انتفاضة النساء في مدينة باقة الغربية
تاريخ النشر: 13/12/10 | 0:22بقلم – فاروق مواسي
وصف ” شاعر النيل” مظاهرة قامت بها سيدات مصريات في ثورة سنة 1919، ومع جلل الحدث ومجابهة المدافع والبنادق فقد كان سلاحهن الورد والريحان، فتضعضعت النساء،لأنهن كن بلا قوة، ثم انهزمن في معركة غير متكافئة، وبذا يقول حافظ ساخرًا من الجيش:
والورد والريحان في ذاك النهار سلاحنهْ
فتطاحن الجيشان سا عاتٍ تشيب لها الاجنّهْ
فتضعضع النسوان والنسوان ليس لهن مُنّهْ
ثم انهزمن مشَتّتاتِ الشمل نحو قصورهنهْ
فليهنأ الجيش الفخور بنصره وبكسرهنهْ
إلا أنّ انتفاضة النساء في باقة الغربية ضد الجيش الإنجليزي كانت الأولى من نوعها في التاريخ الفلسطيني وفي القرى على وجه الخصوص، فسلاح النساء كان الحجارة ورماد “الطابون” ، والنصر كان حليفهن قبل ان يعرفن إشارة “v “.
ولعلك تسأل ماذا؟ ومتى؟ وكيف؟ فلنعد الى البدء:
حدثني الحاج محمد رشيد عارف صفا ،وهو مؤرخ محليّ يحصي الشاردة والواردة في تراثنا، قال:
كان ذلك في الحادي والثلاثين من شهر آب سنة ألف وتسعمائة وواحدة وأربعين،فقد سُرقت ست بندقيات من الجيش الإنجليزي ( من كامب 80) بالقرب من باقة، ورغم أن اقتفاء الأثر إذاك لم يدل على أن البندقيات وصلت إلى باقة، إلا أنّ قيادة الجيش البريطاني أنذرت المختار بوجوب إعادة البندقيات خلال أسبوع ، وإلا فالويل كل الويل.
لكنهم وبعد أربعة أيام فقط أجروا تفتيشًا في كل منزل ومنزل، وحشدوا قوات من الشرطة لا تحصى، وهرعت قوات اخرى من كركور والخضيرة، واعتقلوا أربعين شخصًا من الشيب والشباب، وضربوهم وأهانوهم ، بل كانوا يأمرون الأطفال بالبصاق على لحاهم، والركوب على ظهورهم، وبساديّة تشف عن مكامن حقدهم. ونصبوا في أثناء ذلك خيامًا للشرطة، كما احتلوا بعض المنازل المجاورة للمقر العسكري.
وقد أصدر ضابط المنطقة المدعو “شارب” وكان برتبة “سيرجنت” أمرًا بتقديم المؤن اللازمة للجنود والشرطة، كما كلف الأهالي بتقديم العلف لخيولهم، وأمرهم بتنظيف المخيم بشكل متواصل.
ظل الانتقام دأبهم ليل نهار، والإهانة والتوبيخ والضرب تلاحق السكان ، فلا يرعوون عن طفل ، ولا يزدجرون من شيخ.
– “يجب أن “تخلقوا” القطع الست! اشتروها! اخلقوها! لصوص!”. هكذا أصدر “شارب” الأمر
تعاون الناس على قلة الموارد وضيق ذات اليد، واشتروا ست بندقيات تفاديًا للعذاب الهون. ومع ذلك بقي الناس يلاقون الأمرّين، مما أدى إلى الهرب من القرية ، تاركين أكداس القمح في البيادر بدون علاج ولا حراسة. وفي العاشر من رمضان “ذكرى نصر المسلمين في بدر” :
احتفل الإنجليز مع الناس احتفالاً من نوع آخر جمعوا الشيوخ في ساحة القرية، وطلبوا منهم شتى الطلبات:
تارة أن يرقصوا أو “يدبكوا” ، أو يقلدوا الحيوانات، بل طلبوا من الواحد أن يلقي بقشور البطيخ والزبل على وجه الآخر. وكل من تململ أو عارض كانت الضربات تنهال عليه تترى ، فيرى دمه يسيل ، ولا من يسعفه، بل كان الإنجليز وبعض العملاء المتعاونين يدوسون على الرقاب بأحذيتهم قائلين للواحد : ” خلّي ربك ومحمّدك اللذين تستجير بهما يدافعان عنك”.
إزاء هذه الإهانات المتلاحقة وسماع تأوه الرجال ” أخذت أم السعيد” – حرم عبد الله صالح أبو بكر – و “أم أحمد” – عائشة الغليونية – تؤلبان النساء حتى تجمعت العشرات منهن، وما هي إلا لحظات حتى ملأن “القفف” أو “الزنابيل” بالرماد “السكن”، ورافقهن الصغار في مظاهرة حاشدة، والكل يصيح في عنفوان- “الله عليكم الله” ، واندفعت حماسة النساء، حيث كشفن شعورهن ، وحركن الأردان في صعود وهبوط داعيات على أعداء الله والوطن.
ودفعة واحدة أخذن يعفرن الرماد في وجوه الإنجليز الذين وقعوا في حيرة من أمرهم، فأخذوا يطلقون الرصاص في الهواء، غير أن الصغار حصبوهم بالحجارة المصيبة، فوقع الإنجليز في ورطة ، والنساء منهمكات في تعفير الرماد، وهن يصحن قائلات : “هيل عليكم هيل”.
أُسقط في يد الإنجليز، فلاذوا بالفرار خاسئين، وهم لا يلوون على شيء، وما هي إلا ساعات حتى كانت الخيام في حركة ارتحال ، ثم كانت أثرًا بعد عين.
ومن الطريف أن الراوي كتب زجيلة تصف هذه الأحداث ، نذكر منها:
دب الحمى في النسا في هالبلد هبّين
باب الشوادر صيّحن يِِِِِنْخين
قِمْن السّكَنْ ع وجوههم تِعْفير
جُندُ الطّواغيت هَمّوا كي يضربوها
ودموع تذرف على الوجنات يَقْنِينْ
صرخات حزن وألم ع الظلم يدعين
وهكذا سجلت نساؤنا الفلسطينيات صورة بطولية أين منها الصورة الساخرة التي وصفها حافظ،، ولعلي أسمح لنفسي بتحوير أبيات حافظ فأقول واصفًا نساء بلدي :
كان الرَماد بعَفْرِهِ ذاك النهارَ سلاحهنهْ
ثارت نساء القوم والنسوان صار لهن مُنّهْ
ثم انتصرن موحداتِ الشمل نحو بيوتهنهْ
فليخسأ الجيش الذليل بكسره وبنصرهنهْ
إذا لم يجد الإنسان شيئا يموت من أجله
فإنه في أغلب الظن لن يجد شيئا يعيش من أجله .
باقه الغربيّة:
17 كم شمال شرقي طولكرم.
الأراضي المغتصبة حتى عام 1972
13,521 دونم
الأراضي المغتصبة الواقعة في خط الهدنة
21,514 دونم
محتلة منذ 22,932 يوماً
مشكور على هذه القصة الهادفة
هذه القصة يجب علينا أن لا ننساها وتبقى أمامنا وفي وجداننا حتى نعرف مقدار ضعف الغاصب وقوة الحق .
تذكر !!
في الجامعة نتعلم الدروس ثم نواجه الامتحانات …
أما في الحياة فإننا نواجه الامتحانات وبعدها نتعلم الدروس
أن محادثة بسيطة أو حوار قصير مع إنسان حكيم يساوي شهر دراسة
أنه لا يهم أين أنت الآن … ولكن المهم إلى أين تتجه في هذه اللحظة
خير للإنسان أن يكون كالسلحفاة في الطريق الصحيح …
على أن يكون غزالا في الطريق الخطأ
أن مفتاح الفشل هو محاولة إرضاء كل شخص تعرفه
خير للإنسان أن يندم على ما فعل … من أن يتحسر على ما لم يفعل
أن العمل الجيد أفضل بكثير من الكلام الجيد
أن الناس ينسون السرعة التي أنجزت بها عملك … ويتذكرون نوعية ما أنجزته
يوجد كثير يحصلون على النصيحة … القلة فقط يستفيدون منها
أن المتسلق الجيد يركز على هدفه ولا ينظر إلى الاسفل … حيث المخاطر التي تشتت الذهن.
أن هناك أناس يسبحون في اتجاه السفينة … وهناك أناس يضيعون وقتهم بانتظارها
لا ينتهي المرء عندما يخسر … إنما عندما ينسحب
أن الذي يكسب بالنهاية … من لديه القدرة على التحمل والصبر
من أكثر الأسلحة الفعالة التي يملكها الإنسان … هي الوقت والصبر
على الإنسان أن يحلم بالنجوم …
ولكن في نفس الوقت يجب ألا ينسى أن قدميه على الارض
عندما تضحك … يضحك لك العالم ، وعندما تبكي … تبكي وحدك
هناك فرق كبير بين التراجع … والهروب
أن الشجرة المثمرة … هي من يهاجمها الناس
من أجمل الأحاسيس هو الشعور من داخلك
بأنك قمت بالعمل الصحيح حتى لو عاداك العالم أجمع
إذا لم يجد الإنسان شيئا يموت من أجله …
فإنه في أغلب الظن لن يجد شيئا يعيش من أجله
أن الابتسامة لا تكلف شيئا …ولكنها تعني الكثير .
بارك الله بك د. فاروق مواسي على هذه المقالة البناءة والهادفة…..ولكن اين نساء زمان من نساء اليوم؟؟!! بلا شك ان امهاتنا وجدادتنا رمز الآصالة والشجاعة والمسؤولية والكفاح والنضال من أجل العيش بشرف، من اجل الكرامة والحرية. عشن حياة تقشف ورضين بالموجود وكافحن مع الرجال، جنب الى جنب، بكل مجال دون تذمر…اما نساء اليوم فالتذمر كثر والركض وراء الماديات والقشور اعمى القلوب والنفوس…والهدف الأسمى ضاع…والفراغ والسطحية وعدم الثقافة للأغلب طمست العقل …واندثرت مثل وقيم عند بعضهم، ذكور واناث، وحالنا يرثى له كأقلية هنا في ضياع…..
[…] صدور السيرة الذاتية للشاعر فاروق مواسي في خيمته السبعين… محمود درويش كما عرفته متعتي ونزهتي…مع بروفسور فاروق مواسي في حاجز الجفتلك.. صوتان لا يتحاوران في عنف انتفاضة النساء في مدينة باقة الغربية […]