تحليل رحلة الرئيس السيسي لليابان وكوريا
تاريخ النشر: 09/03/16 | 6:43تعتبر العلاقات المصرية ـ اليابانية لها أهميتها ومحوريتها، فقد بدأت اليابان، لان العلاقات الاقتصادية مغايرة تمامًا؛ لأن90% من احتياجات اليابان البترولية يأتي من منطقة الشرق الأوسط، كما أن المنتجات اليابانية حاضرة بقوة في السوق العربية. كما أنه لا توجد خلافات سياسية أو إرث تاريخي سلبي بين العرب واليابان، ومع ذلك لم تترجم هذه الإمكانات الطيبة إلى تفاعل ثقافي وسياسي جيد على المستوى الشعبي والرسمي. أما على الجانب الياباني، تبذل الحكومة اليابانية جهودًا للتواصل مع العالم العربي ومصر في العديد من المجالات، ومن بينها مجال السياحة . وتخطط اليابان للقيام بدور سياسي أكبر على الساحة العالمية، في ضوء الرصيد الإيجابي للعلاقات اليابانية المصرية وتآلف المصالح الاقتصادية والتكنولوجية وتزايد الاتجاه من الطرفين نحو مزيد من التحسين والتعميق لهذه العلاقات.
وبما أن مصر هي الدولة الوحيدة في إفريقيا والشرق الأوسط التي تقوم بحوار استراتيجي مع اليابان، إلى جانب الولايات المتحدة وروسيا والصين والهند. وقد ظهر اتجاه قوي في اليابان في عهد كوئيزومي للانطلاق نحو العالم من خلال سعيها لاكتساب مقعد دائم في مجلس الأمن، وسعيها إلى تغيير الدستور الحالي المكتوب بيد أمريكية ليناسب تطلعات اليابان الجديدة مع إلغاء القيود المفروضة عليها، وأيضًا من خلال تغيير وكالة الدفاع اليابانية إلى وزارة الدفاع اليابانية، ولعب دور أكبر في آسيا.
وكانت حرب العراق فرصة كبيرة لليابان، لأنها كانت تنظر للمنطقة باعتبارها مجرد مصدر للنفط، ولكن مع إرسالها 600 جندي للعراق للقيام بأعمال إعادة الأعمار تفتحت عيون اليابان مرة أخرى على المنطقة وأصبحت أكثر اهتمامًا بما يجري فيها. ومن هنا يمكن للدول العربية الكبرى كمصر أن تشجع الدور الياباني المتزايد وأن تبني شراكة معها على كافة المستويات، وهو ما يمكن أن يؤتي ثماره في العشرين عامًا القادمة ويجلب الازدهار للمنطقة ويحل مشاكلها.
فضلا عن هذا تجمع مصر واليابان وجهات نظر متطابقة في العديد من القضايا الدولية مثل نزع السلاح وحفظ السلام وحماية البيئة والحوار بين الحضارات والثقافات والأديان. ويرجع هذا إلى حقيقة أن الدولتين تشتركان في رؤية واحدة تهدف إلى جعل العالم أكثر أمنا وعادلا. وبالنسبة للعلاقات السياسية، تتميز العلاقات المصرية اليابانية بالقوة والمتانة وتقارب الرؤى السياسية والعمل المشترك لتحقيق السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، وهو ما وفر المناخ لزيارات متبادلة لقيادات البلدين وقد اكتسبت العلاقات المصرية اليابانية قوة دفع كبيرة
أولا اليابان
إن زيارة الرئيس السيسي لليابان من أهم محطات جولته الآسيوية لتصحيح مسار العلاقات المصرية الآسيوية. لان اليابان وكوريا الجنوبية نجحتا في التحول من مجتمعات زراعية إلى “قلاع صناعية”، وأن اليابان من أفضل الدول التي نجحت في تطبيق التأمين الصحي وإصلاح نظم التعليم. أن المعونة الفنية ستتضمن دراسات تسويقية للمنتج المصري، وتطوير المنتجات المصرية لتتوافق مع مواصفات أسواق تصديرية محددة، والمشاركة بالمعارض، والربط مع الشركات المستوردة، والتمويل الميسر سيكون للمعدات والآلات للمشاريع الجديدة، فضلا عن تحديث خطوط الإنتاج. و أنه تم الاتفاق على الترويج للتعاون الثلاثي في إفريقيا خاصة في مشاريع البنية التحتية، من كهرباء ومياه واتصالات والممولة من هيئات المعونات، من خلال الربط بين الشركات اليابانية أو الكورية مع نظرائهم المصريين من شركات مقاولات وشركات صناعية، للتعاون في تنفيذ تلك المشروعات بإفريقيا، وهو ما قمنا بتنفيذه مسبقا مع اليابان في إنشاء السنترالات بعدد من الدول الإفريقية”. و أنه تم الاتفاق على نقل التجربة الكورية في تطوير التعليم والتدريب الفني، فتدير الغرف الكورية مدارس ومراكز تدريب فني ومهني متخصصة، تتطور برامجها سنويا مع التطور التكنولوجي بالصناعة، وتمزج التعليم والتدريب النظري مع العملي بالمصانع التي تتعاقد مسبقا مع الطلاب والمتدربين، ما يضمن توافر العمالة المدربة لجذب الاستثمارات، ويضمن خلق فرص عمل كريمة للشباب سواء في مصر أو الأسواق المتلقية للعمالة المصرية”.وتم الاتفاق على آلية للترويج للشركات اليابانية والكورية للتصنيع بمصر، من خلال تأجير الطاقات غير المستغلة بالمصانع المصرية سواء قطاع خاص أو عام، لاستهداف أسواق اتفاقيات التجارة الحرة لمصر والتي تتضمن أكثر من 1.6 مليار مستهلك بالاتحاد الأوروبي والوطن العربي والكوميسا، خاصة في المنتجات ذات تكلفة الشحن العالية، أو تلك ذات الفئة الجمركية العالية.لان تلك الآلية ستجذب العديد من الشركات المترددة في الاستثمار المرحلة الحالية، وستدعم اقتصاديات الصناعة المصرية وتنمي الصادرات دون أي عبئ تمويلي أو تسويقي على المصنع المصري، الذي سيتم تحديث تكنولوجياته وتدريب عمالته وزيادة حوافزهم، ما يحقق الفائدة للطرفين.
أن هذه الآلية ستسمح لعدد كبير من الشركات بالتصنيع في مصر والتصدير منها فورا، دون انتظار سنوات لبناء مصنع، بعد انتظار الحصول على أراضي مرفقة والتراخيص، ما تنفذه لاحقا بعد استقرارها بالسوق المصرية، و أنه تم الاتفاق على تنظيم الغرف اليابانية والكورية وفود لشركات متخصصة في النقل واللوجيستيات والمناطق الصناعية لزيارة مصر خلال الفترة المقبلة، وبالتحديد زيارة محور قناة السويس ودراسة الاستثمار به، إلى جانب مشروعات البنية التحتية من طاقة ومياه وري باستخدام الطاقة الشمسية، للمشاركة في مشروع الـ1.5 مليون فدان”.
ثانيا كوريا
ستكون اقتصادية بحتة، لتسويق طرق الاستثمار في محور قناة السويس، وتبادل الخبرات الكورية في مجالات التكنولوجيا والطاقة والتعليم. لان الرئيس السيسي يسعى خلال جولاته الخارجية إلى التوجه بشكل كبير في منطقة شرق آسيا، من أجل التواصل مع الدول الكبرى، وفتح آفاق اقتصادية جديدة، وضخ استثمارات جديدة بها، لاسيما أن كوريا الجنوبية تعد من أقوى الدول الآسيوية اقتصاديا، وقد تم بحث سبل ضخ الخبرات والاستثمارات الفنية اليابانية، في إطار تعزيز العلاقات الثنائية مع دول العالم كافة لان الزيارة لن تشمل أي محور سياسي.و جاءت في توقيت مناسب، تماشيًا مع السياسة الخارجية التي اتبعها الرئيس السيسي في شرق آسيا للتخلص من التبعية للولايات المتحدة الأمريكية. و تعمل على إعادة دور مصر الريادي، لاسيما أن كوريا الجنوبية أحد الدول الآسيوية المهمة، التي ستكمل حلقات مسلسل الانفتاح المصري على الخارج.لان الزيارة تفيد مصر في مجال التعليم والتكنولوجيا، وأيضًا التسويق للاستثمارات الكورية في محور قناة السويس، والاتفاقيات الاقتصادية في مجالي الطاقة والتكنولوجيا، مع ضرورة أن تكون هذه الجولة ليست مجرد زيارات فقط، ولكن لا بد من تفعيل كل الاتفاقيات التي يتم إبرامها حتى تستطيع مصر تحقيق الاستفادة القصوى منها.
بأن زيارة الرئيس السيسي لـ«سول» ستعمل على جذب انتباه المستثمرين الكوريين المهتمين بفرص الاستثمار المحتملة في مصر، بحيث سيكون بمثابة نقطة تحول تفتح فصلاً جديدًا من التعاون بين كوريا ومصر في السنوات المقبلة. أن مصر لديها ثروة بشرية هائلة، ويبلغ عدد سكانها 90 مليون نسمة، يشكل الشباب من هم أقل من 30 عامًا ما يقرب 60٪ من إجمالي عدد السكان، و هو ما يمثل المحرك الرئيسي للنمو والازدهار في السنوات القادمة. أول رئيس مصري يسعى نحو تنويع علاقات مصر الخارجية, لان زيارات الرئيس إلى دول شرق آسيا لاسيما كوريا الجنوبية، تهدف في المقام الأول إلى خلق شراكات مع القوى الفاعلة في العالم.
أن الزيارة، تسعى إلى الاستفادة من تدريب الكوادر المصرية، ونقل الخبرات الكورية إلى القاهرة, وإعادة هيكلة التعليم, والتعاون في مشروعات الطاقة المتجددة, وهو ما تحتاج إليه مصر الآن. إن زيارة الرئيس غدًا إلى كوريا الجنوبية تؤكد على سياسة الانفتاح على العالم التي ينتهجها منذ توليه منصب الرئاسة, والمتمثلة في الوقوف على مسافة واحدة من الدول كافة. أن زيارة السيسي إلى كوريا الجنوبية لا تهدف فقط لتوقيع مذكرات تفاهم وعلاقات ثنائية مشتركة, بل إقامة شراكة اقتصادية, والتعاون في المجال التكنولوجي والالكترونيات, وتنمية إقليم قناة السويس، لان جولة الرئيس هذا الأسبوع في شرق آسيا, جاءت للاستفادة من تجربة النهضة في تلك الدول. انه قد تم الاتفاق على نقل التجربة الكورية في تطوير التعليم والتدريب الفني، حيث تقوم الغرف الكورية بإدارة مدارس ومراكز تدريب فني ومهني قطاعية متخصصة تتطور برامجها سنويا مع التطور التكنولوجي بالصناعة وتمزج التعليم والتدريب النظري مع العملي بالمصانع التي تتعاقد مسبقا مع الطلاب والمتدربين مما يضمن توافر العمالة المدربة لجذب الاستثمارات، ويضمن خلق فرص عمل للشباب سواء في مصر أو الأسواق المتلقية للعمالة المصرية. و انه تم الاتفاق على آلية للترويج للشركات اليابانية والكورية للتصنيع بمصر من خلال تأجير الطاقات الغير المستغلة بالمصانع المصرية سواء قطاع خاص أو عام، وذلك لاستهداف أسواق اتفاقيات التجارة الحرة لمصر والتي تتضمن أكثر من 1،6 مليار مستهلك بالاتحاد الأوروبي والوطن العربي والكوميسا، خاصة في المنتجات ذات تكلفة الشجن العالية أو تلك ذات الفئة الجمركية العالية
لان تلك الآلية ستجذب العديد من الشركات المترددة في الاستثمار في المرحلة الحالية، وستدعم اقتصاديات الصناعة المصرية وتنمى الصادرات دون اى عبء تمويلي أو تسويقي للمصنع المصر، الذي سيتم تحديث تكنولوجياته وتدريب عمالته وزيادة حوافزهم مما يحقق الفائدة للطرفين. إن تلك الآلية ستسمح لعدد كبير من الشركات بالتصنيع في مصر والتصدير منها فورا دون انتظار سنوات لبناء مصنع بعد انتظار الحصول على أراضٍ مرفقة والتراخيص، وهو ما ستقوم لاحقا بتنفيذه بعد استقرارها بالسوق المصرية. و انه قد تم الاتفاق على قيام الغرف اليابانية والكورية بتنظيم وفود لشركات متخصصة في النقل واللوجيستيات والمناطق الصناعية لزيارة مصر خلال الفترة المقبلة لزيارة محور قناة السويس ودراسة الاستثمار به، إلى جانب مشروعات البنية التحتية من طاقة ومياه وري باستخدام الطاقة الشمسية للمشاركة في مشروع الـ1.5 مليون فدان. أنه تم توقيع مذكرة تفاهم بإجمالي 3 مليارات دولار أمريكي مقسمة على 700 مليون دولار لتمويل مشروعات تنموية من خلال قروض حكومية ميسرة، و2.3 مليار دولار لتمويل مشروعات من خلال قروض الصادرات الائتمانية، وذلك في مجالات النقل، والطاقة الشمسية، والطاقة الجديدة مع إمكانية إضافة أية مشروعات ذات أولوية للحكومة يتم الاتفاق عليها مع الجانب الكوري. كما تم توقيع ترتيبات منحة خاصة بإنشاء الكلية المصرية الكورية للتكنولوجيا، ومن المتوقع أن يتم إنشاء الكلية في بني سويف، و أن هذه الترتيبات تعتبر بمثابة إطار عام لبدء التعاون بين الجانبين لإنشاء الكلية. و أنه تم توقيع ترتيبات أول قرض ميسر بين مصر وكوريا الجنوبية؛ لتطوير نظم الإشارات من نجع حمادي إلى الأقصر بطول 118 كم، وتبلغ قيمته 114.98 مليون دولار، وذلك لصالح وزارة النقل والمواصلات و هيئة سكك حديد مصر، حيث تبلغ سعر فائدته 0.15% سنوياً، ويسدد على 40 سنة وفترة سماح 10 سنوات.
الدكتور عادل عامر
كاتب المقال دكتور في الحقوق وخبير في القانون العام ومستشار تحكيم دولي وخبير في جرائم امن المعلومات ومدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية