هل جنة عدم تساوي عدم الجنة؟؟
تاريخ النشر: 25/07/12 | 4:24تحليل لقصيدة الشاعر أحمد فوزي ابي بكر
بقلم: الدكتور سامي إدريس
تقوم قصيدة الشاعر الكبير أحمد فوزي ابي بكر على المناغاة بين الرحى وجنة (عدم )، وفي ذلك اسقاطات كثيرة فهي تحوير ناجح لجنة عدن.. وفي ذلك بلاغة حديثة جداً هي كسر التعابير الجاهزة المسكوكة لتعطي معنى جديداً، والتناقض القصري المتطرف بين الجنة والعدم هو في حد ذاته قدح الرحى. فالعدم ضد الوجود، وهو من أبواب الفلسفة العليا. فالعدم هو صفة اللاموجود وهو ليس شيئاً . واعتقد أنه شيء غير موجود أصلاً إذا تعمقنا في فلسفة الوجود، لأنه ببساطة متناهية نقيض الوجود أي أنه لا وجود له. وليس نعني بالعدم انتفاء الشيء لغوياً أي بمعنى عدم الضوء هي العتمة وعدم الغنى هو الفقر ، ولكن زوال كل شيْ هو العدم الذي قصده الشاعر في قصيدته.. وعليه نفهم من (جنة عدم) اي الجنة المعدومة التي لا وجود لها وهذا هو مفتاح القصيدة . إذا فهمنا أنه لا وجود للجنة.. فلا توجد أمامنا منطقة أخرى غير هذا الفهم .. نقول أن الشاعر لعله يشكك في وجود الجنة أي جنة عدم تساوي = عدم الجنة. إلاّ أنه يعود فيؤكد إيمانه بوجود جنات الخلد.. فالصوفي كلما غزت قلبه أصوات من جنات الخلد ، تاه في الأذكار وانتشى وجدَّ في العبادة والتقرب الى حبيبه ومولاه. وِرْدَ شيخٍ زاهدٍ في كوخِهِ
كُلّما ضَجَّت
جِنان الخُلْدِ
تغزو قَلْبَهُ
تاهَ في الأذكارِ
طَوْرًا والتَحَم ويخاطب الشاعر الرحى قائلاً: اطحَني قَمْحي
ودوري في عِظامي
نَشْوَةً في السُّكْرِ
تُنْسيني الأَلَم
وينتشي الشاعر واصفاً إياها برقصة الصوفيِّ، وفسحةً للروح.. يبقى السؤآل لماذا جنة عدم.. والعدم ضد الوجود .. إنني أشعر أنه كان بإمكان الشاعر فلسفة قصيدته فلسفة عليا، إلا أنه آثر الشكل والموسيقى وترداد النداء : يا رحى يا جنة عدم أربع مرات. إنها قصيدة من شاعر قدير مجيد يعرف كيف يصل الى القاريء وصولاً جميلاً.
أحمد فوزي أبو بكر أشكرك بنت البروة أيتها الصديقة الرائعة وأعود إليك د. سامي لأؤكد لك أنّك في نقدك هذا تبني القصيدة بناءً خياليا رائعا..وإنني لأمتنع عن تفسير قصائدي دائما لكي أكسب رأيا مشهودا كرأيك أبا جبران..أما الرحى فهي الدنيا وهي متاع
الغرور أي جنة عدم أما أما ما ورد منك عن عدمية الوجود فزوالنا هو الجواب وأما ما ورد في القصيدة من مفردات ذات دلالات إيمانية فهذا يعني أن الحقيقة والوجود ليسا هنا وإنما في الهناك البعيد القريب..ولي قصيدة في ذلك..تحياتي أيها الرائع
تحليل جميل وناجع يا دكتور .. دمتما بصحة وعافية أنت وأخي الشاعر أحمد .