إعادة تدوير النجوم في الكون
تاريخ النشر: 05/04/16 | 5:58تقع في عمق أحد السدم الضخمة التي تتولد فيها النجوم والتي تسمى في الفلك “حاضنة النجوم” stellar nursery ثلاثة عناقيد نجمية مكونة من نجوم شابة وحارة، وتظهر بلون زاه بالأشعة فوق البنفسجية، ناتجة عن ضوء النجوم الذي يعمل على توهج هذا السديم وظهوره بهذه الألوان اللامعة الجذابة، حيث يعمل الإشعاع على تعرية الإلكترونات من الذرات وهي عملية فيزيائية تسمى “التأين” ionization وعندما تلتحم الإلكترونات مع بعضها من جديد تصدر طاقة عالية على شكل ضوء، ويطلق كل عنصر من المادة إشعاعا بلون يختلف عن العنصر الآخر، لذلك تظهر سحب الهيدروجين في السدم بلون احمر.
يطلق على السديم اسم “جوم 56” Gum 56 ويحمل الرمز التصنيفي IC 4628 كما يطلق عليه أيضا “سديم الجمبري” Prawn Nebula، وأطلق على السديم الاسم Gum نسبة إلى الفلكي الأسترالي “كولن ستانلي جوم” Colin Stanley Gum الذي نشر في عام 1995م كتالوج خاص بمواقع سدم الهيدروجين من نوع اتج -2″ catalogue of H II regions وهي سدم ضخمة جدا وقليلة الكثافة ومكونة من كمية ضخمة من الهيدروجين المؤين.
لاحظ الباحثون أن جزء كبير من المادة المتأينة في السديم Gum 56 تعود لنوعين من النجوم من المرتبة الطيفية O وهي نجوم زرقاء وبيضاء حارة، وتسمى أيضا “العمالقة الزرق” blue giants بسبب لونهم، وهذه النجوم نادرة في الكون بسبب أن كتلتها الكبيرة وحرارتها العالية فإن عمرها يكون قصيرا جدا بالنسبة إلى الأنواع الأخرى من النجوم، وبعد حوالي مليون عام من عمرها فقط تتحول إلى سوبرنوفا supernovae وتموت، مثل النجوم العملاقة الأخرى في السديم، وهذا هو سبب ندرتها.
كما توجد في السديم العديد من النجوم المولودة حديثا، وتوجد في السديم أيضا كميات كبيرة من الأتربة والغازات لولادة جيل آخر جديد من النجوم، ومناطق السدم التي تولد منها تظهر على شكل غيوم كثيفة في الفضاء الخارجي، ويعتقد العلماء أن هذه السدم والأتربة التي تتولد منها النجوم عبارة عن بقايا النجوم الميتة في الماضي بعد أن انفجرت وتحولت إلى سوبرنوفا، وانطلقت مادتها إلى الفضاء لتتشكل منها نجوم جديدة بعد ذلك، وهذه هي دورة حياة النجوم حيث نجوم تولد ونجوم تموت، أو إعادة التدوير recycling.
يعتبر النجمين الأورقين العملاقين في السديم السبب الرئيسي لإطلاق السديم للأشعة تحت الحمراء وموجات الراديو، والمفاجأة أن هذه المنطقة كانت مدروسة بشكل بسيط من قبل الفلكيين المحترفين، ويبلغ قطر السديم Gum 56 25 سنة ضوئية، وعلى الرغم من حجمه الضخم إلا انه يظهر باهتا بالمراصد الفلكية الأرضية، لان الطيف الصادر عن السديم غير مرئي بالعين البشرية.
الجدير بالذكر أن السديم Gum 56 يقع في كوكبة العقرب في السماء ويغطي مساحة تقدر بحوالي أربعة أضعاف حجم القمر البدر، ويبعد السديم عن الأرض حوالي 6000 سنة ضوئية.