ليس الشعب متسولاً فردوا له حقوقه
تاريخ النشر: 06/08/15 | 12:29بين آن وآخر نسمع عن “مشروع بر” جديد. وتطلع علينا المجلات التى تصدر لتسلية المحظوظين، ونشر صور بنات الذوات، ووصف حفلاتهن “كالمصور وآخر ساعة” وما إليهما من وما إليهما من صحف لا تشعر بملايين الجياع العراة الحفاة من هذا الشعب المحروم … تطلع علينا لتكيل الثناء، وتحرق البخور، بين أيدى بنات “الطبقة الراقية” وأبناءها جزاء ما جاهدوا في مشروعات البر لهذا الشعب المحروم!.
إنها خدعة كبرى تموه بها هذه الصحف على الجماهير، وتحمى بها ظهور المستغلين، وتظهرهم في غير ثوبهم، وتنسب إليهم من الفضل على هذا الشعب ما ليس لهم. فما هى مشروعات البر في مصر على الإطلاق؟.
إنها لعبة على هذا الشعب الذى يسرق هؤلاء المحظوظون قوته وكساءه فيصبحون بما سرقوه “أولاد ذوات” وبنات بيوتات، ثم يتفضلون عليه بفتات المائدة التى سلبوها منه سلبا، ويسمون ذلك برا!.
إن كل قرش في جيب ثرى فائض على حاجته الطبيعية المعقولة هو قرش مسروق من جيب منتج فقير، ومن دم فلاح أو عامل لا يجد الكفاف، ولكن هؤلاء السارقين لا يلقون جزاءهم الطبيعي الذى يلقاه اللصوص، لأن الدولة التى تشرع والتى تنفذ يسيطر عليها هؤلاء المستغلون!.
إن الشعب لا يتسول ولا يجوع، ولا يعرى، ولا يمرض، إلا لأن بضعة نفر يستولون على أرزاقه وأقواته وكسائه ويتمرغون في الترف والشهوات، على حساب هذه الملايين المسروقة المنهوبة المغصوبة الحقوق.
وليس علاج هذه الحالة أن يتبرع هؤلاء اللصوص بفتات المائدة. ولكن علاجه أن ترد الحقوق إلى الشعب.
علاجه أن تنزع لحساب الدولة الملكيات الفائضة على مائة فدان من أى كان، وأن تفرض الضرائب التصاعدية بحيث لا يفضل لأى فرد أكثر من حاجته الطبيعية المعقولة، التى لا تبلغ حد الترف؛ فالترف جريمة اجتماعية ودينية، ومفسدة للمجتمع والأخلاق، والسكوت على الترف جريمة، والحكم الذي يسمح بالترف يرتكب هذه الجريمة.
أيها السادة المترفون …
إن الشعب لا يتسول، وإن كلمة (إحسان) لهى خدش لكرامته، وجرح لكبريائه، وإذلال لعزته، فمن أنتم لتحسنوا؟ إنكم لصوص، والشعب أرقى من أن يتلقى فتات الموائد من اللصوص!.
أرجعوا للشعب حقه وأريحوه بركم! ودعوا له أمواله ووفروا عليكم تبرعكم! وخذوا بقدر جهدكم، ولن تأخذوا حينئذ إلا القليل!
سيد قطب