الشباب والتنمية
تاريخ النشر: 19/03/15 | 14:06يخوض الشباب العربي مرحلة من النضج الإجباري الذي تفرضه ضرورات المرحلة، وبرغم قساوة الظروف في العالم اليوم، إلا أن التكنولوجيا ووسائل الاتصال والمعرفة العابرة للقارات باتت عنواناً لمن يريد بناء ذاته والتأكيد على حضوره على مسرح الأحداث بعيداً عن العشوائية والارتجال غير المحمود، لا سيما قطاع الشباب الذي بات أكثر تحفزاً للتعلم وتطوير ذاته وبناء قدراته.
الشباب اليوم ملتفت بصورة كبيرة لبناء ذاته الجديدة والواعية، ليس كما يصوره الإعلام المغرض والسطحي، فلدينا في المشرق الإسلامي العديد من الطاقات الشبابية والمعرفية التي بنت ذاتها، وتعبت لتحقيق رؤيتها، فتعلمت وبحثت، وكتبت وجالست الكبار، حتى اكتسبت من التجارب والمعارف والخبرات والشهادات ما يؤهلها لتكون نواة بناء لمجتمعاتها.
أثناء تعاملي كمدرب ومحاضر في العديد من الجامعات العربية والتركية، والمجالات التدريبية المنوعة لبقاع جغرافية منوعة، جمعني قدر الله مع شباب يفخر المرء بالتعرف إليهم بحق، شباب واعٍ لديهم همتهم وحيويتهم، ومهارات الاتصال والتواصل، شباب معبأ بالقيم، لديه رؤية، ولديه توجه، ويمكن فهم ما يريد من الحياة، ويشق طريقه بين الصخور مؤمناً بما يحمله من مفاهيم وقيم.
ولعل أحد ابرز النماذج الواعدة التي وقفت عليها هو ذاك الفريق الشبابي المختار بعناية في شبكة تنمية الشرق الأوسط، والذي يضم شباباً وفتيات من العالم بأسره، من فرنسا والبلقان وأوروبا وتركيا والعالم العربي وشرق آسيا، يمثل صورة غير نمطية من تلاقي الشباب وتفاعلهم لتحقيق مستويات متقدمة من التنمية، مستويات تليق بلقب الشباب وهمة الشباب، وتليق بتطلعات الأمة منهم في تحقيق سقف أعلى من العطاء الريادي.
والمميز في موضوع الشباب اليوم، أنهم يفهمون معاني النهضة ومساراتها، يعرفون آليات التعامل مع التكنولوجيا، ولديهم طموح أن يكونوا مؤثرين في شتى المجالات، ويسعون بكل طاقاتهم لملء فراغهم بالنافع والمفيد، بعيداً عن الشباب التائه الذي لا يعرف للحياة قيمة، ولا للمسؤولية من معنى، فشتان شتان بين شاب يستثمر وقته وعقله وهمته وماله، وبين شاب يقضي يومه في انتظار الغد ليقضيه كما قضى أمسه.
إذا نحن نتحدث عن نوعية خاصة من الشباب يمكن لنا أن نكتشف طاقاتهم المبدعة من بين هذه الشريحة، شباب بالاسم والهوية، بالمظهر والجوهر، بالسلوك المعرفي اللازم لهم بدءاً بأدب تلقي العلم وانتهاء بنفع مجتمعاتهم، وقبل ذلك، يضعون نصب أعينهم أن مجتمعاتهم التي رعتهم وربتهم تنتظر منهم يوم السداد..
هذا الشباب المعبأ بحب القيم الإدارية، ومحبته للتطوير الذاتي، عليه يعول في نهضة معرفية تقود للاستقرار في مجالات الحياة المختلفة، فهذا الشباب المتوقد بالعزم، يحمل بين عيونه مسؤولية البحث والمعرفة، ومسؤولية الأداء والعطاء، وما بين المسؤوليتين تتأرجح أحلام أمة بالرفعة والتقدم برغم كل المحاذير والمعيقات.
المستشار د. نزار نبيل الحرباوي