قراءة في كتاب “مرآة وصور”لأنصار وتد
تاريخ النشر: 11/04/16 | 15:09قرأتُ كتاب ” مرآة وصوَر” للكاتبة أنصار توفيق وتد ، من مواليد قرية جت المثلّثيّة، الصّادرِ عن مؤسسّة “أنصار الضاد” الفحماويّة وهو يحوي في طيّاته 41 قصّة ، كل منها مرفقة بصورة ، في 84 صفحة من الحجم الصغير، وأطلقَت عليه “قصص قصيرة جدًا” .
أنصار كاتبة وباحثة في اللغة العربيّة ، نَشِطة في كتابة المقالات الاجتماعيّة الناقدة، والقصص القصيرة جدًا، والنثريّات الشاعريّة.
قرأت كتاب أنصار للمرّة الأولى يوم السبت الموافق 05.03.16، في طريقي من حيفا إلى أم الفحم لمشاركة صالة العرض وجمعيّة الصبّار بتكريم المبدعين المحليين تحت عنوان “هذا الفسيفساء من الابداع” وافتتاح معرض فني للمبدعين في مجال الفنون التشكيلية على أشكالها وألوانها من رسم ونحت وكراميك وتصوير وغيرها والاحتفاء بمعرض “مسيرة العطاء” باشتراك الفنان التشكيلي جميل عمرية.
عنونَت أنصار إصدارَها ب”قصص قصيره جدًا” وأنا أراها شذراتٍ أدبيةً أو خواطرَ وجدانيّةً وقرأتها بنصف ساعة بالسيّارة (لم أكن سائقًا) ورأيتُها مرفقةً بصوَرٍ، لوحاتٍ، مخطوطاتٍ ورسوماتٍ ولفت انتباهي غيابُ الفنّان والمصمّم الذي يقف وراءَ كل منها فلم تُنصفْه أنصار ولم تُعطِه حقَّه وتساءلتُ: لماذا ؟؟ كم وددتُ وتمنّيتُ لو شاركت أنصار ومؤسسة أنصار الضاد – مُمَثّلة برئيسها د. محمد عدنان بركات – فنّانينا ومبدعينا بعملها وإرفاق أعمالهم ب”قصصها” وخواطرها مع إعطائهم حقَّهم وكلّي ثقةٌ بأن إصدارَها كان أكثر كماليّةً ! فالعار الأكبر والأفظع هو التقليد الأعمى للغير أو سرقة بضاعة الغير، فالتقليد هو الشهادة بإفلاس المقلِّد، وسارق فنّ الأحياء والأموات كمن يأكل لحمَ أخيه نيئًا، أو كمن ينهشُ جيفةً في قبر.
هذا النوع من الأدب يُعرف بأدب القطارات، حيث تقرأ الكتاب وتتركه في سلة القطار ليقرأَه راكبٌ آخر من بعدك: فالقصّة القصيرة تدور عادة حول موضوع عام، وتصوّر الشخصيّة وتكشف عن صراعها مع الشّخصيات الأخرى. تركّز على شخصيّة واحدة وتُبرزها في موقف واحد في لحظة واحدة. وحتى إذا لم تتحقّق هذه الشروط فلا بدّ أن تكون الوحدة هي المبدأ الموجّه لها. القصّة القصيرة تعتبر فنّاً يتميّز في طريقة سرد الأحداث والأعمال بأسلوب لغويّ ينتهي إلى غرضٍ مقصودٍ; عمل أدبيّ يقوم به فردٌ واحد ويتناول فيها جانباً من جوانب الحياة – القصّة القصيرة تدخل في دائرة الأدب “الّلا معقول” فهي نوع من العبث الفكريّ.
تتجلّى أركانُ القصة القصيرة جداً (ق. ق. ج ) في: القصصية، الجرأة، الوحدة، التكثيف، المفارقة، فعلية الجملة، السخرية، الادهاش، اللجوء إلى الأنسنة، استخدام الرمز والإيماء والتلميح والإيهام، الاعتماد على الخاتمة المتوهجّة المحيّرة، طرافة اللقطة، واختيار العُنوان الذي يحفظ للخاتمة صدمتَها – عناصر افتقرت إليها وافتقدتها المجموعة ، وهذا ما سنراهُ، بإذنِه تعالى، في مجموعة أنصار القادمة.
الحداثة في مجالات الحياة – على الصعيد الاخلاقي الايجابي – تسعى الى الجديد الجميل، شرطَ ان لا تكون وعاءً متحجّرَ المعالم وقانونا غير قادر على التحرر في مسار الزمن. وهنا على المبدع والمتلقّي أن يتحررا من الواقع من اجل إثرائهِ جماليّا وموضوعيّا بعيدا عن النمطيّة المتحجرّة، المتكلّسة والمتقوقعة. فاذا قال لنا فلان إنّه مثل الحروف المبعثرة اول النهار وفي الليل برميلا عملاقًا بحجم الكون يجامع فيه الكلمات. فهو يدعونا إلى اللّا معقول في سِفرٍ جديدٍ يحرّرنا من قيود الواقع وبالتالي يدعونا الى اكتشافٍ جديدٍ – علماء الفيزياء في سفر دائم من اجل اكتشاف ما هو موجود، أصلا – والحداثة في شتّى مجالات الفن هي اكبر من الطبيعة من اجل إثرائها – بموجب عقائد فرويد، برايتون، بيكاسو، محمد الماغوط، عبد القادر الجنابي، محمد اركون وانسي الحاج.
فلنتحدّثْ (من الحداثة)!!!
وأختتم وأقول لأنصار: الله يعطيك العافية.
المحامي حسن عبادي/كفرقرع