كلنا مذنبون بالتساوي
تاريخ النشر: 24/01/16 | 13:38لماذا ينتحر شبابنا إذاّ
أو يسرقونَ أو ينحرفون؟
لماذا لا نكون مُذنِبين بالتّساوي وكُلُّنا مشترِكون بالجريمة؟؟ وكلّنا نغُضُّ الطّرفَ أو نسرِقُ البسمة
أو نأكل الحَقَّ ونُبدِلُهُ بالباطِلِ ونَسرق مال اليتيم ونحسد ونَظلِمُ ونُسيءُ الظّنَّ ونستغيب ونُعَطّل
مصالح الناس؟؟
ولماذا لا نكون مُذنِبينَ بِالتّساوي ونحن لا نُؤدّي الحقوقَ لأصحابها ولا نُفشي السّلامَ بيننا ولا
نَبتسمُ ونحن نعلم أنّ في ابتساماتِنا صدقه؟؟
نحنُ لسنا بريئين مِن دَمِ يوسُف، ولنا حِصّة
الأسد بالجريمَةِ، شئنا أم أبَينا، فلا يسرقُ
السارقُ ولا يقتل القاتلُ ولا ينحرفُ الشّباب أو
يقضي الآخرون على حياتهم أو ينتحرون، لأنّهم يعيشون في جَنّة عَدن، أو في مجتمعٍ مِثالِيّ
يُمارسُ الشفافية والرُّقِيّ الأخلاقيّ، ومخافة
الله في كُلّ شيء.
أنا لا أُحَرّمُ أو أُحَلّل أو أقرأ مالا تقرأون،
وحاشا لِلّه أن نُشارِكَه الرّبوبيّةَ والألوهيةَ،
ولكنّك تتّفق معي أن السّاكِت عن الحق
شيطانٌ أخرس، والظُّلم ظُلمات في الدنيا والآخرة، وأنَّ غَضٌ البصرِ عن المعصية لا يقِلّ عن فِعلِها، والله أعلم..
أعلمُ أنّ أسئلةً كثيرةً نعيشها كل يوم
وكل ساعه، لا نتجرّأ على مواجهتها أو
مصارحة أنفسنا والوقوف أمامها والبحث
لها عن جواب، ثُمّ لا نغضب من ِأجلِ حقٍّ،
ولا نغار على حرمات الله والتعدي على
ربوبِيّتِهِ وتجاوزنا في التحليلِ والتحريم والمقبول والمرفوض….
حتّى عاداتنا وتقاليدنا والضوابط الأخلاقيّة
الموروثة جيلاً بعد جيل، نَبيعها كما بُباعُ الحقّ بالباطل، فيذهب الحق، ثم يُعَرّينا الباطلُ،
ونصبح مُعدَمين مُتَسَوّلين يَنهَرُنا النّاس عن
الأبواب ونَنام على الأرصِفة في الطُّرُقات.
في الحقيقةِ فإنها تَكثُرُ عندنا الكَبائر، وأن
نكونَ جُزءاً مِمّن ساهمَ فيهاِ فذلك حرام،
كما أنّ عدم إماطة الأذى عن الطريق حرام فتُصبحُ المساعدة بالحرام وتسهيله وتسويقه والقبول به، حرام….
إنّ السّكوتَ على السّلاح مساهمةٌ بالقتل ومشاركةٌ بالجريمة، وعدم إماطَةِ الأذى عن الطريق مُساهمةٌ بالفوضى وإهدارٌ لِأموال
الناس وتضييعّ لِثَرواتِهِم، والصمت على الإنحراف وتعاطي المُحَرّمات هو اشتراكٌ بالجريمَة ومُساهمة في تحقيقها، وقبولُ
الرَّشوى إحقاقً للظُّلم والنَّهبِ والسرقة…
ولذلك، فليسَ اللّصّ لصاً لوحده، وليس القاتل
أو الزاني أو الظالم أو المُرتشي أو المتجبّر،
ليس أحدٌ منهم متّهمٌ بالجريمة وَحدَهُ، بل شركاؤه كثيرون، وهم أحرارٌ طليقون
يُخطّطون للإيقاع بالضحيّة القادمة، ولا تستغرب أن نقول أنّ الشّريك بالجريمة هوَ
أنا أو أنت.
كان مُلزِماً أن نتكاشف ونتصارحَ، وكُلّي ألمٌ
مِمّا يحدث، وأزدادُ لَوعة ًعلى شبابنا وإخوةٍ لنا وغيرةً على مستقبل أولادنا، وحان لنا أن نعلم أن كلٌنا راعٍ وكلّنا مسؤولٌ عن رعاية هذا البلد، وأننا قد نكون شركاء بالقتل والتدمير واليأس والإحباط والتمزيق والسرقة مِن حَيثُ ندري
أو لا نَدري.
عبدالله جبارين
أبو كَرَم