأنا تركت فلسطين فى هذا العمر وما زلت فيه، وسيظل حنظلة في العاشرة حتى يعود الوطن، عندها فقط يكبر ويبدأ في النمو”.
كلام في منتهى الروعة يحمل معاني سياسية عديدة. لكن كيف بفهم هذه المعاني من يؤمن بالتنسيق الأمني ولا يؤمن بحق العودة؟
الراحل ناجي العلي تلقى أكثر من مائة تهديد بقتله، لكنه لم يأبه بها، كان يرفض كل حماية ومرافقة له وكان يقول دائما الأعمار بيد الله. وله مقولة مشهورة : “الحذر لا يمنع القدر”. الذين خططوا ونفذوا عملية اعتيال ناجي العلي كان حنظلة يزعجهم ويقلقهم ويفضحهم في نفس الوقت. ولذلك أرادوا التخلص منه. قتلوا ريشة فلسطين لأنها كانت تفضحهم ولأنها كانت تظهر عيوبهم، ولم يكن الراحل يؤمن بهم بل بفلسطين فقط. كان يقول لي دائماً “دير بالك عحالك يا أحمد” وهو نفسه لم يفعل ذلك لإيمانه القوي بأن الساعة تقترب عند مشيئة الله فقط.
أكثر من أربعين ألف رسم كاريكاتيري قدمها الراحل للعرب، ما عدا الرسومات التي تعرضت لمقص رقابة الأنظمة وأصدر ثلاثة كتب في أعوام 1967، 1983، 1985، كما أن أعماله تنقلت بين معارض عربية وأوروبية وأمريكية في بيروت ودمشق وعمان وفلسطين والكويت وواشنطن ولندن.
رسوماته كان لها تأثير سياسي في الشارع العربي من المحيط إلى الخليج. وهو الذي كان يستهدف التغيير فلسطينياً وعربياً، ولذلك كان يزعج أنظمة عربية معينة. وهو الذي استطاع أن يحوّل الرسم الكاريكاتيري من مجرد رسم مضحك إلى رسم توعية سياسية، وإلى عامل محفز من أجل التغيير، ولذلك أرادوا له أن يموت.
الراحل ناجي العلي توقع مسبقا مصيره، وكان يعرف أنه لن يموت موتاً طبيعياً، وتذكرت قوله : “اللي بدو يرسم ويكتب عن فلسطين بدو يعرف حالو ميت”. رحمة الله عليك يا أبا خالد، يا ضمير فلسطين الخالد.