الجبهة: الحكومة تعلن الحرب على الجماهر العربية
تاريخ النشر: 11/02/16 | 17:04استنكرت الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، بشدّة، التصعيد الجديد في التحريض الأرعن الذي يقوده رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزراؤه، على الجماهير العربية الفلسطينية في إسرائيل، والحملة الأخيرة على نواب “التجمّع الوطني الديمقراطي” في القائمة المشتركة والتشريعات العنصرية والاقصائية التي يبادر اليها نتنياهو ونواب اليمين؛ واعتبرت الجبهة هذا التحريض جزءًا من النهج العنصري الخطير الذي تعتمده حكومة اليمين، لنزع شرعية الجماهير العربية ومنتخبيها وتصفية وزنهم السياسي، وجزءً من الهجمة الشاملة على الهامش الديمقراطي في البلاد، بغية تكريس سلطة حكومة الاحتلال والاستيطان وخدمة حيتان الرأسمال على حساب المصالح الحقيقية للمواطنين اليهود والعرب في البلاد.
وكانت سكرتارية الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة قد عقدت اجتماعًا مطوّلاً، يوم السبت 6 شباط 2016 في حيفا، ناقشت خلاله المستجدّات على الساحة السياسية، والخطة الاقتصادية الحكومية لتطوير المجتمع العربي، وقضايا أخرى سياسية وتنظيمية.
وحمّلت الجبهة رئيسَ الحكومة بنيامين نتنياهو مسؤولية التدهور الأمني المتواصل في الشهور الأخيرة، وسفك الدماء اليومي للمواطنين والإعدامات الميدانية ، وذلك بسبب العراقيل التي يضعها أمام أي مسار يفضي إلى تسوية سياسية للصراع، وتصفية “حلّ الدولتين” حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة في حدود الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، إلى جانب دولة إسرائيل. وأكدت الجبهة أنّ الضمان الجوهري الوحيد لأمن الشعبين هو كنس الاحتلال، من خلال حل سياسي عادل يستند إلى قرارات الأمم المتحدة .
وأدانت الجبهة تواطؤ الولايات المتحدة الأمريكية مع السياسات الإسرائيلية، وصمت المجتمع الدولي على جرائم الاحتلال. كما حذّرت من تساوق أنظمة عربية وإقليمية مع هذه السياسة. وحيّت الجبهة مساعي استعادة اللحمة الوطنية الفلسطينية ووضع حد لحالة الانقسام، كشرط أساسي لوضع استراتيجية وطنية موحّدة لمواجهة المحتلّ وإعادة الزخم لقضية تحرّر الشعب العربي الفلسطيني، على أساس المشروع الوطني الفلسطيني واستعادة دور منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني. ودعت الجبهة جميع الفصائل الفلسطينية إلى تغليب التناقض الأساسي، مع الاحتلال، على أي تناقضات ثانوية.
• حرب شعواء
واعتبرت الجبهة أنّ أزمة حكومة اليمين السياسية والاقتصادية من جهة، وفقدانها لورقة “التهديد الإيراني”، من جهة ثانية، يدفعانها إلى شنّ حرب شعواء على الجماهير العربية، وعلى القوى التقدّمية والديمقراطية في الشارع الإسرائيلي، من نشطاء سلام ومؤسسات حقوقية، للجم أي مقاومة لسياستها العنصرية. وشدّدت الجبهة على أنّ هذا التحريض ليس مجرّد مجاراة شعبوية لمزاج فاشيي بل سياسة حكومية مُمنهجة مدروسة منذ خطاب “الباصات” الذي ألقاه نتنياهو في يوم الانتخابات العام الفائت، إلى اتهام الجماهير العربية بتأييد تنظيم “داعش” الإرهابي، وحظر الشق الشمالي للحركة الإسلامية، وحتى الحملة الأخيرة على أعضاء الكنيست العرب بذريعة تدخلهم لاستعادة جثامين تحتجزها السلطات الإسرائيلية منذ عدّة شهور.
ودعت الجبهة إلى تعزيز وحدة نضال الجماهير العربية في مواجهة هذه الموجة الفاشية غير المسبوقة، وإلى أوسع شراكات كفاحية مع جميع القوى العاقلة في الشارع الإسرائيلي، لمنع الحكومة من إخراج مخططاتها العنصرية والمعادية للديمقراطية إلى حيّز التنفيذ.
أشادت الجبهة باليوم العالمي لدعم حقوق الفلسطينيين في إسرائيل، والذي نظمته لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية، كخطوة نوعية وغير مسبوقة نحو فضح السياسات الإسرائيلية وعنصريتها البنيوية حتى تجاه مواطنيها الى الصعيد الدولي.
ان حقيقة القيام بنشاطات في 51 دولة من دول العالم في كل القارات في اطار هذا اليوم العالمي تقود الى أهمية التجاوب الدولي الذي يعول عليه من جهة والى ضرورة تطوير هذا المشروع مستقبلا من جهة اخرى.
وحذّرت الجبهة من مآلات التدهور الفاشي المتسارع في الشارع الإسرائيلي، والذي تغذيه وتتحمّل مسؤوليته وتستثمره حكومة نتنياهو. كما انتقدت الجبهة بشدّة تواطؤ قوى ما يسمّى “اليسار الصهيوني” مع هذا التدهور، وانضمام رئيس “المعسكر الصهيوني” يتسحاق هرتسوغ في كثير من الحالات إلى جوقات التحريض الحكومية. وأكدت الجبهة أنّ فشل “المعسكر الصهيوني” الذريع في تقديم طروح شجاعة خلال المعركة الانتخابية، يستتبعه الآن انجرار واضح وراء الأجواء العنصرية الخطيرة، ورضوخ لسياسة التنصّل من حل الصراع حلاً سياسيًا.
وتحذر الجبهة من خطورة المشروع السياسي الذي أقره حزب “العمل” تحت شعار الانفصال من جانب واحد عن الضفة المحتلة، واستمرار بتر الأحياء المقدسية عن مركز المدينة، وقالت إن هذا المخطط هو مخطط اليمين المتطرف الاصلي، الذي يهدف الى تحويل المدن والمناطق السكانية الفلسطينية في الضفة الى كانتونات مغلقة محاصرة بالكتل الاستيطانية والجدار الاحتلالي.
واعتبرت الجبهة تصاعد خطوات وحملات مقاطعة إسرائيل في العالم، لا سيما في أوساط الأكاديميين والنقابات العمّالية والشركات الاقتصادية والمجتمع المدني، مؤشرًا هامًا على عزلة إسرائيل في الرأي العام العالمي، بسبب ممارساتها الإجرامية ضد الشعب العربي الفلسطيني. وأكدت الجبهة أنّ قضية عادلة كالقضية الفلسطينية لا بدّ أن تستقطب أوسع تضامن أممي، وهو ما يشكّل آلية هامة لدحر الاحتلال، إلى جانب المقاومة الفلسطينية بكافة أشكالها، والنضال العربي-اليهودي المشترك داخل إسرائيل.
وأكدت الجبهة تضامنها المطلق مع النضال البطولي الذي يخوضه الصحفي الفلسطيني محمد القيق، المعتقل سياسيًا لدى سلطات الاحتلال والمضرب عن الطعام منذ أكثر من 70 يومًا. إنّ المطلب الفوري هو وقف سياسة الاعتقالات السياسية التعسفية هذه، والمنافية لأبسط حقوق الإنسان. كما تعود الجبهة وتؤكد موقفها بضرورة إطلاق سراح جميع الأسرى السياسيين الفلسطينيين والعرب في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
• رفض الاشتراط والابتزاز
وناقشت سكرتارية الجبهة الخطة الحكومية للتطوير الاقتصادي للمجتمع العربي، والتي أقرّتها الحكومة الشهر الماضي ,واعتبرتها ابعد ما يكون من تحقيق المساواة للجماهير العربية وهي مليئة بالثغرات وبالمخاطر. ورغم هذا فإن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أرادها مشروطة بمشاريع واشتراطات مشبوهة، مثل ما يسمى “الخدمة ألمدنية” ألمرفوضة وتحويل الخطة الى مشروع ضرب البلدات العربية، من خلال اقامة جهاز شرطي ضخم لتسريع جرائم هدم البيوت العربية تحت حجة ما يسمى “البناء غير ألمرخص. وأكدت الجبهة أنّ المساواة التامة في الحقوق القومية والمدنية، هي حق طبيعي للجماهير العربية، مترتب على مواطنتها وعلى انتمائها لوطنها، وليس منّة من حكومة إسرائيل. وأكدت الجبهة على ضرورة مواصلة النضال الشعبي والبرلمانية والبلدية من اجل التقدم الحقيقي نحو تحصيل الحقوق وإنجاز المساواة الكاملة وتوقفت السكرتارية عند الجهود التي بذلها نواب الجبهة والقائمة المشتركة واللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية للتأثير على الخطة الحكومية الا انها تبقى خطة حكومية لحكومة نتنياهو واليمين المتطرف التي تؤسس لسياسة التمييز والعنصرية ضد الجماهير العربية.
ان حقيقة عدم ادراج الخطة الحكومية في اطار قانون الموازنة العامة تقود الى مزيد من الشكوك بان تنتهج هذه الحكومة نهج الابتزاز والاشتراط لتحقيق او عدم تحقيق مطالب الجماهير العربية.
ولفتت الجبهة إلى أنّ التجربة المتراكمة مع الخطط الحكومية، تؤكد أنّ المؤسسة الحاكمة تلتف دائمًا على التزاماتها المتعلقة بتطوير القرى والمدن العربية. لذا فإنّ المعركة الآن هي على إفشال سياسة الاشتراطات والابتزازات من جهة، وانتزاع أكثر ما يمكن من حقوق وإنجازات، من جهة ثانية، ومراكمتها كجزء من مسيرة كفاح الجماهير العربية المتواصلة من أجل المساواة التامة، القومية والمدنية، وحقها في التطوّر الحضاري على أرض آبائها وأجدادها. . وتدعو الجبهة الى تصعيد النضال الشعبي والميداني ضد سياسة التمييز العنصري، لأنه يبقى النضال الاساس في السعي لدحر هذه السياسة الفاشية.
وتحذّر الجبهة بشكل خاصّ من انتهاج سياسة التهديد والابتزاز سيئة ألصيت باشتراط “الخدمة ألمدنية وتنفيذ سياسة هدم البيوت العربية، ومخططات المصادرة والاقتلاع عمومًا وفي النقب خصوصًا، تحت أيّة مسمّيات وذرائع. وتدعو الحكومة إلى تجميد كافة أوامر الهدم والمصادرة والتهجير فورًا، والدخول في حوار مع منتخبي الجماهير العربية والسلطات ألمحلية لإيجاد حلول عادلة لقضية البناء غير المرخّص، والناجم ،أساسا،عن سياسة خنق القرى والمدن العربية ومصادرة أراضيها.
إنّ تنكّر الحكومة لمثل هذا المسار يؤكد أنّ هدفها الحقيقي ليس حلّ المشاكل العالقة، وإنما امتطاؤها للتحريض على الجماهير العربية وتضييق الخناق عليها.
• مقاومة المدّ الفاشي
ورفضت الجبهة المخططات الحكومية المختلفة، لا سيما في وزارتي المعارف والثقافة، إلى تعميق صهينة المضامين التربوية والثقافية، وتطويعها لأجندات اليمين المتطرّف. كما رفضت الجبهة مساعي وزارة القضاء إلى إطباق السيطرة السياسية على أجهزة القانون، لا سيما المحكمة العليا، وإلغاء الهامش الديمقراطي النسبي، والذي يرى فيه حكّام إسرائيل حجر عثرة في سبيل تطبيق سياستهم العنصرية وعمالتهم المفضوحة لمصالح حيتان الرأسمال.
وحيّت الجبهة رافضة الخدمة الإجبارية في جيش الاحتلال ألإسرائيلي الشابة تائير كامينر من تل أبيب، والتي تقضي في هذه الأيام محكوميتها في السجون العسكرية، لرفضها المشاركة في قمع واضطهاد الشعب الفلسطيني. كما حيّت الجبهة جميع النشاطات والعرائض الني بادر إليها مثقفون وناشطون وفنانون وأكاديميون تقدّميون يهود ضد سياسات الحكومة الفاشية.
وأكدت الجبهة أنّ مطلب الساعة هو تعزيز النضال اليهودي-العربي المشترك في مواجهة هذا المدّ الفاشي، والذي يهدّد بحرق الأخضر واليابس، على غرار ما حدث في أوروبا في ثلاثينيّات القرن العشرين.
• التطوّرات الإقليمية
واعتبرت الجبهة أنّ التطوّرات الإقليمية الأخيرة – لا سيما رفع العقوبات عن إيران والقرار الأممي 2254 المتعلق بسوريا وفشل العدوان على اليمن – هي مؤشرات واضحة على أزمة المشاريع الإمبريالية في المنطقة، وفشلها في تحقيق أهدافها المشتركة مع الأنظمة الرجعية المتواطئة معها ومع الحركة الصهيونية. إنّ وُجهة هذه التطوّرات تؤذن بتهاوي نظام القطب الواحد والهيمنة الأمريكية-الإسرائيلية على المنطقة، وتمكّن شعوب المنطقة وقواها التحرّرية من الذود عن حقوقها الوطنية ومصالحها الطبقية في وجه المنظومة الرأسمالية المتوحّشة.
وأكدت الجبهة أنّ الحل الوحيد الذي بمستطاعه حقن دماء السوريين وضمان وحدة ومستقبل وطنهم، هو الحل السياسي القائم على احترام خيارات الشعب العربي السوري، وحقه في الكرامة والعدالة الاجتماعية، وإعادة بناء وطنه على أسس وطنية ديمقراطية وتعددية جامعة. وهو ما يتطلب أولاً القضاء المبرم على الإرهاب وقطع شرايين إمداداته السياسية والمالية وغيرها. وفي هذا السياق تدين الجبهة التهديدات التركية والخليجية بالتدخل البرّي المباشر في سوريا، خاصةً بعد أن عاثت التنظيمات الإرهابية الدموية المدعومة من هذه الدول –”جبهة النصرة” و”داعش” و”جيش الإسلام” و”أحرار الشام” وغيرها – فسادًا ودمارًا في سوريا.
• العنف وقتل النساء
وأدانت الجبهة بشدّة جرائم قتل النساء عمومًا، والنساء العربيات خصوصًا، والتي أوقعت ضحايا جديدة في الشهور الأخيرة. كما تدين الجبهة جميع مظاهر وظواهر العنف المستشرية في المجتمع العربي، وتحمّل الحكومة والشرطة مسؤولية التقاعس عن بذل أي جهد حقيقي في هذا الملف، وتعتبرهما شريكيْن في حالة فوضى السلاح. وأكدت الجبهة أنّ الحكومة، وليس المجتمع العربي، هي التي تقبع في قفص الاتهام في هذا الملف، وأنّ المطلوب هو تنظيف الشارع العربي من السلاح، المرخص منه وغير المرخّص.
كما تدين الجبهة أحداث العنف والاعتداءات وقمع الحريات العامة والخاصّة المتقنّعة بالدين زورًا وبهتان، والتي تقف وراءها جهات مشبوهة، لا تخدم إلا سياسات السلطة ومساعيها لإضعاف مناعة جماهيرنا المجتمعية وجهوزيتها الكفاحية أمام التحديات السياسية والاجتماعية الجسيمة في هذه المرحلة. وتدعو الجبهة جميع القوى الفاعلة على ساحة الجماهير العربية، إلى اتخاذ مواقف حاسمة ضد هذه المظاهر الخطيرة التي تهدّد النسيج الاجتماعي وتشوّه الوجه الحضاري للمجتمع العربي كمجتمع مضطهَد يكافح من أجل حقوقه الجماعية والفردية.
• حوادث العمل والتلوّث
واعتبرت الجبهة أنّ حوادث العمل، خاصة في فرع البناء – والتي أودت بحياة 8 عاملين منذ بداية العام الجاري، معظمهم من العمّال الفلسطينيين ومهاجري العمل ومن المواطنين العرب والفئات المستضعفة – هي وصمة عار في جبين سياسة الإهمال القاتلة، والمسؤولة عن مآسي عشرات العائلات سنويًا. وأشادت بنشاط كتلة الجبهة في نقابة العمال العامة (الهستدروت) في هذا الصدد، داعية إلى تكثيف وتوسيع النضال الشعبي والحقوقي والبرلماني لإجبار الحكومة على اتخاذ الإجراءات اللازمة للحدّ من حوادث العمل، على المستويين الوقائي والردعي.
من جهة أخرى توقفت سكرتارية الجبهة عند المعطيات حول نسب التلوث في منطقة حيفا وآثارها الوخيمة على صحة المواطنين في منطقة الشمال، وعزت الجبهة هذه الكارثة البيئية الى جشع أصحاب المصانع الذين يبغون تحقيق أرباح طائلة دون الاستثمار في الوقاية وفي صحة المواطنين من ناحية والى إهمال السلطات المخولة بلديا وحكوميا في فرض معايير صحية صارمة على أصحاب المصانع.
وأكدت الجبهة على إنّ العلاج الجذري لهذه القضية يستوجب وضع مصلحة السكان والأطفال العرب واليهود فوق مصلحة أصحاب المصانع الملوّثة. وعلى السلطات الحكومية والبلدية أن تضع خطة طوارئ لمعالجة الآثار الصحية الكارثية لتلوّث الهواء، وليس التستّر على المقلقة التي وردت في الأبحاث التي نشرت قبل ايام.
صورة توضيحية