ما مَوطني؟!
بقلم: ميسا صح
تاريخ النشر: 01/04/23 | 12:05هو شتلةٌ من نَعنعٍ في حوضِ ذكرى شلَّها طعمُ الهوانْ؟
هَلْ مِن مُجيبٍ علَّني أسعى لغيرِ غَنيمةٍ؟!
صوتي أصمٌّ ها هُنا
وغزا الجمودُ بَراءَتي،
لا صوتَ لي في غابةٍ أكلَ القويُّ ضعيفَها
جبرانُ يسألُ والطلاسمُ عُدَّتي
من يسمعُ اللاشيءَ في اللاشيءِ مَن ليُجيبني؟!
هلْ ضاعَ منّي واحتمالُ الردِّ صفرُ قضيَّةٍ؟!
ما مَوطني؟!
عشتارُ هيّا إنزِلي تموزَ أرضًا
ها لقد حان الحصادُ وَقَمحُنا بِيَدِ الصليبِ رهانُهُ
والصلبُ فصلٌ يبعثُ الأرواحَ ثُمَّ يُعيدُها
وغدًا سأُبعثُ من جديدٍ بينَ أكفانِ الصخورِ تلاوةً للطائرِ المجروحِ ينزِفُ خَيبةً
وغدًا سأولَدُ من جديدٍ ها هُنا بينَ استعاراتٍ لوقتٍ ما مضى
وغدًا سينبُتُ من جديدٍ قمحُ حقلي عندما يأتي الأوانْ…
هي وحدُها فرضيَّةُ الهذيانِ تَضبِطُ ساعتي بيدِ الصحاري، جهِّزوا أدواتِكم،
فغدًا غدًا في رحلةٍ “ذو الرمّةِ” المغرومُ بالصحراءِ عينُ دَليلِنا
كي نَرتَشي من نظرةٍ للثعلبِ المكّارِ جاءَ لِوَعظِنا
فرضيَّةُ الهذيانِ تجدل خاطِري وتثيرُني
وغدًا سَأولَدُ من جديدٍ بينَ طيّاتِ الكتابِ كنايةً عن سِكَّةٍ قطعَ القطارُ مسارَها وَمَنالَها بنهارِها وَمَنامِها
وغدًا سأولَدُ من جديدٍ بذرةً لا تكبرُ الأحلامُ في نبضِ الكَيانْ…
يا بائعًا لليومِ خُذْ منّي عقارِبَ ساعَتي
عُدْ بي سِنينًا حيثُما هُوَ شهريارٌ ينتقي مِن ألفِ عمرٍ ليلةً
قُلْ أينَها يا شهرزادُ أطَلتِهِ الميعادَ هاتي وصلةً بِيَدِ الحسانْ
فَغَدًا سأولَدُ من جديدٍ طفلةً من رحمِ أمٍّ يعرُبيٍّ صلبُها
وأنا هُنا
ضقتُ انتظارًا علَّني ألقى مُجيبًا للسؤالِ
تريَّثي يا نفسُ لي
يا عمرُ لي عُدْ بي سِنينًا حيثُما لم تولدِ الآهاتُ في مهدِ الزمانْ…
فإلى مَتى
أسعى كأهلِ الكهفِ أجهَلُ وُجهَةً مِنْ عُملَتي؟!
علَّ احتمالَ العمرِ يكشِفُ سرَّهُ ويجيبُني
ما موطني؟
غادرتُ كلَّ هزائِمي وجمعتُ بعضَ عزيمةٍ
وغدًا سأبني للحَكايا منزلًا إيقاعُهُ لحنٌ حزينٌ سقفُهُ غيمُ الإرادةِ والدُخانْ…
هل موطِني حجرٌ “لستّي فاطِمَةْ” وعقالُ جَدّي “ناصرٌ” ؟!
هزَمَ المسافَةَ حينَما رَكِبَ الحمارَ مسافرًا صُبحًا إلى لبنانَ راحَ كتاجرٍ في الحربِ يبتاعُ القماشَ لإبنةِ المختارِ كي يأتي بِقرشٍ يشتري زادًا لعَمّي مُصطفى
قد ماتَ عمي مُصطفى
قد ماتَ جدّي ناصرٌ
سبَقتْ ثراهُم جدَّتي
رغمًا لِذا ما زالَ يحتلُّ السؤالُ خَريطَتي
ما موطني
هل مِن مُجيبٍ ها هُنا؟!
يا لحنَ محرومٍ منَ البَسَماتِ في وجهِ الصباحِ قضيَّتي علَّقتُها؛ صَلَبَ النهارُ وضوحَها
هل تعلمونَ بأنَّني وبرغمها إعتدتُها قصصَ الخذولِ
وانني بين الذئاب أعدّها لا لا أخافُ ولا أضيعُ
وأنّني تلك التي أغْفَلتُ جُرمَ كليبَ في حربِ البسوسِ وأربعون وقيعةٍ لا لا تهزُّ أناملي؟!
هي حرب ذاتٍ خضتُها لا ناقةً قتلَ الضغينُ مصيرَها
فليَ الكرامةُ والأصالةُ والحصانْ…
ما موطِني، ما قصَّتي، أينَ الجداولُ أينَ بيتي أينَ أشجارُ الصنوبَرِ أينَ قندولُ الجبالِ وعطرُهُ أينَ الحجارةُ أينَهُ زهرُ المكانْ؟!…
أم هجَّروني مِثلَما ميعارَ والدامونَ أو حِطّينَ والطنطورةَ الحُبلى ببحرِ عَيانِها؟!
يا لقمةً للعيشِ أمسَتْ صَعبةً
وعباءةُ الكابوسِ تلبس خاطري وخواطري
يا يومَ ميلادِ الجراحِ يقيمُ بي يحتلُّني ويحيلُني لقضيَّةٍ منسيَّةٍ
أُفُقي قصيرٌ يا أبي…
بردانةٌ إنّي فدثِّرني وأبدِلْ حَسرَتي
أتريدُني بينَ القطيعِ سحابةً أو زلةً بفمِ اللسانْ؟!
أُفُقي قَصيرٌ يا أبي
ما عدتُ أُمسِكُ في سمائِكَ نجمةً
وتقولُها “سيري كما الغيماتِ بالموجِ الرتيبِ تفاءَلي
خيرًا تُلاقي خيرَهُ
هل للخلاصِ بشرقِنا ميعادُ؟!
مَن يحمي الديارَ يَصونها؟
وتقولُها وغدًا ستقذِفُ موجةٌ طفلًا حصينًا لا يُكرِّرُهُ الزمانْ…
وغدًا سيولِدُ شرقُنا طفلًا سيمنحُنا الأمانْ…