حظر العمل الأهلي يعني حظر الإرادة الذاتية
تاريخ النشر: 19/12/15 | 19:35إن حظر 21 مؤسسة وجمعية أهلية تعمل في الداخل الفلسطيني وتقدم خدماتها إلى نحو نصف مليون إنسان لهو عمل إجرامي وعدوان صريح وواضح من المؤسسة الإسرائيلية لضرب إرادة هذا الشعب في رغبته القوية في العمل نحو سد حاجاته الأساسية عبر هذه الجمعيات والمؤسسات وهي رسالة قوية وعنيفة إلى أهلنا في هذه البلاد مفادها أن الديمقراطية وحرية التعبير عن الراي وحرية العمل الاجتماعي والثقافي والاقتصادي والإغاثي هي منقوصة ومشوهة وهي خاضعة لسياسة وأراده هذا المحتل الإسرائيلي، وبالتالي هي حظر لإرادتنا الذاتية وتقويض لقدراتنا الذاتية في إدارة شؤننا بذاتنا دون وصايا ورعاية من المؤسسة الإسرائيلية.
إن وجود العمل الأهلي أو ما يسميه البعض القطاع الثالث أو مؤسسات المجتمع المدني يشكل عنصرا هاما في تسيير الحاجات والخدمات الأساسية الناس في هذه البلاد فما تعجز عنه المؤسسات والهيئات الرسمية من وزارات ومجالس محلية وبلديات ومؤسسات طبية حكومية وعامة في تقديمها، ولذا يأتي دور العمل الأهلي في سد هذا النقص وقد تقوم بذلك في طريفة احسن وانجع وفي جودة افضل من المؤسسات الرسمية، وبذلك نشأت وتقدمت هذه الجمعيات في مجتمعنا وبدأت تأخذ الشعبية والمصداقية من الناس سواء كان ذلك من خلال التواصل معها لتلقي الخدمات أو سواء من خلال التواصل معها من تأجيل تقديم التبرعات لها والتفاعل مع مشاريعها الخدماتية والجماهيرية في شتى القطاعات المختلفة، لذلك لا عجب أن وصلت جمعية حراء لتحفيظ القران الكريم والتي للأسف تم حظرها من ضم ال 21 مؤسسة أنها تضم في طياتها ما يقارب عشرة الأف طالب وطالبة موزعين على نحو 150 مركزا في 70 بلد عربية في داخلنا الفلسطيني، ولا عجب أن وصلت جمعية اقرأ لدعم التعليم في المجتمع العربي لتقديم 3500 طالب وطالبة في معهد اقرأ بسيخومتري سنويا وان خرجت 48 طالب وطالبة والذين قبلوا لكليات الطب وطب الأسنان وذلك من خلال معهد اقرأ مور، هذا ناهيك على المنح التعليمية التي كانت تقدمها الجمعية من خلال مشروع مشاعل النور ومشروع التوجيه الدراسي الذي كانت تسفيد منه نحو 20 مدرسة سنويا.
إن مصداقية هذه الجمعيات والمؤسسات وتفاعل الناس معها فاق كل التوقعات والمقاييس وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على الخير العظيم الموجود في أهلنا من خلال تقديم التبرعات لهذه المؤسسات بالإضافة التفاعل المباشر معها، كما ويدل أيضا على صدق وإخلاص العاملين في هذه الجمعيات الذين وضعوا نصب أعينهم الأهداف الاجتماعية والإنسانية والثقافية وقد واصلوا الليل بالنهار في سبيل تحقيق وتنفيذ هذه الأهداف عبر المشاريع والنشاطات المختلفة لها، لقد وصلت مؤسسة الإغاثة الإنسانية في عطاءها ونشاطها لدعم وكفالة 23 الف يتيم وأسرة في الضفة الغربية وقطاع غزة، إن حظر هذه المؤسسات لهو جريمة بل وقل نكبة في حق هؤلاء المستضعفين في الأرض الذين لا يجدون بعد الله عز وجل إلا هذه المؤسسات الأهلية الداعمة ناصرة لهم وداعمة وراعية لشؤونهم في اقل وابسط الاحتياجات المعيشية والحياتية.
لقد برز الدور الريادي والطلائعي والقيادي لهذه الجمعيات الأهلية في حياتنا اليومية وكان لها الفضل لعظيم لنا في شؤوننا الحياتية واليومية وقد كان ذلك في أمور عديده من أهمها:
1. شكلت هذه المؤسسات بديل خدماتي لتقصير المؤسسات والهيئات الرسمية في شتى القطاعات الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية كما اسلفنا سابقا.
2. شكلت هذه المؤسسات أداة تواصل حقيقية مع أهلنا وقرانا وذوينا في الضفة الغربية وقطاع غزة والتي حاول الاحتلال الإسرائيلي فرض حالة قطيعة بيننا معهم، وكما وشكلت هذه المؤسسة أداة تواصل مع عالمنا العربي والإسلامي من خلال تمويل ورعاية مشاريع تخص داخلنا الفلسطيني.
3. لقد حرصت هذه المؤسسات الأهلية على تأكيد وترسيخ ثوابتنا الوطنية والدينية من خلال رعايتها لاهم المشاريع تخص المسجد الأقصى المبارك والحفاظ عليه عبر تيسير حافلات للصلاة فيه أو عبر إقامة الدروس الدينية وعبر رفع الوعي والمعرفة في المخاطر والتهديدات المحدقة في المسجد الأقصى المبارك، كما وقامت هذه المؤسسات في إحياء يوم العوة في كل عام عبر مسيرات ونشاطات كانت تقام في القرى المهجرة في داخلنا الفلسطيني.
4. لقد خلقت هذه المؤسسات بديلا استراتيجيا في مناهج التعليم وذلك لكي تتصدى لسياسة طمس الهوية الفلسطينية وتميع الطالب العربي عبر مناهج تعليمة تغييب فيها قيم الإسلام المتسامح وتغيب فيها الذاكرة الفلسطينية وتغيب فيها مكانة وأهمية المسجد الأقصى المبارك في حياتنا وقد كان ذلك عبر مؤسسات عديدها أهما مؤسسة حراء التربوية وجمعية اقرأ التعليمية.
إن إرادتنا في الداخل الفلسطيني في العيش الكريم والحياة الكريمة في تلقي الخدمات الأساسية الحياتية تتطلب منا أن نبادر من انفسنا لحل مشاكلنا الذاتية ولا نعول كثير من الأخر أن يساعدنا أو ننتظر حتى يمن علينا من فتات الميزانيات على مجالسنا وبلدياتنا العربية، لذا لا بد من تقوية العمل الأهلي ومنظمات المجتمع المدني والعمل على رفع مكانتها المجتمعية بين الناس لأنها تمثل الإرادة الحقيقة والصادقة لنا كفلسطينيين نعيش في هذه البلاد بعيدا عن تغول المؤسسة الإسرائيلية وبعيدا عن دعم صناديق مشبوه تحمل أجندة مضللة.
زياد ابو شقرة
مدير جمعية
“الرشد لترشيد وتطوير العمل الأهلي”
صورة توضيحية