أحْلُمُ
تاريخ النشر: 31/07/13 | 4:00أحْلُمُ بِوَرْشَةِ عَمَلٍ هِيَ حُلْمِيَ الْحَياتي
***
رأيْتُ في لَحْظة غَفْوَةٍ صاحِيَةٍ ثَلاثَة مِنْ بينِ إخْوَتي أبْناءِ الْحَياة
مِمَّنْ اختَرْتُهُم لِصُحْبَتي ذاتَ يومٍ عاصِفِ الذُّهْنِ مُشْتَعِلِ الأحاسيس ،
رأيْتهم يَفترِشونَ تُرابَ الأرْضِ في ظِلِّ بلوطَة قَديمةِ الْوِلادة
تطلعُ في واحِدٍ مِنْ مروج الجليلِ الغربيِّ المُطِلة على بَحْر كنعانِيِّ الموجِ والصَّخرِ والرَّمل .
أصغَيْتُ لهمْسِهِمِ المُنبَعِثِ مِنْ شُقوقٍ تُرابيةٍ ، هِيَ وَليدُ جَفافِ هاجِرَة .
***
شُبِّهَ لي عِنْدَها أنّي أصغي لِحواراتِ واحِدٍ مِنْ مَجالِسِ الأنبياءِ الْعاشِقين .
قالَ الأوَّلُ وكانَ مُمْسِكًا بأصابعه بقلَمَ رَصاص ، قال َ :
أعْذُراني يا أخويَّ !
آنَ الأوان أنْ أعودَ إلى ما كُنْتُ ، فأنْطَلقُ عاريًا ،
كما وهبتْني أمّي جَمالِياتِ ما أنا عليْهِ وفيهِ ،
أنطَلِقُ في عَجَلٍ حالِمٍ ، كما الأطْفال ، أبحثُ عنْ كِنْز حياة
حَدُّثَ جَدُّنا أنَّهُ مَدْفون هناك ، بَعيدًا وقريبًا ، بيْنَ رمالِ شاطىء " بحرةٍ " ،
هِيَ مَعْشوقتي " سمخ " الفاتنة الحَييَّة وَقَدْ سلبتْها مِنّي كفُّ ريح
وكنتُ حينها مُنْغمِسًا بفرحِ طفْلٍ ، يَلْهو بمرطَبانِه وما فيه من سَمَكةٍ مُلَوَّنة .
قالَ يا أخويَّ !
أكْثر ما هَدَّني أن الريحَ كسرتْ مَرْطَبانَ أمي ،
فامَّحتْ ألوانُ السمكة وجَفَّ ماء " البحرة " .
***
تَأمَّل أخويه وقد تَوَقَّفا عَنِ الكَلامِ المُباحِ وخلُصا إلى الإكْتِفاء بِما هُوَ أكثر إيحاءً وإفْصاحا .
رَأى أخاه الثاني
وقد أمْسَكَ بحُزمَةِ ألوانٍ وبدأ يَسْمَعُ بانْبِهارِ رَسّامٍ عاشقِ خَبَطات ريشته المحلقة بحْثًا عنْ شَيْءٍ كان في موقعٍ ما .
فوجِىء الأخُ الأوَّلُ حين رأى أخاه الثالِثَ
وَقَدْ كان يداعبُ أوتار ربابة ،
فتبوحُ بلحْنٍ هامِسٍ مَوْجوعٍ وفرِحٍ .
***
بعدها
رأيتُ في حلمي وجْهَ ذاكَ الأخِ الأول
وقد انفرجت أساريرُهُ
فرَحا بذاكَ الحِوارِ الصّامِتِ الموحي .