شَاعِرُ الأجْيَال
تاريخ النشر: 17/06/12 | 3:38في رثاء الشاعر الكبير “نزار فباني ” – في الذكرى السنوية على وفاته
شاعرَ الأجيال ِ قدْ طالَ الثوَاءُ*** لا مجيبٌ ولكمْ عزَّ اللقاءُ
وربيعُ الشرق ِأضحَى مقفرا***وذوَى وردُ المنى …زالَ السَّناءُ
وعذارى الشعرِ تبكي جزَعا ً*** منذ ُ أنْ غابَ عن ِالدوح ِ الغناءُ
ما لقاسيون َ تلظَّى واكتوَى***ودمشقُ العرب ِ يحدُوها البكاءُ
يا كنارَ العربِ قدْ ضاقَ المدَى*** َجَّفتِ الادمعُ …ما أجدَى العزاءُ
رائد التجديد في عصر ذوى ***فيه روضُ الشعر..جاء الدخلاءُ
يانبيَّ الشعر ِ فَي عصرِالدُّجَى*** ُنكّسَ الشعرُ وماتَ الأنبياءُ
كم دموع ٍ سُكبتْ في الغوطتي *** ن ِ كبحر ٍ… ماؤه ُ الجاري دماءُ
أيُّها السَّيفُ الدمشقيُّ ائتلا *** قا ً وفي الغربِ امتشاقٌ ومَضَاءُ
أمَويٌّ ُتهْتَ فخرا ً وندى ً***يا سليل َالعُرب ِ ِمنْ فيكَ الشذاءُ
لكَ فوقَ النجم ِ صرحٌ شاهقٌ***وبرُكنَيْه ِ لقدْ َحَّفتْ سماءُ
فربيعُ الشرق ِ ولى وانقضى***منذ أن غبت َ خريفٌ وشتاءُ
ووهادُ الروح ِ ثكلىَ اقفرَت ْ***لفهَا الليلُ وأضناها العناءُ
مجلسُ اللهوِِ منَ الأنس َخلا***واختفى الصحبُ وولى الندماءُ
جنة ُ الدنيا غدت ْ ملتاعة ً***إيهِ سوريا أرَّق َ الجفنَ الشقاءُ
إيهِ سوريا ليسَ من بعدِ النوى ***غيرُ ثوبِ الحزن.. ماعادَ انتشاءُ
” برَدَى ” ما عاد َ عذبا ً ماؤُه ُ*** رنقا ً صارَ وَعزَّ الاستقاءُ
وحمامُ الشام ِ قدْ بُحَّ فما***من هديل ٍ ومنَ الدوح ِ خلاءُ
والدي في الشعر.. أستاذي ونِبر***راسُ دربي.. وليَ الحرفُ اقتداءُ
لغة ُ القيثارِ والحُبِّ َسَتبْ ***قى ، وأنتَ الحلمُ فينا والرَّجَاءُ
شاعرُ المرأة ِ قد صوّرتهَا ***ببديع ِ الفنِّ.. . حلاها البهاءُ
فتجَلى الحبُّ في أسمى ضيا ***ء ٍ وتاهتْ في أغانيكَ الظباءُ
أنت َ للسمراء ِ تبقى هاويا ً ***أنا للشقراءِ حبٌّ ووفاءُ
وبحبٍّ وحشيش ٍ قمرٌ ***أنتَ للتجديد فيه الإبتداءُ
أنت فوق الفَرقدين ِ النيِّرَيْ *** ن ِ سناءً وائتلاقا.ً.. لا ِمَراءُ
أنت َ ربُّ الفنِّ والشعرِ ورب ُّ ***النهى والفكر ِ… يكفيك َ الثناءُ
لفلسطينَ رسمت َ الشعرَ َمل ْ ***حمة َالخلد ِ وكم ْ كانَ العطاءُ
ولأطفال ِ فلسطينَ شَدَ وْ *** ت َ.. خيوطُ ُالفجرِ دوما ً والفداءُ
لقنوا المحتلَّ درسا ً ناجعا ً ***بنضالٍ… منهُ للأرض ِارتواءُ
ثورة ُ الاحجار ِ قدْ واكبتهَا ***بلهيبِ الشعرِ… هبَّ النُّجَباءُ
بدم ِالأبطالِ… منْ آلامِهم ْ*** ُكِتبَ التاريخُ قد زالَ الخفاءُ
راية ُ الشعرِ فمَنْ بعَدك َ َيرْ *** َ فعُهَا ؟ .. يزهو المَدى ثم الفضاءُ
يا اميرَ الشعرِ ِمنْ غيرِ مَِرا ***ء ٍ أنا بعدكَ قال َ الخلصاءُ
إنَّ عرشَ الشعرِ ِمنْ بعِدكَ لى *** ذاك حقىِّ وليخزَى السُّفهَاءُ
إننا في الداخل ِ صرنا مثلا ً***كم عميل ٍ آبقِ فيه ِ الدهاءُ
كمْ خؤُون ٍشعره الزبلُ وأدْ *** َ نىَ … نشازٌ صوته ُ دوماً عواءُ
يستغلُّ المنبرَ الهشَّ لَيَط ْ ***عنَ بي … لكنَّ مسعاهُ خواءُ
وقلوبٍ اترعَتَ ْ بالحقد ِوالغد *** رِ … نحوي لا ودادٌ لا صفاءُ
وحثالات ٍ غدَتْ بالزِّيف ِ قا *** َدتِنا .. .منهم فلا يُرْجَى الرجاءُ
لبسوا ثوبَ نضال ٍ زائف ٍ *** وقريبا ً عنهمُ ينضُو الطلاءُ
صحفٌ صفراءُ تبقى لهمُ ***إنها الخزيُ لشعبي والَوَباءُ
حاربوا كلَّ أبيٍّ صادق ٍ ***خدمُوا الاعداءَ .. غابَ الامناءُ
وضعُوا حولي سياجاً شائكاً *** إنهُم ْ أعداء ُ شعبي العملاءُ
زرعُوا الألغامَ في دربي وكمْ ***منعُوا يأتي نسيم ٌ ورَخاء ُ
وعلى شعري لكمْ ُهمْ عتموا***خسئوا لنْ يحجبَ الشمسَ غطاءُ
أنا ربُّ الشعر ِفي الداخل ِ رُغ ْ ***مَ الاعادي ولأشعاري البقاءُ
رافعُ الهامة أبقى شامخاً ***ولغير ِ الربِّ ما كان َ ولاءُ
جندُوا الاوغادَ كلَّ الآبقي*** ن َ فلن ْ يثني انطلاقي الجبناءُ
ثابت ٌ رغم َمتاهاتِ الردى ***عن حياض الحقِِّ هيهاتَ جلاءُ
أنا صوت ُالحقِّ أبقى، والضَّمي*** رُ لشعبي … وليخزى الخلعاءُ
فيسارٌ عندنا مثلُ يمينٍ ***كلهُمْ في حقِّ شعبي لسَوَاءُ
لن يمرُّوا سوفَ أصليهم أنا ***بلهيب ٍ… وغدا ً يأتي النداءُ
إنني الحق ٌّ تجلّى ساطعا ً*** وهم ُ في نظرِ ِالشعبِ حذاءُ
يا بلادا ً رتلت ْ أ نغامَهَا ***مهجُ الاهل ِ وروَّاها السخاءُ
يا بلادي أنت روحي ودمي*** فوق احضانك ِ كم طابَ الفداءُ
نحنُ أقسمنا يميناً للفدا*** لبزوغ ِ الفجرِ إنَّا رقباءُ
شاعرَ الأجيال ِ تبقَى علما ً***إننا في الشرق ِ دوما ً أوفياء ُ
نحن ُمن بعدِكَ نمضي للعلا***بك َ حقا نقتدي … أنت َ اللواءُ
بدأ الشعرَ امرؤُ القيس ِ ففي***ه ِ ارتقى الشعرُ وفيه ِ الازدهاءُ
عصرُ شوقي قبله عصرُ أبي الطيِّ *** ب ِ الكنديِّ … نورٌ وارتقاءُ
ونزارٌ لخَّص َ الشعرَ بعَصْ*** ر ٍ غدا فيه ِ ركيكا.ً.. لا طلاءُ
وأنا ِمنْ بعدهِ جدَّدْتُ في الشِّع ْ*** ر ِ وأحدثتُ وما عادَ التواءُ
وتقمَّصْتُ الحضارات ِ وجئ ***ت ُ بما لم ْ َيسْتطعْهُ العظماءُ
أنا للشعب ِ ورودٌ وشذا ً***وأنا للأرض ِ التحامٌ والتقاءُ
قادم ٌ منْ مدن ِ الأحزان ِوَح ْ *** دي فغنِّي واهتفي لي يا سماءُ
شعراءُ الجاهليين َ ارتقوا ***ببديع ِ النظم ِ فنًّا .. كمْ يُضَاءُ
وسُموط ٍ عُلقتْ في كعبة ٍ*** ُترْجمَتْ في الغرب ِ أحلى ما نشاءُ
إنما الشعرُ غدا في يومِنا *** كالنفايات ِ أتاه ُ البلهاءُ
طلسَمُوا أقوالهم منْ دون ِمعنىً ***وعاف َ الشعرَ حتى البُسَطاءُ
” فنزار” “و أنا ” ” والمتنبّي ” ***”وشوقي ” نحنُ منهُمْ لبَرَاءُ
نمْ قريرَ العين ِ لا تحفلْ أسى *** في بلادٍ قدْ فداها الشرفاءُ
جنة ُ الدنيا شآمٌ لم تزلْ ***إيهِ يا شامُ لكَم ْ طالَ الثوَاءُ
ولنا موعِدُنا فوقَ ُذرَى الشَّيْ ***خ ِ حيثُ الثلج ُسحرٌ وغواءُ
ورُبَى الجولان ِ للعرب ِ فدا ً*** يرجعُ الجولانُ … يأتي الأقرباءُ
كانت ِ الأحلام ُ في أكتوبر ٍ***عرسُ تشرينَ لهُ الغربُ انحناءُ
قُّرَّة ُ العين ِ شآم ٌ في دمي***هيَ للأعراب ِ نبضٌ ودماءُ
ليتني أغفوُ أنا فوقَ ُربا ***ها ، زهورُ الروض ِقبري والشذاءُ
“فصلاحُ الدين ِ” يغفوُ هانئا ً***في دمشق ِ العرب ِ ثم َّ الأولياءُ
كم ْ شهيد ٍ راقدٍ تحت َ ثرَا*** َها وأزهار ٍ سقاهَا الشهداءُ
يا أميرَ الشعر ما بعدَ النَّوَى ***غيرُ حزن ٍ وعويل ٍ…لا التقاءُ
لم تزلْ بلقيسُ في وجدانِنا ***وردة ُ الطهر ِ وحَلاهَا النقاءُ
إنها في جنة ِ الفردوس ِمنْ ***حولها الحورُ العذارى والظباءُ
بعدك َ الحبُّ يتيما ً قدْ غدا ***في ربوع ِالشرق ِ، والغيد ُ إماءُ
كمْ فتاة ٍ دمعُها الدّرُّ، ازدَهى ***هاجَها الحزن ُ وما أجَدى النِداءُ
يا رسولَ العشق كم من غادة ٍ *** أنتَ قدْ حرَّرْتهَا… زالَ العَناءُ
من قيود ِ القهرِ ِ قدْ أطلقتها ***عَرفَتْ كيفَ العلا والإرتقاءُ
يحشرُ العشاق تحت لوا ***كَ … في ظلك كمْ يلقىَ العزَاءُ
أنت َ َمنْ أمسكتَ شمسا ً بَيِمي*** ن ٍوفي الأخرى نجيمات ٍتضاءُ
كذبَ النقادُ فيما ُغرِّرُوا***كلُّ ذمٍّ فيكَ قالوا َلهُرَاءُ
ومسوخُ النقد ِ في الداخل ِهُم ْ *** كحذائي قولُهُم ْ عندي َهبَاءُ
أنتَ فوقَ النقدِ..فوقَ الشعرِ..فو***ق َ النهَى .. للعربِ مجدٌ وسناءُ
والذي جئته ُ يبقى خالدا ً ***لو مضى مليونُ جيل ٍلا انتهاءُ
وشعوبُ الأرض ِفيكَ انبهرُوا ***أنت َ عملاقٌ وصرحٌ وعلاءُ
أنتَ “دونجوانُ ” جميع ِالغيدِ َدوْ *** ما ً… وحلم ُ الغيدِ حقا ًّ وبهاءُ
وأنا بعَدك أمضي قدما ً***أحملُ الراية َ يحدوني الإباءُ
تهتُ في الكون ِ سناءً وسنا ً***وتهادَى في خطايَ الخيلاءُ
فالعذارى في هوانا ُتيِّمَتْ *** نحنُ أحلى منْ تغنيهِ النساءُ
َوَضََمْمَنا المجدَ منْ أطرافه ِ*** وتسامَى الفنُّ فينا َ وُروَاءُ
يا أميرَ الشعرِ هلْ أجدَى العزاءُ ***عجزَ الحرفُ وأعيَى الخطباءُ
رائدَ التجديد ِ تبقىَ ملكا ً ***فوقَ عرش ِالشعرِ أنتَ الإبتداءُ
متمكن من ناصية الشعر تحياتي حاتم