جرثومة تسكنني..!
تاريخ النشر: 16/01/13 | 21:00في لحظة عابرة للزمن …
رحت أحزم حقائب جسدي وأمضي …
أمضي دون ان أدري في اي إتجاه يقودني هذا الليل ..
الصامت… الهائل … الطويل … والموجع ..!
ولكن الى أين أمضي ؟
لذلك المنعطف الاخير ؟
ام للخراب الجميل ؟
لست أدري ..!
كل ما أدري أنه جرثومة تسكنني ..!ولماذا تسكنني ؟
لا أدري ..!
فالاحتمالات كثيرة … والاسباب عديدة .
ربما قد وجدت خريطة جسدي على مقاسها
وربما قد راق لها مناخ جهازي الهضميّ
أو ربما تأقلمت مع تضاريس معدتي
لتتخذها موطناً لها ولأنسالها من بعدها
كل هذا لا يهمني …
ما يهمني هو ان هناك جرثومة تسكنني
سكنتني حتى الأعماق …
تفشّت بمعدتي بشكل سريع …
كنت الجأ للدواء …
فقد خلت فيه لي شفاء …
لارتاح من هذا الشقاء …
ولم اكن اعلم ان رحلتي طويلة مع هذا العناء …
فسرعان ان ساءت حالتي واصبحت اتقيأ الدماء …
لماذا وكيف حدث ذلك ؟؟
لست ادري …
كل ما ادري انه جرثومة تسكنني …!
كان الصراع بيني وبين الالم قوي جداً …
والاكثر قوة المواجهة بيننا …
وأظن بانني اكتشفت كيف يبدأ الالم ينخر بجسدي النحيل …!
أتناول طعامي …
وما ان يستقر في معدتي …
تاتي الجرثومة على عجل فرحة سعيدة بوجبتها التي سوف تنقض عليها وتقتاتها من معدتي …!
أصغي الى جسدي …
فيبدأ الالم …
وأصدّق موهبتي في اكتشاف الألم …!
اشعر باحتفالات الجرثومة داخل احشائي ..
تسرح وتمرح …
تجول وتثور …
تشارك اعضائي بفرحتها
ويزداد الالم أكثر وأكثر ..!
وبعد ان تنتهي من مراسيم الاحتفال ..
تترك معدتي كمقبرة مهجورة..!
وتخلف وراءها معدة مجروحة …!
لم يحدث كل هذا ؟؟
لست أدري ..
كل ما أدري انه جرثومة تسكنني ..!
في مواجهتي للألم بكل مرة ..
كما مواجهتي للموت …
فنحن في الحقيقة متساوون ..
لا يفيدنا شيء…
لا ثقافتنا …
ولا خبراتنا …
ولا تجاربنا …
ولا ذكاؤنا …
ولا حتى تذاكينا …
نذهب نحو الاثنين مجردين
من الاسلحة ومن الاسئلة ..!
كنت أخشى الليل ..
لا نوم مع ألم ..!
لا استسلام مع ألم ..!
ولا أحلام مع ألم ..!
عندما يقبل الليل…
أنتظر في بهو الحزن الفاخر ..
لاستقبل الالم بأبهى صورة ..!
فقد تعلمت الاحتفاء ليلاً بالالم ..
كضيف مفاجئ ..!
هو الم فقط..
فلا أستعد له كما لو كان دمعي الاول
سيكون متأخراً هذا البكاء
لحزن جاء سابقاً لأوانه …!
خوفي الخفيّ كان حالة ارتياب ليس الا..
حالة ترقب صامت للجسد !
لذا كنت احب صمته المفاجئ هذا
وأخافه ..!
ولماذا اخافه ؟
لست أدري ..
كل ما أدري انه جرثومة تسكنني ..!
هي التي تعرف فن ملامسة جسدي في كل مرة ..
تماماً .. كمن يعرف ملامسة
الكلمات بالاشتعال المستتر نفسه ..!
ها هي تعبر جهازي الهضميّ ..
ببطئ متعمد ..!
على مساحة مدروسة.. ومخطط لها
للمراوغة ..!
تمر بمحاذاة معدتي..
دون ان تتحرش بها تماماً ..!
ثم تقفز نحو امعائي ..
دون ان تعبث بهم حقاً ..!
ثم تعاود الصعود متمسكة بتلابيب شراييني..
بالبطئ المتعمد نفسه..!
وكأنها كانت تلقي عليّ التحية
لا أكثر ..!
ولاستعد لمواجهة الالم …
تعصف داخلي كالزلزال..
تجتاحني… تكسرني … تقتلعني… تصفعني…
اقاوم.. لا اقاوم … تغرقني … تشعلني … تطفئني…
اقاوم … لا اقاوم … تمزقني… تخترقني… تستفزني …
اقاوم …. لا اقاوم … فتقتلني …!
هل اصحو ؟؟
هل انجو ؟؟
لست ادري …
كل ما ادري انه جرثومة تسكنني ..!
جرثومه حاطط بي كل التساؤلات بما يدور
من حولكي
اكتبي يا عاشقة الكتبي لاكن بدون نزيف يقتلكي
وبدون حريقً يشعلكي
فكتبي للشعر غزلاً وللحب عتباً وللحلام حلماً….
كل الاحترام