المسيح من فلِسطين إلى العالم

تاريخ النشر: 23/12/14 | 14:24

أيامٌ قـليلة تفصِلنا عن ذكرى ميلاد يسوع المسيح وهيَ مَحطة للتأمّل في حياتِهِ وسـيرتِهِ وأعــوامِه ال33 التي عاشَها مُبَـشّـراً برسـالةٍ سـامية عـَـمَّت العالم بأسـره وأضحتْ دينا يَعتـنِقه المؤمنونَ بعـدَ عـُهودٍ طويلةٍ من الإضطهاد والمُلاحقات لنـيِّـفٍ و مئتيّ عام  (إشارة بأن شِعار المسيحيين الأوائل إبان الإضطِهاد السَـمَـكة () وليس الصليب +) وهـيَ أيضا دعوة لِنستذكر خلالها مَن حاربوه و نكـَّـلوا به وصلبوه وإحتلوا أرضه ( فلسـطين ) وما زالوا.
ونسَبوها لأسطورة ميعادهم و”يهوهم” الخـُرافيّ الذي سـيأتي لاحقاً بعد تطهير الأرض من الفرات إلى النيل و تنقيـتِها تماما من الغوييم على إعتبار أنهم ” شعـب الله المُختار”؛ فلاحَـقوه وهو طفـل ووالدته مَريم بنتَ عمران وهَجَّـروه من بيتَ لحم – الناصرة إلى مصر ثم عـاد واسـتشـهد فيها؛ فكان بمفاهيمهِ الجَديدة ثورة عليهم وعلى مُعتقداتِهم وعاداتِهم الغريبة كلها توراة و تـلموداً وأفـعـال. فرسالته النقيض التام لِـحقدهم وعنصريتهم فـجَدلَ السَـوط وطردهم من الهيكل واصفا إياهم بأبناء الأفاعي الذين جعلوا من هيكله مغارة لصوص؛ فكانت المحبة هي الأساس والخير والتسامح هما المُبتغى فقال عنه الأديب جبران خليل جبران في رائعته ( المسيح إبن الإنسان ): لقد كانَ عاصفة هَـوجاءَ تكسِرُ بهُـبوبها كـلَّ الأجنحة المُعـوجّة؛ ميلاده في مِـزودٍ صغير وحياته الزاهِدة بكل شيء مِثال وقـدوة > السبت للإنسان وليسَ العكس < إعدامه بالصلب عِبرَة شأنه شأن العظماء الذين استشهدوا في سـبيلِ أفكارهم فلا أنبَـلَ وأصدق مِمَّنْ يختِمون رسالاتهم بدماءهم ؛فهو المُعلـّم الثائر المُتواضع في آن المُنحني لأرجُلِ تلاميذه و مُريديه (وَحدَها السنابل المُمتلئة تنحني وفارغات الرؤوس شوامِخ ) هذه المُناسَـبة بكـُلّ بَهـرجـاتِها وأضوائِها السـاطِعة جدا ليست سِـباقا للتباري بأعلى شجرة وأجمل زينة و أوسع مَغارة وأقوى إضاءَة وأفضل هِندام مُزركش لجوقةٍ مُرنمة وأكبرعدد ذبائح إلهيّة وأرضيّة و اللائحة تطول وتطول بتفاصيلَ مُذهِـلة تـُبـعِدُ أكثـر فأكثـر عن الأسـاس الجَـوهَـريّ الذي أراده مُطلِقها فهي دعوة دائمة لإعادة المسيحيّة إلى أصولها الحقيقية كرسالةٍ نبيلةٍ للإنسانيّة جَمعاء و إخراجها من أتون الطقوس الضبابـيّة والشـكليات التي ألصقت بها إلى حَدّ الشـَعوذة مُعـتقِـدينَ بـذلك تكريما لها فكان العكس لِـدرءِ الأخطار المُحدِقـة بها من كـُلّ حـَدبٍ وصوب من داخلها بـفصل تام بينَ العـهد الجديد بأناجـيله الأربعة (يــوحنا – متى مرقس – لوقا) و تحريفاتِه واجتهاداتِه وبينَ العـهد القـديم التـوراتيّ عَـمَـلاً بمَـقـولة أحد كِبار الحكماء الإغريقيين عندما سُـئِـل كيفَ تواجه خصومك ؟ فقالَ : بإصلاح نفسي .

مـاهـر الرياشي – صحافي وباحث إستراتيجي
tyy

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة