ميراث المرأة دليل تكريمها وانصافها فى الإسلام
تاريخ النشر: 16/06/15 | 16:52لاشك أن المعاملة الكريمة التى تلقاها المرأة فى الإسلام وما تلقاه من انصاف لا نرى مثله في القديم ولا الحديث، ومن صور هذا الانصاف أن المولى جل وعلا حدد لها نصيبا في الميراث حسب درجة قرابتها للمتوفى فالأم والزوجة والإبنة، والأخوات الشقيقات والأخوات لأب وبنات الإبن والجدة، لهن نصيب مفروض من التركة.
قال تعالى: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً}.. [النساء : 7]، وبهذا المبدأ يكون الإسلام منذ أربعة عشر قرناً ساوى بين النساء والرجال في الإرث حيث أعطاهن نصيبا مفروضا.
وعندما يقرر الاسلام للمرأة نصف نصيب الرجل فهنا يكون قد حقق العدالة الاجتماعية بالفعل، فالإسلام كما يوضح لنا الدكتور ابراهيم عبد الحليم -استاذ الشريعة كلية دار العلوم جامعة القاهرة- حفظ حق المرأة على أساس من العدل والإنصاف والموازنة، فنظر إلى واجبات المرأة والتزامات الرجل، وقارن بينهما، ثم بين نصيب كل واحدٍ من العدل أن يأخذ الابن ” الرجل ” ضعف الإبنة ” المرأة “، وذلك لأن الرجل عليه أعباء مالية ليست على المرأة مطلقًا فالرجل مكلف بالنفقة على زوجته وأولاده لأن الإسلام لم يوجب على المرأة أن تنفق على الرجل ولا على البيت حتى ولو كانت غنية إلا أن تتطوع بمالها عن طيب نفس.
يقول الله تعالى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ مَا آتَاهَا…}.. [الطلاق : 7]، وقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في حجة الوداع عن جابر رضي الله عنه: “اتقوا الله في النساء فإنهنَّ عوان عندكم أخذتموهنَّ بكلمة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولهنَّ عليكم رزقهنَّ وكسوتهنَّ بالمعروف”.
وبجانب النفقة على الأهل والأقرباء فالرجل يعتبر مكلف أيضـًا بالقيام بالأعباء العائلية والالتزامات الاجتماعية التي يقوم بها المورث باعتباره جزءًا منه أو امتدادًا له، لذلك نجد أن الشارع الحكيم سوَى بين نصيب الذكر ونصيب الأنثى منهم في الميراث قال تعالى: {…وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ…}.. [النساء : 12].
فالتسوية هنا بين الذكور والإناث في الميراث، لأنهم يقربون إلى الميت بالأم، فأصل توريثهم هنا الرحم، وليسوا عصبةً لمورثهم حتى يكون الرجل إمتدادًا له من دون المرأة، فليست هناك مسؤوليات ولا أعباء تقع على كاهله.
بينما المرأة مكفية المؤونة والحاجة، فنفقتها واجبة على ابنها أو أبيها أو أخيها شريكها في الميراث أو عمِها أو غيرهم من الأقارب.
وهنا احب ان اوضح ان المرأة غمرها الإسلام برحمته وفضله فوق ما كانت تتصور بالرغم من أن الإسلام أعطى الذكر ضعف الأنثى الا اننا نجد ان المرأة مرفهة ومنعمة أكثر من الرجل، لأنها تشاركه في الإرث وليس عليها اية واجبات، فهي تأخذ ولا تعطي وتغنم ولا تغرم، وتدخر المال دون أن تدفع شيئـًا من النفقات أو تشارك الرجل في تكاليف العيش ومتطلبات الحياة هذا هو الدين الحنيف وانصافه للمرأة حقاً.
ويقول الدكتور على جريشة استاذ الشريعة جامعة الأزهر فى قضية تحديد الميراث لم ينظر الإسلام إلى نوع الوارث وجنسه، بل قسم الميراث على أساس اعتبارات ثلاثة الأول: درجة القرابة بين الوارث ذكرًا كان أو أنثى وبين الموروث المتوفى، فكلما اقتربت الصلة زاد النصيب في الميراث والعكس، دون النظر لجنس الوارثين.
والثاني: موقع الوارث من الحياة بمعنى ان الأجيال التي تستقبل الحياة، وتستعد لتحمل أعبائها، عادة يكون نصيبها في الميراث أكبر من نصيب الأجيال الاكبر التى قد تصبح أعباؤها مفروضة على غيرها، فبنت المتوفى مثلا ترث أكثر من أمه،وترث البنت أكثر من الأب حتى وان كانت رضيعة لم ترى ابيها المتوفى، والاعتبار الثالث هو التكليف المالي الذي يوجبه الشرع على الوارث حيال الآخرين، وهذا هو الاعتبار الوحيد الذي يفرق فيه بين الذكر والأنثى.
ويجب أن نعلم ان هناك حالات أعطى الشرع فيها للمرأة أكثر ما أعطى للرجل، فاذا مات الرجل وترك ام وابنتين وأخ ففى هذه الجالة ترث الابنة ضعف ونصف ضعف الأخ، وفى حالة ترك الأب ابنةً وام وابوه تأخذ الابنة ضعف ونصف جدها ايضا، اما إذا مات الرجل وترك ابنتين وجد وجدة وام فالابنة هنا ترث ضعفين الأب اى جدها.
فلاشك ان ديننا الحنيف انصف المرأة وساوى بينها وبين الرجل يكفى ان نعرف ان الميراث في الكتاب المقدس للذكور فقط ولا تعطى المرأة ميراث الا فى حالة فقد الذكور فهل هذا عدل، الحمد لله الذى انعم علينا بالإسلام.
ويؤكد الدكتور مصباح منصور أستاذ الدعوة جامعة الأزهر ان أعداء الإسلام الذين يهاجمون نظام الإرث في الإسلام يقولون أن المرأة مظلومة لأن للذكر مثل حظ الانثيين، هذا ادعاء باطل ومجرد هجوم غير مبرر لأن الدارس لنظام الإرث في الإسلام يتأكد له انه نظام مثالي لا يوجد مثله فى الأديان الأخرى.
يكفى أن نقول أن المرأة قديما كانت تباع وتشترى لا إرث لها ولا ملك وفى بعض الطوائف اليهودية كانت تمنع المرأة من الميراث مع إخوتها الذكور، الإسلام عندما وضع نظام الارث نظر إلى الحاجة فأعطى الأكثر احتياجا نصيباً أكبر من الأقل احتياجا ومن هنا جاء نصيب الأبناء أكبر من الآباء، وجاء ايضا نصيب الذكر مثل حظ الأنثيين لان الابن هو الذى سيصبح زوجاً متطلب منه الكثير بينما ستتزوج الابنة ويكون لها زوج يرعاها وينفق عليها، وهنا تكون المرأة قد اخذت حقها وانصفها الدين وأكد على إنسانيتها وأنها شق الرجل وتستحق التملك والتصرف كالرجل تماما.