العصفوران الصغيران

تاريخ النشر: 18/02/15 | 4:27

لتقى عصفوران صغيران على غصن شجرة زيتون كبيرة في السن، كان الزمان شتاء..
الشجرة ضخمة ضعيفة تكاد لا تقوى على مجابهة الريح.
هز العصفور الأول ذنبه وقال:
مللت الانتقال من مكان إلى آخر … يئست من العثور على مستقر دافئ.. ما أن نعتاد على مسكن وديار حتى يدهمنا البرد و الشتاء فنضطر للرحيل مرة جديدة بحثا عن مقر جديد و بيت جديد..
ضحك العصفور الثاني.. قال بسخرية: ما أكثر ما تشكو منه وتتذمر.. نحن هكذا معشر الطيور * خلقنا للارتحال الدائم، كل أوطاننا مؤقتة.
قال الأول:أحرام علي أن أحلم بوطن وهوية.. لكم وددت أن يكون لي منزل دائم و عنوان لا يتغير..
سكت قليلا قبل أن يتابع كلامه: تأمل هذه الشجرة * أعتقد أن عمرها أكثر من مائة عام.. جذورها راسخة كأنها جزء من المكان، ربما لو نقلت إلى مكان آخر لماتت قهرا على الفور لأنها تعشق أرضها..
قال العصفور الثاني: عجبا لتفكيرك…أتقارن العصفور بالشجرة؟ أنت تعرف أن لكل مخلوق من مخلوقات الله طبيعة خاصة تميزه عن غيره * هل تريد تغيير قوانين الحياة والكون؟ نحن – معشر الطيور – منذ أن خلقنا الله نطير و نتنقل عبر الغابات و البحار و الجبال والوديان والأنهار..
عمرنا ما عرفنا القيود إلا إذا حبسنا الإنسان في قفص …وطننا هذا الفضاء الكبير، الكون كله لنا.. الكون بالنسبة لنا خفقة جناح..
رد الأول: أفهم.. أفهم * أوتظنني صغيرا إلى هذا الحد؟؟
أنا أريد هوية.. عنوانا.. وطنا، أظنك لن تفهم ما أريد …
تلفت العصفور الثاني فرأى سحابة سوداء تقترب بسرعة نحوهما فصاح محذرا:
هيا.. هيا.. لننطلق قبل أن تدركنا العواصف والأمطار.. أضعنا من الوقت ما فيه الكفاية.
قال الأول ببرود: اسمعني * ما رأيك لو نستقر في هذه الشجرة …تبدو قوية صلبة لا تتزعزع أمام العواصف؟
رد الثاني بحزم: يكفي أحلاما لا معنى لها… سوف انطلق وأتركك …
بدأ العصفوران يتشاجران..
شعرت الشجرة بالضيق منهما..
هزت الشجرة أغصانها بقوة فهدرت مثل العاصفة..
خاف العصفوران خوفا شديدا..
بسط كل واحد منهما جناحيه..
انطلقا مثل السهم مذعورين ليلحقا بسربهما …

01

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة