مهرجان مهيب في رام الله
تاريخ النشر: 30/01/16 | 16:40اقامت اللجنة التحضيرية الفلسطينية ليوم الدعم العالمي لحقوق فلسطينيي الداخل، في رام الله ظهر اليوم السبت مهرجانا مهيبا في قصر الثقافة في رام الله، حضره العديد من الشخصيات القيادية الفلسطينية وفي مقدمتهم، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية د. صائي عريقات. كما شارك رئيس لجنة المتابعة لقضايا الجماهير العربية محمد بركة، الذي القى خطابا مركزيا، بث فيه رسالة الوحدة، ورسالة الاصرار على التصدي لسياسة التمييز العنصري، كما استمرار التمسك بالهوية والتشبث بالارض والبقاء في الوطن الذي لا وطن لنا سواه.
وافتتح المهرجان بالنشيد الوطني الفلسطيني، والقى رئيس اللجنة التحضيرية الفلسطينية، القيادي الفلسطيني ماهر غنيم كلمة قال فيها إن إحياء هذا اليوم في الضفة وغزة والداخل يؤكد أن شعبنا في مختلف أماكن وجوده يواجه نفس المشاكل ويتعرض لنفس المعاناة والعنصرية من قبل احتلال واحد، يمعن في العنصرية والتمييز، وأن الفعاليات في مختلف أرجاء العالم هي ثمرة من ثمرات العمل الدؤوب على مدار شهر كامل، وتتويجا للتواصل الدائم مع أهلنا بالداخل.
وبين غنيم أنه حدثت تطورات في الداخل حتمت على أبناء شعبنا الاصطفاف في وجه الاحتلال عبر تشكيل القائمة المشتركة، وكذلك قيام الاحتلال بالتضيق على شعبنا في الداخل سياسيا بحظر الحركة الإسلامية والإمعان في سياسة الهدم والتهجير والاستيلاء على الأراضي.
وافتتح رئيس لجنة المتابعة محمد بركة كلمته قائلا، عندما خرجت من بيتي في الجليل اليوم، لأصل هنا الى رام الله، مررت على والدي وهو من مواليد قرية صفورية، أكبر قرى فلسطين التي هجّرت ودمّرت عام 1948. مررت عليه ليمنحني بركة الطريق، من فلسطين الى فلسطين. وفي طريقي الى هنا، لازمتني روائح جميلة، هي عبق الارض، رائحة الارض بعد المطر. رائحة البرتقال والليمون بمحاذاة الساحل. رائحة زهر اللوز الذي يتفتح في روابي فلسطين وضواحي رام الله. وحُمرة الخجل في وجه شقائق النعمان وعفة البياض في عصا الراعي لترسم هذه الروائح ليس عطرا وإنما خريطة وطن.
نلتقي اليوم الـ 30 من كانون الثاني/ يناير 2016، لنصل هذا اليوم بيوم آخر، هو يوم الارض الثلاثين من آذار. ففي يوم الارض كان هذا الجزء من الشعب الفلسطيني الذي يعيش في الجليل والمثلث والنقب والساحل، كان منسيا أو شبه منسي. في الثلاثين من آذار قرع جدران الخزان وقال ها أنا هنا، واقف بكامل قامتي، حارسا لهوية الارض، حارسا لمسميات الوطن، هذا الجزء بقينا في وطننا كحصان محمود درويش الأصيل، الذي بقي وحيدا، كي يؤنس البيت لأن البيوت تموت إذا غاب سكانها. وبيوتنا وإن هُجّرت 531 قرية، لم تمت لأن جنباتها ظلت تصدح العتابا والموال واللغة العربية بلهجات فلسطين المتعددة.
وتابع بركة قائلا، إننا حينما أعلنا هذا اليوم أكدنا على موضوعين، الأول: أن هذا ليس تجزئة لنضال شعبنا الفلسطيني، إنما تسليط ضوء على قضية وقضايا يواجهها جزء من الشعب الفلسطيني. والأمر الثاني الذي أكدنا، أن هذا اليوم العالمي ليس ولا يمكن أن يكون بديلا، لنضالنا في داخل أرضنا ووطنا، النضال الميداني المباشر، النضال السياسي والبرلماني، والقضائي والحقوقي والانساني والاجتماعي، فلن نخفض راياتنا التي رفعناها، راية البقاء على الارض، البقاء الذي نحميه والمستقبل الذي نبنيه.
وشدد بركة قائلا، إن الثلاثين من كانون الثاني، هو استمرار للثلاثين من آذار، لكن إذا كنا قد قرعنا جدران الخزان في الثلاثين من آذار 1976، فإننا الآن نكمل مسيرة العودة الى حضن الأم الرؤوم، حضن شعبنا الفلسطيني، وأمتنا العربية والانسانية والمتنورة، عبر اصقاع الارض كلها، ولذلك فإننا من هنا باسمنا جميعا نرسل تحياتنا الى كل من رفع لواء هذا اليوم، فقبل وقت اليوم تحدثت الى الأخوة في غزة، حيث يحتشدون في ساحة الجندي المجهول، وها نحن نتحدث هنا في رام الله، ومساء سنكون في شفاعمرو في الجليل، لنكمل دوائر الوطن.
واستعرض بركة نقاط مركزية في ما تواجهه الجماهير العربية من سياسة التمييز العنصري في شتى ميادين الحياة، والتصعيد الحاصل على صعيد التشريعات، والملاحقات السياسية، وكان ذروتها في الآونة الأخيرة، حظر الحركة الإسلامية (الجناح الشمالي)، وشدد بركة قائلا، إن الحكومة لم تعلن أي سبب لحظر الحركة، واستندت الى أنظمة الطوارئ التي وضعها الاستعمار البريطاني في العام 1945، كأنظمة طوارئ في زمن الحرب. واستناد إسرائيل اليوم اليها، ما يعني أنها تعلن أنها في حالة حرب ضدنا، نحن المواطنين. ونحن نقول من هنا، إن الارهاب ليس الحركة الاسلامية، بل الارهاب هو حكومة إسرائيل وسياستها.
وقال بركة، إن هذا يقودنا لقول رسالة هامة، في هذا اليوم بالذات، شيئا لأنفسنا: فنحن هنا اليوم بعد تجرية القائمة المشتركة، وتجربة لجنة المتابعة الممتدة منذ ثلاثة عقود ونيّف، التي تضم جميع الأحزاب بدون استثناء عندنا، ورؤساء البلدية والمجالس المحلية، ومؤسسات المجتمع المدني. بمعنى أن لجنة المتابعة التي أتشرف بالوقوف هنا باسمها هنا أمامكم هي الاطار الجامع فعلا لكل مركبات ومكونات مجتمعنا. وأقول لكم إن الوحدة “مْوَفيّة معنا”، وأدعو شعبنا الى وقف هذا الفصل المظلم في تاريخ شعبنا، نحن نريد لفلسطين أن تكون مفتوحة على العالم والعالم العربي وعلى مصر، ولكن أريد لفلسطين أن تكون مفتوحة على فلسطين، وأن تكون الضفة مفتوحة على غزة، وغزة مفتوحة على الضفة، والضفة وغزة مفتوحة على القدس.
وتابع بركة قائلا، إن هذا ايضا جزءا من فهمنا حينما نتحدث عن حقوقنا القومية في إسرائيل، فنحن نتحدث عن حقنا بالأرض باللغة بالثقافة، ولكن نحن نتحدث ايضا عن حقنا في أن نساند شعبنا، نحن لسنا مقطوعين من شجرة، ولا نهبط بمظلة عسكرية على هذا الوطن. ولذلك عندما نعلن موقفنا الوطني، يقولون لنا هنا أنتم طابور خامس، ونحن نسأل كيف يمكن ان نكون طابورا خامسا؟ فهل كنا ذات يوم جزءا من الحركة الصهيونية وخرجنا عنها؟. إننا كنا فلسطينيين وما زلنا فلسطينيين وسنبقى فلسطينيين، وسنبقى أوفياء لقضية شعبنا. ومن حقنا أن نقول لكم ما نقول بحكم الانتماء.
ووجه بركة شكره وتقديره للقيادة الفلسطينية والرئيس ابو مازن، ولكل الفصائل التي عملت على انجاح هذا اليوم، وخاصة اللجنة التحضيرية هنا في رام الله، التي بذلت جهودا جبّار، وقال، اسمحوا لي أن أنقل تحياتكم من هنا الى مهرجان شفاعمرو الذي سيعقد مساء هذا اليوم، فهذا المهرجان سيكون استمرارا للقاء في رام الله وغزة وكل العواصم العربية والعالمية، لكن في الحالة الفلسطينية، فإن مهرجان شفاعمرو امتداد الوريد الى الوريد، واختلاط الدم بنفس الدم، دم الشعب الفلسطيني الذي لا نقبل أن يكون عنصريا أو موصوما بالعنصرية، ولا نقبل ان يكون بالإرهاب، فهذا الدم وهذا الشعب جزء من الانسانية التي تؤمن حقا بحرية الشعوب والعدالة. نريد حقا بالعدل والمساواة في وطننا الذي لا وطن لنا سواه.
وقال أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات في كلمته، إن ما تقوم به الحكومة الإسرائيلية ضد أبناء شعبنا في الداخل من سياسيات عنصرية وتهديد بهدم 50 ألف منزل بحجة البناء بدون ترخيص، وهدم قرية العراقيب 93 مرة خلال خمس سنوات، والتميز في التعليم والسكن والوظائف، لن ينجح في كسر إرادة شعبنا في الداخل وسيبقون شوكة في حلق دولة الاحتلال التي تسعى لأن تصبح دولة يهودية.
وأضاف عريقات أن ما تقوم به حكومة الاحتلال في الضفة الغربية بما فيها القدس وقطاع غزة والداخل يهدف إلى إقامة دولة واحدة عنصرية بنظامين لليهود والفلسطينيين على غرار النظام العنصري الذي كان قائما في جنوب أفريقيا إبان تسعينيات القرن الماضي.
وأوضح عريقات أن اليوم العالمي لدعم حقوق الفلسطينيين في الداخل، يجري في الضفة الغربية وقطاع غزة بالتزامن، إضافة إلى إحيائه في 10 دولة عربية، و30 دولة في قارات العالم. وبين عريقات أن معركة الشعب الفلسطيني مع الاحتلال هي معركة دقيقة في هذه المرحلة الصعبة والمعقدة، والهدف منها وضع فلسطين على خارطة العالم الجديد الذي يجري تشكيله في منطقة الشرق الأوسط، في مقابل سعي الاحتلال لتغيب فلسطين عن خارطة العالم.
وأشار عريقات إلى أنه يجب على العالم أن يعلم أن الداعشين الذين يقتلون في سوريا والعراق لا يختلفون شيئا عن المستوطنين القتلة الذين أحرقوا الرضيع علي دوابشة وعائلته، وأحرقوا قبله الطفل محمد أبو خضير.
ولفت عريقات إلى أنه يتوجب على كل فلسطينيي في العالم أن يعمل في مجاله من أجل وضع فلسطين على خارطة العالم، وكل يناضل في مكان عمله وبالطريقة التي يستطيع بها، فنحن اليوم بتنا على أعتاب 11 مليون فلسطيني في فلسطين وخارجها، علينا أن نعمل جميعا من أجلها.
وشدد عريقات على أن وضع فلسطين على الخارطة العالمية يتطلب أيضا إنهاء الانقسام البغيض، وعقد المجلس الوطني لإعداد أنفسنا للمرحلة المقبلة والسعي لتحقيق وحدتنا فلا يوجد ما نختلف عليه فنحن جميعا نعيش تحت الاحتلال.
وقال واصل أبو يوسف في كلمة القوى الوطنية والإسلامية، إن شعبنا يحيي اليوم العالمي لدعم حقوق الفلسطينيين في الداخل بالتزامن مع مواصلة عمليات القتل المرتكبة بحقه من قبل الاحتلال الإسرائيلي مختلف أرجاء الضفة الغربية وقطاع غزة.
ووجه أبو يوسف التحية لشهداء شعبنا في الداخل وفي مختلف تواجد أبناء شعبنا داخل فلسطين، وحيا الأسرى وعلى رأسهم عميد الأسرى ابن الداخل المحتل كريم يونس، قائلا “إن النضال سيتواصل حتى الحرية والاستقلال”.
وعرض خلال إحياء اليوم فيلما قصيرا سلط الضوء على ما يتعرض له شعبنا من معاناة على أيدي الاحتلال الإسرائيلي، كما قمت فقرة موسيقية هادفة.