فشل الحكومة التواصل مع اصحاب المشروعة والرأي العام
تاريخ النشر: 08/03/16 | 7:46شهد مجال الاتصال السياسي تطورات في الأربعين سنة الماضية ليس في مجال البحث العلمي فقط، بل امتدت لتشمل الإصدارات العلمية المتخصصة والتدريس في الجامعات والمؤسسات التعليمية والتخصص المهني والممارسة التطبيقية في المؤسسات المتخصصة، مثل مراكز البحث والدراسات السياسية والإستراتيجية. ففي مجال البحوث بدأت في الخمسينات الميلادية من هذا القرن وكان الاهتمام منصبا على موضوعات ذات علاقة ذات وثيقة بالاتصال السياسي مثل تأثير التلفزيون في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1952 وتقويم الأثر المصاحب لاستخدام أساليب الدعاية وتحليل مضمون اللغة السياسية المستخدمة في الانتخابات.
وقد تنوعت موضوعات البحث في مجال الاتصال السياسي في السنوات التي تلت منتصف هذا القرن، وبلغت الذروة في اهتمام الباحثين والمتخصصين بها وبخاصة حملتي الاتصال والعلوم السياسية. ففي عام 1972 أصدرت مجموعة من أساتذة الاتصال في الولايات المتحدة الأمريكية قائمة ببلوجرافية بأسماء بعض الدراسات والبحوث التي أجريت في مجال الاتصال السياسي بلغت أكثر من ألف دراسة علمية وبعد ذلك بعامين. أي عام 1974. قام ثلاثة من الباحثين الأمريكيين المتخصصين في الاتصال السياسي بحصر البحوث والدراسات التي تناولت الاتصال في الحملات الانتخابية السياسية في الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأخرى فكان مجموع ما استطاعوا حصره من البحوث والدراسات يزيد عن 1500 دراسة متخصصة. هذه الدراسات وغيرها من البحوث التي تلتها وبخاصة في عقد الثمانينات الميلادية من هذا القرن لم تعد مقصورة على البحث في موضوع الاتصال السياسي كأحد المتغيرات التي تدرس العلاقة بين الحكومة والمجتمع فحسبه، بل توسعت لتشمل موضوعات متعددة ومتنوعة مثل اللغة السياسية، الخطابة السياسية ، الإعلان السياسي، الدعاية السياسية، المناظرات في وسائل الإعلام.
و وسائل الاتصال التنشئة السياسية، الحملات الانتخابية، الرأي العام للدول والحكومات، الحركات السياسية، العلاقة في الحكومة ووسائل الاتصال، وغير ذلك من الموضوعات التي تفرضها الظروف التي تمر بها المجتمعات المعاصرة فقد تنبه بعض من هذه الأخيرة على تباين أنظمتها السياسية واتجاهاتها الفكرية نتيجة كل ذلك إلى أنها قد أصبحت بحاجة إلى دعم ومساندة شعوبها لما تتخذه من قرارات وتوجهات وسياسات تنموية قائمة أو قادمة سواء كانت تلك القرارات قرارات تعالج أو تحتوي أو تسعى لتحقيق مصالح وقضايا راهنة، أو قرارات وخطط وتوجهات ذات بعد استراتيجي مستقبلي. وسواء كان ذلك على مستوى سياساتها الداخلية أو الخارجية، وما تقوم به من أعمال متنوعة في جميع الظروف والأوقات، لأنها وبدون ذلك الدعم الجماهيري من قبل مواطنيها ستبقى مهددة ومعرضة لخطر السخط والامتعاض والريبة والشك في أفكارها وتوجهاتها الراهنة أو المستقبلية، ما يمكن ان يؤدي ذلك الوضع على المستوى المتوسط أو البعيد إلى فقدانها الشرعية القائمة على الثقة، وبدون تلك الثقة تفقد الأنظمة السياسية والحكومات شرعية هي في غاية الأهمية في القرن الـ 21، ونقصد بتلك الشرعية، الشرعية الجماهيرية أو الشعبية. ينبع السلوك الخارجي للدولة من تصورها لوجود تهديد خارجي يهدد أمنها القومي أو يهدد بعض أهدافها السياسية.عندما يسيطر شعور التهديد على دولة ما يجب وجود بعض المؤشرات الواقعية التي تبرهن على وجود إمكانيات مواجهة نحو إلحاق الأذى بالطرف المستهدف بالتهديد ووجود نية مبيتة على الإيذاء.أن امتلاك الدولة مستوى معينا في إمكانيات القوة قد يشجعها على تبني أهداف ذات طبيعة تهديديه للآخرين.إن سعي الدولة إلى تنمية إمكانياتها من القوة عادة ما يكون في إطار هدف معين تحاول تحقيقيه مما يدفع الدول إلى التشكك في نوايا هذا النوع من الدول. وحتى يتحقق لها ذلك فإنها أخذت تسعى جاهدة إلى حل مشاكلهم والاستجابة لمطالبهم ورغباتهم وطموحاتهم المتنوعة من خلال مجموعة من الخطط والبرامج، وهو ما يطلق عليه بمفهوم السياسات العامة، والتي تهدف إلى تحقيق جملة من المنافع وتخفيف المعاناة عن الغالبية منهم،
وبالتالي يمكن تعريف مفهوم السياسات العامة بأنها: مجموعة البرامج والخطط التي تقوم بها الحكومة بهدف حل مشاكل أو للاستجابة لمطالب معينة لمواطنيها. عدم كفاءة قنوات الاتصال : فالبنى الاتصالية الأساسية تشكو من النقص في معظم الأقطار العربية في الاحتياجات التكنولوجية والمعدات الضرورية من حيث الإنتاج والصيانة… وما زالت وسائل الاتصال المتوفرة متمركزة في العواصم وتغطي في إرسالها المناطق المكتظة ولا تولي اهتماما كافيا لسكان المناطق الصحراوية… ولم تتطور بعد عملية الانتشار لوسائل الاتصال بظهور الصحافة الريفية والوحدات الطباعية زهيدة التكاليف في المناطق غير المديونية والبث التلفزي القوي والصناعة السينمائية القومية والإذاعات المحلية والجهوية.
إن الدول العربية لم تصل إلى درجة التشغيل الذاتي لوسائل الاتصال دون الاعتماد على وسائل الإعلام الدولية لاسيما في التقاط الأخبار وجمع المعلومات وتغطية العالم على امتداد الكرة الأرضية، ومن شأنها الاعتماد على الدول الصناعية في عملية التشغيل هذه أنها أي الدول العربية “ستكون معرضة للضغوط السياسية واستخدام إنتاجها الإعلامي الذي تفرضه الاحتكارات الإعلامية الدولية.
وما (يميز السياسات العامة هو شمولية نتائجها لشرائح واسعة من أبناء المجتمع ان لم يكن المجتمع كله، مما يحتم الاهتمام بصياغتها أو رسمها بشكل يؤدي إلى زيادة فرص نجاحها وتحقيق المنافع المتوقعة عند تنفيذها، وتقليل احتمالات فشلها إلى أقل نسبة ممكنة، فالسياسات العامة التي تصاغ بشكل دقيق بالاعتماد على معلومات ومعطيات صادقة وصحيحة، ومن خلال شخوص مناسبين ومتخصصين ولديهم ملكات الإبداع والتفكير المستقبلي ـ وبمشاركة من قبل المواطنين ومؤسسات المجتمع المدني وجل طوائف المجتمع ـ تجنب المجتمع الكثير من التضحيات والآلام والإحباط والسخط الذي يمكن ان يصاحب تنفيذ السياسات العامة الفاشلة أو المرسومة بشكل غير صحيح). وتعد مراكز استطلاع الرأي واحدة من أهم الوسائل الحديثة لتحقيق أهداف وتوجهات السياسات العامة بشكل سليم وطريقة تزيد من فرص نجاحها وتحقيق المنافع المتوقعة عند تنفيذها، وتقليل احتمالات فشلها إلى أقل نسبة ممكنة على مختلف المستويات من خلال المشاركة الجماهيرية أو المشاركة السياسية،
و(يعتبر قياس الرأي العام المجتمعي إحدى أهم القنوات المهمة في المجتمعات التي تحاول كشف توجهات ورؤى المواطنين حيال القضايا المختلفة، والتي تكون بحاجة إلى التطوير أو إلى إصدار نظام يقنن توجهها أو يعالج القصور الذي أصاب وظائفها بهدف تصحيحها) كما تمثل (استطلاعات الرأي العام ابتكاراً اجتماعيًّا لا يمكن فصله عن النسيج المؤسساتي، ويعد وسيلة للتأكد من عادات وأولويات وميول الأفراد والجماعات الاجتماعية المختلفة، وأصبح هذا الابتكار يحتل مكانة مهمة في الدول الصناعية والمتقدمة، بل يعتبره البعض مؤشرا أساسيا على اتجاهات السياسات العامة في الدولة والمجتمع).
شهد مجال الاتصال السياسي تطورات في الأربعين سنة الماضية ليس في مجال البحث العلمي فقط، بل امتدت لتشمل الإصدارات العلمية المتخصصة والتدريس في الجامعات والمؤسسات التعليمية والتخصص المهني والممارسة التطبيقية في المؤسسات المتخصصة، مثل مراكز البحث والدراسات السياسية والإستراتيجية. ففي مجال البحوث بدأت في الخمسينات الميلادية من هذا القرن وكان الاهتمام منصبا على موضوعات ذات علاقة ذات وثيقة بالاتصال السياسي مثل تأثير التلفزيون في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1952 وتقويم الأثر المصاحب لاستخدام أساليب الدعاية وتحليل مضمون اللغة السياسية المستخدمة في الانتخابات.
الدكتور عادل عامر