حورية البحر

شهد محمود مصري، ابنة كفرقرع، تحب لغة الضاد، لغتنا العربية، تقرأ وتكتب القصص والأشعار، بعثت الينا عبر البريد الالكتروني لموقع بقجة رسالة تقول فيها: “مرحبا يا زوار موقع بقجة وأهلا بالقراء الأعزاء أقدم لكم قصة كتبتها أتمنى أن تنال إعجابكم…”

في مدينة جميلة وهي مدينة البساطة والتراث، ألا وهي عكا، يطل عليها بحر شامخ يزمجر قد يكون غيظا او غضبا، تجذب إليه الناس لأن رائحته رائحة الوطن… يعيد لنا ذكريات فلسطين .

انتقلت عائلة جديدة مكونة من أب وأم وطفلة وحيدة مدللة اسمها حورية إلى عكا لتسكن في بيت يطل على الشاطئ.

كانت هذه الطفلة بريئة، نقية القلب، تعشق البحار تتعلق بشذى البحر الجميل، تعد البحر روحها الذي ليس من السهل تركها. وفي يوم من الأيام وقد أعدت الأم الطعام الغداء فنادت ابنتها حورية لتحضر وتتناول الطعام مع والديها . فعندما جلست على المائدة سألت أمها : ماذا حضرت لنا؟

أجابت الأم: لقد أعددت السمك الطازج الذي اشتريته عندما ذهبت إلى التسوق في الصباح….ولكن عندما سمعت حورية هذا الكلام حزنت، ولما رأتها أمها جالسة وهي صامتة ولم تلمس شيئا من الطعام سألتها: ما بك يا ابنتي لا تأكلين شيئا؟

ردت الطفلة: ألا تعرفون إن هذه الأسماك هي مخلوقات تريد أن تنعم بالحياة مثل شعوب كثيرة مضطهدة مظومة، كشعب فلسطين، الذي يريد حريته ولا ينالها، تسلب منهم حريتهم ويقتلوهم من اجل أن يأخذوا وطنهم كما تصطاد الأسماك من البحار لتؤكل.

لماذا البشر ظالمون يحبون فقط التفكير بأنفسهم؟! يتلذذون بالعيش ولو على حساب تعاسة الغير. قمة من الأنانية والحقد والكراهية….امقت هؤلاء…انهم ليسوا ببشر!!

وبدأت بالبكاء وذهبت مسرعةً إلى غرفتها وأغلقت الباب خلفها.

لحقت بها أمها إلى غرفتها وقالت: افتحي الباب يا ابنتي أريد أن أتكلم معك! ولكنها ردت وقالت : انتم البشر ظالمون!!

قالت الأم : يا طفلتي العزيزة أريد أن أكلمك في موضوع افتحي الباب.

فنهضت حورية من سريرها وفتحت الباب لأمها التي جلست على السرير بجوارها، مسحت دموعها وسألتها : لماذا تبكين عزيزتي، يا ابنتي ان الأسماك الذي اشتريتها للغداء هذه فقط لكي تزودك الأسماك بالطاقة لأنها مفيدة وأنا اهتم بصحتك كثيرا.

قالت: آه ، ولكن هكذا ستهدم عائلة الأسماك…. كما أنت تهتمين بصحتي أيضا أم الأسماك تحب أن تهتم بصحة أبنائها .

قالت الأم : يا لقلبك الحنون اللطيف انك تبدين صغيرة ولكن قلبك كبير جدا. يا ابنتي أنا فخورة بك جدا لأنك تفكرين في مثل هذه الأفكار ولأنك تعطفين على جميع المخلوقات إنني حقاً أم محظوظة لان لدي ابنة تحب السلام والحياة للجميع. صغيرة انت بعدك يا ابنتي لا تعرفين بعد اسرار الحياة بما فيها من بني البشر…

وأكملت الأم وقالت : أتعرفين إن اسمك مناسب لك يا طفلتي، حورية انت، ملاك رحيم. لك شعر أشقر طويل، عينان زرقاوان جميلتان وتبدين كعروس البحر. في داخلك قلب ابيض نقي وطاهر، تزينين الوطن بأخلاقك كما تزين عروس البحر باللؤلؤ والأحجار الكريمة.