لن أخاف من الصيام..

في الحقيقة، و أنا أعترف أنني كنت أفكر، و كنت أتخيل معنى الصيام.. و الجوع.. و العطش الذي سيؤلم معدتي قبل أن أرى أخي الأصغر حازم واقفا أمامي، و قد ارتسمت على ملامحه الرقيقة علامات الخوف و الحزن.
اقترب مني، و جلس بهدوء قربي على الأريكة، و وضع رأسه الصغيرة في حجري، و قال:
– تقول أمي أنني أصبحت شابا و يجب أن أصوم هذا الشهر.
نظرت نحوه مشفقا عليه، و حزينا لأجل حزنه و خوفه، و قلت لأخفف عنه:
– نعم لقد أصبحت شابا، و كبيرا، و ستصوم بسهولة.
– لماذا نصوم ؟!
– لأن الله تعالى أمرنا بهذا.
– و ماذا سيفيدنا الصيام؟!
– الصوم سيفيدنا كثيرا .. كثيرا جدا ..
سيحبنا الله لأننا نطيع أوامره، وسيكون لدينا حسنات كثيرة تدخلنا الجنة، سيفيدنا في الدنيا هنا فجسدنا سيشكرنا كثيرا لأننا نصوم..
– جسدنا! .. هل هذا صحيح ؟!
– نعم .. هذا صحيح ..
– كيف سيشكرنا .. و لماذا؟!
– اسمع ماذا سيقول :
– سيشكرك جسدك قائلا: ” شكرا لأنك ساعدتني على التخلص من السموم يا حازم” ..
و سيشكرك جهازك الهضمي لأنك ستتركه ليرتاح و ينظف نفسه أيضا.
و ستخلص نفسك من الوزن الزائد، لأن الصيام هو أسهل طريقة لخسارة الوزن الزائد، و أنت لديك وزن زائد لأنك تأكل الشوكولاتة كثيرا..
و أظن أن معدتك ستقول شكرا أيضا لأنها سترتاح ..
– كل هذا سيحدث .. و كل هؤلاء سيشكرونني؟!
– نعم و أكثر.. دعني أكمل لك..
جلدك سيتخلص من البثور و الأمراض التي تسببها السموم الموجودة في الطعام الذي نتناوله بشكل دائم ..و أظنه سيضحك و هو يبدو أجمل.
– وهل سنتوقف طوال الوقت عن تناول الطعام؟!
– أنت تمزح .. أنا أعني أننا سنتناول طعاما أقل، و هذا سيعطي فرصة لجسدنا ليرتاح، و يتخلص من سمومه، و ينظف نفسه منها، و هذه السموم هي التي تسبب لنا الكثير من الأمراض التي نعرفها و التي لا نعرفها ، وهذا يعني ستصبح أقوى.
– جميل..
– نعم و هناك أجمل منه.
– ما هو؟
– هو أنه ستكون لك دعوة مستجابة كل يوم عند الإفطار.
– مستجابة؟!
– نعم هذه حقيقة.
– جميل سأصوم كل يوم إذن.
– نعم و سيكون سببا في تكفير الذنوب ..و رفع الدرجات.. و زيادة الحسنات.
– رائع.
– وأيضا، سيضيق مجاري الشيطان في الدم.. فيعينك على ترك المعاصي.
– كل هذا؟!
– وأكثر.. سيجعلك أكثر رقة و رحمة بالفقراء، و هذا سيجعلك تشعر بأنك قريب من الله، و سيساعدك على الخشوع والتقوى أيضا.
– جميل .. يبدو أنني سأحب الصيام.. و لن أخاف منه أبدا.
قصة: عبير النحاس – رسوم: آية الدقاق