أطباء حقوق الإنسان تصدر تقريرا حول”السياسات العقابية”
تاريخ النشر: 21/03/16 | 17:27تقرير جديد لمنظّمة أطباء لحقوق للإنسان – إسرائيل بعنوان “سياسات عقابية” يحلل استخدامات العزل الانفرادي في السجون الإسرائيلية حجمها وتبعاتها. يشير التقرير إلى ازدياد لجوء السلطات إلى العزل الانفرادي، خلافًا لميل القانون الدولي لحقوق الإنسان نحو اعتبار العزل الانفرادي تعذيبًا، وندائه للحدّ منه بشكل ملموس وحتى التوقّف عن استخدامه نهائيًّا.
تلجأ مصلحة السجون الاسرائيلية لاعتماد العزل الانفرادي في ثلاث حالات: العزل الانفرادي وفقا لأنظمة الفصل (العزل طويل الأمد)، العزل الانفرادي العقابي والعزل الانفرادي أثناء التحقيق. مع هذا، تجمع مصلحة السجون المعطيات المتعلّقة بالعزل الانفرادي وفقا لأنظمة الفصل فقط، الذي يخضع للرقابة القضائية بعد مضيّ ستة أشهر على عزل السجين. تتيح هذه المعطيات التي تلقتها أطباء لحقوق الإنسان من مصلحة السجون الاسرائيلية، تكوين صورة جزئية ولكن مقلِقة جدًّا بالنسبة لحجم وطبيعة استخدام سياسة العزل الانفرادي. فقد تبيّن من المعطيات التي تتطرّق لعدد المعزولين في شهر تموز 2015 والذي كان قد وقف عددهم حينها على 117 سجينا في العزل الانفرادي، أن من بينهم سبعة أطفال وامرأتان. إضافة الى ذلك، 23 منهم هم اسرى فلسطينيين سياسيين اي ما يقارب الـ 20% من عدد المعزولين الكلي، في حين يصل عدد الجنائيّين الى 94 سجين معزول. كما يظهر من المعطيات أن 62 سجينًا قد أُدخلوا العزل الانفرادي وفقا لأنظمة الفصل لأسباب تتعلّق بأمن الدولة أو بالأمن والانضباط داخل السجن؛ وأن سبعة منهم محتجزون في العزل الانفرادي وفقا لأنظمة الفصل مدة تفوق الخمس سنوات؛ و63 سجينا في العزل الانفرادي لمدة تزيد عن نصف سنة، بعد الرقابة القضائية، بينما يُحتجز بقية المعزولين في العزل الانفرادي دون رقابة خارجية، بل بفعل قرار إداري صادر عن مصلحة السجون.
وكانت منظّمة أطباء لحقوق الإنسان – إسرائيل قد تلقت توجّهات مباشرة من سجناء بخصوص احتجازهم في أقسام تسمى “الأقسام المحمية” في ظروف عزل انفرادي. السجناء في هذه الاقسام غير مشمولين في الإحصائيات وعزلهم لا يخضع للرقابة القضائية.
كما تشير معطيات أخرى إلى ارتفاع ملحوظ في عدد الاحتجازات في العزل الإنفرادي. فعلى سبيل المثال، تضاعف تقريبا عدد الاحتجازات في العزل الانفرادي بين الأعوام 2012-2014، وذلك من 390 إلى 755. تدلّ هذه المعطيات على زيادة في اللجوء لسياسة العزل الانفرادي، مما يعزّز المخاوف من أن مصلحة السجون تلجأ لهذه الأداة بشكل جارف وليس كمفرّ أخير. انعدام المعطيات الواضحة لحجم استخدامات مصلحة السجون للعزل الانفرادي، يصعّب على تقييم حجم هذه الظاهرة وانعكاساتها الحقيقيه، مراقبتها والمحاسبه عليها.
تقف سياسة وممارسة إسرائيل للعزل الانفرادي في تناقض صارخ مع القانون الدولي لحقوق الإنسان الذي يحرّم جملةً وتفصيلاً استخدام العزل الانفرادي على الأطفال والسجناء الذين يعانون من مشاكل نفسية. تواصل مصلحة السجون في إسرائيل عزل هؤلاء عقابًا لهم على تصرّفات خارجة عن إرادتهم، بدل توفير الإطار والعلاج الملائمَين لهم. بالأخص نظرًا الى التطورات الأخيرة في القانون الدولي لحقوق الانسان، أهمها: قرار المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب، في عام 2011، الذي يفيد أن الحبس الانفرادي الذي يزيد عن 15 يومًا يشكل ضربًا من ضروب التعذيب، بالإضافة الى اعتماد المجلس العام للأمم المتحدة النسخة المعدلة من القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء (قواعد منديلا) التي تحظر العزل الانفرادي لفترات طويلة أو غير محددة.
تتمكن دوله إسرائيل من ممارسة سياسة العزل الانفرادي بدعم من المجتمع الطبي في إسرائيل، فعلى الرغم من أضرار العزل النفسية والجسدية المثبَتة على صحة المعزول نجد أن الأطباء، في كل نقاط التماس التي يلتقون فيها بالمعزول، يتغاضون عن واجبهم الطبي والأخلاقي، سواء عند إصدار إقرار طبي بقابلية احتجاز السجناء في العزل الانفرادي أو لدى منحهم العلاج أثناء عزلهم وتجنب الخوض بمصدر الأضرار الصحية التي يعاني منها السجناء. يتناقض هذا الأداء مع الواجب الأخلاقي والمهني للأطباء الذي يمنعهم من المشاركة في الممارسات التي تنتهك حقوق المعالَجين، ومنها ممارسة العزل الانفرادي، ويلزمهم بالعمل الفعّال لوقف هذه الممارسات. نحن نرى بأن على المؤسسات الطبية الرسمية بتوجيه الأطباء بعدم المشاركة في عزل السجناء والنضال أمام السلطات سعيًا لوقف سياسة العزل الانفرادي في السجون الإسرائيلية.
تقول المحامية علا شتيوي، مركّزة في قسم الاسرى والمعتقيلن في المنظّمة وكاتبة التقرير: “لا خلاف على أنّ واجب الدولة، بكل مؤسّساتها، هو حماية السجناء ورعاية صحتهم. الكثيرون يدركون أن العزل يسبّب الضرر للسجناء، وأنه من واجبهم تحريم استخدامه. القرار بمواصلة اعتماد العزل في إسرائيل رغم أضراره الجسيمة، يدلّ على أن الهدف منه ليس تحقيق الحماية والأمن للسجناء كما هو الادّعاء، بل إحكام السيطرة عليهم وقمعهم”.
صورة توضيحية لسجن مجيدو