الجيش المصري وأدواره الوطنية

تاريخ النشر: 10/08/16 | 0:00

هذا التاريخ العريق لجيش مصر وتلاحم شعب مصر الدائم معه هو ما يفسر موقف الجيش المساند والمدافع والحامي لثورة 25يناير 2011 ومطالب شعب مصر في الحرية والديمقراطية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية، وهو الذي يفسر الثقة المتبادلة بين الشعب والجيش كما ترجم في 30 يونيو 2013، بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، ابن المؤسسة العسكرية ، مدرسة الوطنية المصرية، وهو ما يفسر حرص الجيش وقيادته الممثلة في المجلس الأعلى للقوات المسلحة على توفير أفضل السبل للوصول إلى حكم مدني ديمقراطي، وهو الذي يفسر جهود القوات المسلحة لتوفير جميع أنواع الأمن لشعب مصر بتصديها لمثيري الفتن ومن يبغونها عوجاً ووقوفها بجوار الشرطة في التصدي لكل من يحاول الإفساد في الأرض وترويع شعب مصر ونشر الفوضى.
وفى رحلة نحو عالم واقعي يكشف قدرة الجندي المصري عندما يوضع في أصعب المواقف، وكيف تبرز براعته في الاستجابة السريعة لنداء الواجب على المستوى العسكري والمدني على حد سواء، في قلب صرح جديد من صروح القوات المسلحة المصرية، الذي يؤكد الشعور بالحماية ويؤكد الانتماء ، كما شاهدنا على الطبيعة في زيارة خاطفة لـ وحدة الانتشار السريع والإنقاذ التابعة لـ «هيئة الإمداد والتموين بالقوات المسلحة»، التي تعنى بمواكبة العصر في أساليب الانتشار السريع والإطفاء للحرائق وإنقاذ المواطنين من تحت المباني المنهارة بفعل الزلازل والكوارث الطبيعية في أصعب الظروف. شاهدنا في تلك الوحدة أساليب وطرق الإنقاذ والانتشار والتفاعل مع الحدث في خلال ثلاث دقائق فقط يمكن من خلالها بدء مهمته على مستوى المعدات، والأداء، ويبدو في كل حدث من هذا النوع حرفية الضابط المصري وضباط الصف والجنود ، والعمل بروح جماعية تستند إلى عقيدة قوامها الإيمان بالله والوطن ، ووضع نفسه كـ«شهيد تحت الطلب» من أجل بلده، وهو غاية ما يتمني.
وقد اتضح لنا أن قواتنا المسلحة لاتقبل بأي تطور من شأنه حماية الإنسان المصري فحسب، بل لابد من البحث والتقصي وجلب أفضل التكنولوجيا التي تمكنه من التفوق في ميادين الحماية والإنقاذ، وهى نفسها العقيدة الراسخة لدى أبناء الجيش بأن المواطن المصري يستحق أن يشعر طوال الوقت بالأمن والحماية اللازمة.
كذلك لا ننسى أن من أشرف على أضخم مشروع عرفته مصر في القرن العشرين وهو السد العالي كان أحد أبناء القوات المسلحة وهو الفريق صدقي سليمان رحمة الله عليه، وأن أكثر وزراء الثقافة في مصر كفاءة كان من القوات المسلحة وهو د ثروت عكاشة، إلا أنه أمام هذه النخبة الناجحة التي أعطت مصر أسبابا عديدة للنجاح والرقى كانت هناك غالبية من انضباط رأت في إدارة بعض قطاعات الدولة مكافأة لها على دورها العسكري وأنهره المكافأة أشبه بمكافأة نهاية الخدمة ولم تفطن لتغير جوهر السلطة في القطاعات المدنية عنها في القطاعات العسكرية فكانت النتائج كراثية في هذه المجالات وانتهت التجربة بنكسة ١٩٦٧ وعادت القوات المسلحة إلى ثكناتها العسكرية. وفى ليلة 23 يوليو 1952 تحرك جيش مصر العظيم لتطهير نفسه أولا فقد كان البيان الأول الذي أعلن فيه عن تولى محمد نجيب قائدا للقوات المسلحة لا يتعرض للملك بل تحدث عن الرشوة والفساد وعدم استقرار الحكم وهزيمة فلسطين والخيانة وأهداف الجيش وطمأنة الأجانب، ومع الالتفاف الشعبي حوله ونجاح السيطرة على مفاصل البلاد تحولت الحركة العسكرية إلى ثورة شعبية يقودها الجيش متبنيا المطالب الشعبية العامة وهى المطالب التي كانت معدة مسبقا لكن الجيش لم يرد إطلاقها أول الأمر حتى تتضح الرؤى أمامه.
وفى 26 يوليو توجه الجيش بإنذار للملك والذي يقضى بتنازله عن العرش لابنه ومغادرة مصر وقبل فاروق بمطانسبيا.ش حقنا للدماء وتنازل عن عرشه لأبنه الرضيع “أحمد فؤاد” ورحل عن مصر في مساء نفس اليوم على متن “المحروسة ” التي حملت جده إسماعيل وقت عزله قبل 75 عاما. وفي فترة رئاسة جمال عبد الناصر بدأ توجه مصر إلى القوى الشرقية لاستيراد الأسلحة التي رفضت عدة دول غربية إمداد جيش مصر بها. وبالفعل تم استيراد الأسلحة المطلوبة عن طريق جمهورية تشيكوسلوفاكيا السابقة وكان الجيش في مستوي جيد نسبيا .
وعلى إثر رفض أمريكا والبنك الدولي تمويل بناء السد العالي في أسوان ، قام الزعيم الخالد “جمال عبد الناصر “بتأميم قناة السويس وتحويلها إلى شركة مساهمة مصرية للاستفادة من عوائدها ” 35 مليون جنيه سنويا” في تمويل بناء السد العالي الذي كانت مصر تبني عليه أمالا كبيرة في التنمية الصناعية والزراعية وتوليد الكهرباء .
لكن القوى الغربية وعلى رأسها بريطانيا وفالمنطقة.ظت من أن تصبح القناة تحت السيادة المصرية، فتحالفت مع العدو الإسرائيلي وتآمرت لاحتلال منطقة القناة وقامت بما سمي بالعدوان الثلاثي عام 1956. وخاض الجيش المصري حربا غير متكافئة ضد ثلاث قوى عسكرية في نفس الوقت لكنه نجح بالتعاون مع المقاومة الشعبية في دحر العدوان الثلاثي وحصر قواته في الضفة الشرقية لقناة السويس ومدينة بورسعيد. ولم تتمكن قوى العدوان من الزحف خارج هذه المنطقة .
وتم وقف القتال وانسحبت قوى العدوان من كافة الأراضي المصرية على مرحلتين في ديسمبر 1956 ومارس 1957. وانتصرت إرادة الأمة المصرية ظلت قناة السويس تحت السادة المصرية للأبد.
لم يكن الجيش المصري في ثورة يوليو طامعا لسلطة أو قادة حالمين بكراسي الحكم بل قادة رأوا احتياجا للبلاد أن يكفلوا بأنفسهم تحقيق آمال الشعب ورغم الأخطاء التي حدثت فقد قاد الجيش المصري حركة نهوض وطني في جميع المجالات وكان ملجأ كل الثوار والطامحين للحرية والاستقلال وكان جيش مصر لهم السند والمعين.
ولم تكن حروب 1956 و1967 في المضمون العام حروبا احتلالية بقدر ما كانت حروبا تدميرية للصحوة المصرية المدعومة بالجيش الوطني الذي دعم ليبيا واليمن والجزائر وتونس والمغرب وكل الأقطار العربية. فكان لابد من القضاء عليه والقضاء على عبد الناصر أملا أن تعود مصر بعدهما للركوع للمحتل والسطوة الغربية وسياسات الأحلاف السائدة آنذاك.
لكن مصر وثورتها لم يرضيا بالتبعية بل بالوحدة العربية والقوة العربية فأقيمت وحدة اندماجية مع سوريا عام 1958 باسم الجمهورية العربية المتحدة ثم كانت اتفاقية الوحدة مع العراق وسوريا عام 1964 لكن وفاة الرئيس العراقي عبد السلام عارف عام 1966 ثم حرب 1967 حالا دون إتمامها.
ونتيجة لأخطاء سياسية وتغليب ذوى الولاء على ذوى الكفاءة حكم على الجيش المصري بالهزيمة في معركة1967 التي جاءت تنفيذا لمؤامرة دولية ثانية على مصر شعبا وجيشا وبناءا وتنمية ومشروع نهضة صناعية وزراعية بدأ يؤتي ثماره فكان لابد من وأده. ورغم توتر الأوضاع قبل الحرب ، ألتزمت مصر بتعهدها لأمريكا والإتحاد السوفيتي والمجتمع الدولي بألا تكون البادئة بالعدوان .
وللأسف قامت إسرائيل بالعدوان على مصر واحتلت شبه جزيرة سيناء وأعلن الزعيم “عبد الناصر ” تحمله للمسئولية كقائد يحترم شعبه الذي أحبه. اليوم تدير بعض عناصر القوات المسلحة نوعين من القطاعات المدنية، النوع الأول هي مؤسسات جهاز الخدمة المدنية للقوات المسلحة وهى مؤسسات تنتج سلعا مادية لصالح القوات المسلحة أصلا وتمثل استثمارا لهذه المؤسسة تأمينا لاحتياجاتها من ناحية وتسهيلا لحياة الضباط الذين يقضون مجمل حياتهم في معسكرات منتشرة على طول البلاد وعرضها وهو أمر لا غبار علية خاصة أنه تم التوسع فيه بعد حرب ١٩٧٣ لاعتبارات عملية
والنوع الثاني من المؤسسات التي تديره بعض عناصر القوات المسلحة هي بعض المؤسسات المدنية والخاصة بالقطاع الانتاجى والخدمي بالجهاز الحكومي مثل تولى بعض اللواءات رؤساء مجالس بعض الشركات المملوكة للدولة، ويندرج في هذا الإطار تولى منصب المحافظ في المحافظات غير الحدودية لأن المحافظات الحدودية لها مبرراتها لتعيين محافظ عسكري لها من ناحية الأمن القومي ومتطلباته، وهذه التجربة حتى الآن لم تفرز لنا أشخاصا يمكن أن نقول عنهم إنهم مميزون على غرار الأسماء التي سبق ذكرها أو حتى في المستوى المتوسط. إذن التجربة ينبغي أن تقيم تقييما موضوعيا كل حالة على حدة ونجيب على تساؤل يفرض نفسه علينا مفاده هل من المفيد الاستمرار في هذه التجربة بناء على تقييم للشركات والمناصب التي تولى بعض لواءات القوات المسلحة قيادتها عبر فترة ممتدة زمنيا ؟ وهى مناصب مدنية يحتلها العسكريون منذ مدة تسبق ثورة ٢٥ يناير بمراحل.
صحيح أن القوات المسلحة المصرية تأخذ بأسباب التقدم من تحديث معداتها العسكرية ومن تحديث عقيدتها العسكرية باستمرار وهى من أكثر قطاعات الدولة المصرية تقدما بحكم المعايير العالمية التي تقيم على أساسها، إلا أن الخلط بينها كمؤسسة وبين أبنائها من الضباط أشبه ما يكون بالخلط بين الإسلام والمتطرفين والإرهابيين من حيث السلوك، فالإسلام دين سمح يحترم الآخر ويحث على احترامه وحفظ حقوقه، بينما أبناء هذه التنظيمات هم مسلمون يفهمون هذا الدين خطأ كما أن إيمانهم ضعيف لأنه يستند إلى التطرف في الفكر والتفسير والإدراك، وذلك حتى إن اعتذر المدنيون عن تولى مناصب معينة كما قيل.
أما في الحالة المصرية، فتجدر الإشارة بداية إلي أمرين، أولهما أن دور القوات المسلحة في الحياة المدنية عامة لم يكن منصوصا عليه دستوريا أو قانونيا بأية صيغة، ثانيهما أن الجيش المصري ليس جيشا أيديولوجيا، لكنه جيش ذو عقيدة وثقافة وطنية، وهو جيش غير متحزب وغير طبقي، تأتي عناصره وقياداته من المخزون الثقافي المصري في ريف مصر وحضرها دون تمييز. ومنذ منتصف خمسينيات القرن الماضي، وحل مجلس قيادة ثورة 23 يوليو، وانخراط أغلب أعضاء هذا المجلس في الحياة المدنية، وفيما بدا للبعض أن الجيش كان ينأي بنفسه بعيدا عن العملية السياسية، ولم يفكر في أن يكون طرفا في تعقيدات الصراع علي السلطة، لعب الجيش دورا سياسيا لافتا وبصيغ مختلفة، ما بين حكم البلاد بشكل منفرد أولا، ثم بشراكة أو بتنافس مع العسكريين، الذي تحولوا بمرور الوقت إلي قادة شبه مدنيين.
غير أن هزيمة يونيو عام 1967 أتاحت للقيادة السياسية الفرصة لإعادة صياغة العلاقات المدنية – العسكرية، فانسحب الجيش من السياسة، وتفرغ لأداء مهمة الدفاع عن الوطن، فاستقرت صيغة جديدة قبل فيها الجيش الخضوع للقيادة المدنية. وقد سهلت الخلفية العسكرية لرئيس الجمهورية طيلة هذه الفترة الانتقال السلس إلي هذه الصيغة.
وتدريجيا، تراجع الجيش إلي خلفية المشهد السياسي. فبينما تجنب التدخل المباشر والصريح في السياسة، ظل واقفا عند الأفق للتحوط ضد ما قد يحدث من تهديدات للأمن الوطني في ساحة السياسة الداخلية، ومقدما الدعم للسلطات الشرعية التي يخضع لقيادتها عندما تحتاج إليه وتطلبه، علي غرارما حدث في عامي1977 و1986، عندما أنقذ الجيش البلاد من فتن هددت السلم الأهلي. وبدورها، مهدت ثورة الخامس والعشرين من يناير2011، وما أفرزته من عجز السياسيين، كما الأجهزة الأمنية، عن احتواء ثورة الغضب، الطريق مجددا أمام عودة الجيش لاحتلال صدارة المشهد السياسي بشكل تدريجي وغير مباشر، ثم بآخر صريح، بعد أن سلم الرئيس السابق، مجبرا، السلطة للمجلس الأعلي للقوات المسلحة، الذي عقد بدونه حتى قبل التنحي. وتنحى عبد الناصر كافة مسئولياته الرئاسية. لكن شعب مصر العظيم كان واثقا من قائده وقدرته على تحويل الهزيمة إلى نصر وخرج شعب مصر عن بفورا.يه يومي 9 و10 يونيو رافضا لقرار عبد الناصر بالتنحي ومطالبا إياه بالاستمرار في قيادة البلاد حتى إعادة تحرير الأرض. وبالفعل عاد عبد الناصر وبدأ في إعادة بناء الجيش عسكريا ونفسيا وأعاد الثقة لضباطه وجنوده فورا .
وتسابق الآلاف للانضمام للجيش لتقديم ضريبة الدم والشرف كما يسعى الجندي المصري دوما إما للنصر أو الشهادة دفاعا عن تراب الوطن وكرامته ومستقبله. وبدأت حرب غير منتظمة ضد قوات الاحتلال في سيناء قضت مضاالحاسمة.تجعلهم يهنأون يوما باحتلال سيناء. تكبدت إسرائيل خلال حرب الاستنزاف خسائر كبيرة في العتاد والأرواح .
وكانت حرب الاستنزاف خير إعداد لجنود مصر البواسل للحظة الحاسمة … لحظة تحرير الأرض. وتوفي الزعيم الخالد جمال عبد الناصر في سبتمبر 1970 وتسلم القيادة رفيقه في السلاح الرئيس ” أنور السادات” السليبة،ناء منظومة تسليح الجيش وإعداده لمعركة التحرير وفى ظهر السادس من أكتوبر 1973 انطلق الجيش المصري يرفع عن مصر عار الهزيمة في معركة حقيقية أظهرت معدن الجندي المصري. واستطاع جنود مصر إيقاع أول هزيمة عسكرية بجيش العدو الإسرائيلي الذي كان يدعي أنه لا يقهر. لكن جيش مصر قهره وهزمه وقطع ذراعه التي كان يتفاخر بطولها وانتصرت إرادة الشعب والجيش المصري وتحررت الأرض السليبة ، ورفع كل مصري وعربي رأسه فخرا بجيش مصر العظيم وانتصاره الكبير. وشارك جيش مصر بعد ذلك في حرب تحرير الكويت من الغزو العراقي وحقق انتصارات بهرت القادة الأجانب للجيوش الأخرى المشاركة في المعركة. وكان أول جيش يدخل مدينة الكويت المحتلة لتحريرها ويرفع علم مصر فوق سفارتها هناك.

دور الجيش في ثورة 25 يناير .
مع تفجر ثورة 25 يناير أعلن المجلس الأعلى للقوات المسلحة وقوفه إلى المطالب المشروعة للشعب المصري بكافة طوائفه وانتماءاته وهو الأمر الذي أعطى دفعة كبيرة للشعب المصري المنتفض وحين حدث الفراغ المنى وطلب الرئيس الأسبق “مبارك” من الجيش النزول إلى الشوارع نزلت قوات الجيش للشوارع لإنقاذ مصر من الدمار وكان لهذا النزول عدة مكاسب نذكر منها :
– أنه كان حماية للثورة من البلطجية وأعدائها وهى الحماية التي حفظت لهم المطالب. والبقاء الآمن .
– أوجدت تلك الحماية لدى الشعب إحساسا بالثقة جعلتهم يطالبون بالمزيد من المطالب .
– كفل نزول الجيش السيطرة على عمليات التدمير التي قام بها عملاء النظام السابق وإيقاف هروب السجناء وحفظ الأمن العام وإيقاف مسلسل القتل وحماية المنشآت العامة والخاصة والأرواح والممتلكات.
– حفظ الجيش مصر من إحداث الفتن نتيجة احتمال استغلال بعض القوى الخارجية للفراغ الأمني لتنفيذ خطط عدائية كاستهداف الكنائس وتصويرها للعالم بأن المسلمين بدأوا في قتل المسيحيين وهو ما وقف الشعب المصري كله لمنعه.
– حمى الجيش الشعب وعناصر الحكم على حدٍ سواء من حمامات الدم التي كان يمكن أن تراق
– أسقط الجيش كل محاولات التحريض ضد الثورة والشعب والتي صدرت علنا من بعض المسئولين ليؤكد إنه جزء من هذا الشعب وأنه أبدا لن يكون وسيلة لقتله وقهره.
وأيد الكثير من المحللين قرار الجيش النهائي بأن الشرعية الشعبية الثورية هي الأصلح والباقية فأعاد نشر قواته في القاهرة والمحافظات وتكثيفها قرب المواقع الحيوية كالقصور الرئاسية والهيئات الكبرى ومبنى الإذاعة والتليفزيون والوزارات إعلانا بأن الأمور تتجه نحو استلامه السلطة لنقلها للشعب مدنيا كما تعهد بعد ذلك.
ثم جاء بيان الجيش الذي أعقب تنحي الرئيس الأسبق مبارك ليطمئن الشعب على أمنه وأمانه ومستقبله بتعهده لحماية الثورة وإدارة المرحلة الانتقالية نحو الديمقراطية ومؤكدا أن المجلس الذي فوضه الرئيس الأسبق لإدارة شئون البلاد ليس بديلا للشرعية التي يرتضيها الشعب. ودوليا كانت لحركة الجيش التي تمت بقرار من الرئيس الأسبق لتأمين البلاد ردود فعل إقليمية وعالمية لا يمكن تجاهلها منها على سبيل المثال لا الحصر إدراك القوى الإقليمية خاصة المعادية أن مصر لم تقبل حالة الاستسلام السياسي التي عاشتها لعقود طويلة التي جعلت الكثير من الأقزام يتطاولون عليها ويسعون لنيل مكانتها ليس خطأ منهم بل لان الدور المصري المتراجع إقليميا ودوليا هو ما سمح لهم بذلك.
لقد ساعد الدور العظيم الذي قام به الجيش في تأمين وحماية مطالب الشعب والتعهد برعاية الوصول إليها نقلة تاريخية لمسار الحياة المصرية.
وحقق الجيش المصري العظيم ماتعهد به لثوار وشباب 25 يناير وشعب مصر .وكانت التحية العسكرية التي قدمها لأرواح الشهداء اعترافا وتقديرا من المؤسسة العسكرية بمكانة وأهمية ما قدموه لصالح ومستقبل مصمنتخب.ا يؤكد أن الجيش والشعب سيخطوان معا نحو مستقبل مشرق جديد يتدارك أخطاء الماضي للتعلم والتصحيح حتى تصل مصر للوضع والمكانة التي تستحقها.
وأشرف الجيش على المرحلة الانتقالية بكل أمانة ونفذ تعهده بتنظيم انتخابات برلمانية ورئاسية وتسليم السلطة لحكومة منتخبة ورئيس منتخب .
وعلى مدى العام الأول من التجربة الديمقراطية كان الجيش المصري داعما للشرعية الدستورية ، مراقبا محايدا للأوضاع رغم ظهور والاجتماعي.يرة على فشل الرئيس والحكومة في إدارة البلاد سياسيا واقتصاديا واجتماعيا .
وتزايد حالة الاستقطاب الديني والانعزال عن الشعب وتدهور الأوضاع الاقتصادية حتى أصبحت البلاد على وشك الانهيار الاقتصادي والاجتماعي .
وازدادت حالة التململ من حكم الرئيس السابق وجماعته حتى تفجرت الأوضاع مما لم يترك مجالا لجيش شعب مصر أن يتحرك لحفظ السلام الاجتماعي ويمنع شبح الحرب الأهلية.

ثورة 30 يونيو ..
وهاهو الجيش المصري العظيم يعود مرة أخرى لنصرة الشعب الذي انتفض عن بكرة أبيه في 30 يونيو مطالبا بإسقاط الرئيس السابق محمد مرسى وحكم الإخوان الذي ثبت فشله سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.
ولبى الجيش المصري رغبات 33 مليون مصري الذين احتشدوا في الشوارع مطالبين بخلع الرئيس السابق محمد مرسى.
وأعلنت القوات المسلحة وقوفها إلى جانب رغبات الشعب المصري والذي يمثل الشرعية الحقيقية. وأمهلت جميع الأطراف 48 ساعة للاستجابة لمطالب الشعب . ولم يستمع الدكتور مرسي وجماعته لصوت الشعب وأصر على عناده .فماكان من القوات المسلحة إلا أن تحركت لإيقاف المهزلة السياسية والانحياز للشعب المصري قلبا وقالبا.
وأعلنت خارطة طريق تحدد مستقبل مصر وتشمل خلع الرئيس مرسى وتعطيل العمل بالدستور مؤقتا وتولى رئيس المحكمة الدستورية المستشار عدلي منصور رئاسة مصر مؤقتا لحين تعديل الدستور و إجراء مصالحة وطنية وانتخابات برلمانية ورئاسية حرة نزيهة .

دور القوات المسلحة في الحرب والسلم
وللقوات المسلحة دورا وقت الحرب يتمثل في حماية حدود الدولة فضلا عن حماية الشرعية الدستورية.ودورا آخر وقت السلم يتمثل في الحفاظ علي الاستعداد القتالي.
والكفاءة القتالية.كذلك المشاركة في رفع المستوى الاقتصادي، وتأمين حدود مصر مع دول الجوار.والتصدي لما يهدد الأمن القومي.
وتصنف القوات المسلحة المصرية على أنها الأقوى والأكبر عربيا وإفريقيا فهي عاشر أكبر قوة عسكرية في العالم.

أقسام الجيش المصري
وتنقسم القوات المسلحة إلى أربع أفرع رئيسية: هي قيادة الدفاع الجوي المصري، القوات الجوية المصرية، القوات البحرية المصرية، والقوات البرية المصرية كما يوجد قوات الحرس الجمهوري المصري ولكنها تحت سيطرة رئيس الجمهورية ووزارة الدفاع هي القيادة العليا للقوات المسلحة .
وتندرج تحتها الأفرع الرئيسية للقوات المسلحة مثل القوات الجوية والقوات البحرية وقوات الدفاع الجوى، وكذلك الأسلحة المتنوعة للقوات البرية مثل المشاة والمدرعات والمهندسين العسكريين والمدفعية وحرس الحدود.، يمكن القول إن الجيش المصري يبدو ميالا للعب دور الضامن لعملية الانتقال السلمي والآمن والمنضبط نحو الديمقراطية بفعالية وبأقل تكلفة اقتصادية واجتماعية وسياسية وأمنية ممكنة، استنادا لخطة واضحة ومتكاملة، ووفقا لجدول زمني محدد. فبعد أن حل الجيش البرلمان ووعد بتنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية حرة خلال ستة أشهر، شكل لجنة لتعديل الدستور، وحدد موعدا للاستفتاء علي التعديلات “الخلافية” التي وضعتها اللجنة، كما أعلن عزمه عدم تقديمه مرشحا رئاسيا في الانتخابات المقبلة، ولم يسند المجلس العسكري أيا من المهام الإدارية أو السياسية لأي من رجالاته، باستثناء رئاسة اتحاد الإذاعة والتليفزيون التي لم تستمر سوي بضعة أيام. وهي الخطوات التي ارتأي فيها فريق من المراقبين أدلة علي استعداد المجلس العسكري لتسليم الحكم إلي سلطة مدنية بعد انتهاء المرحلة الانتقالية، خصوصا في ظل سأم الشعب المصري من استحواذ القادة العسكريين علي السلطة السياسية طيلة العقود الستة المنقضية، علاوة علي الضغط الدولي في اتجاه إصلاح سياسي حقيقي. وإن راودت فريقا آخر شكوك في أن الجيش يحاول استغلال الأحداث للاحتفاظ بالسلطة عبر تسريع المرحلة الانتقالية، وعدم منح الأحزاب والقوي السياسية الوقت الكافي لتنظيم انتخابات حقيقية وعادلة تنبثق عنها حكومة مدنية قوية.
ومن زاوية أخري، فإن السيطرة الكاملة لقيادة مدنية منتخبة علي شئون الدفاع والجيش في ديمقراطية ناشئة تبدو أمرا غير متصور حدوثه، خاصة في الحالة المصرية، التي لعب فيها الجيش دورا رئيسيا في حماية البلاد من الفوضى، وفي سد فراغ السياسة والشرعية، بعد أن كادت الطبقة السياسية، حكومة ومعارضة، تقود البلاد إلي الفوضى. وفي الوقت نفسه، فإن إبقاء كافة شئون الدفاع والجيش خارج نطاق سلطات حكومة منتخبة ديمقراطية هو أمر يتعارض مع مبادئ الديمقراطية، ويمكن له أن يتسبب في تعريض التجربة الديمقراطية الوليدة لخطر جدي. علي الجانب الآخر، تطرح تساؤلات حول ما إذا كان من الممكن عمليا للجيش الانسحاب، مثلما تعهد، من مقدمة المشهد السياسي في نهاية المرحلة الانتقالية أم لا.
ويستند هذا الطرح علي عدد من الاعتبارات، أبرزها: افتقاد البلاد حاليا التأهيل الكفيل بنقلها إلي حقبة الديمقراطية الحقيقية، في ظل غياب تقاليد أو ثقافة ديمقراطية يمكن الاستناد إليها في كبح جماح التطرف والنوازع الاستبدادية عميقة الجذور، في وقت لا تبدو فيه الوسائط السياسية المصرية مهيأة لممارسة الحكم بشكل مستقر خال من الأزمات، مع حداثة عهد البلاد بالديمقراطية ونوعية الطبقة السياسية الموجودة في مصر، مما قد يوجد حاجة ملحة لاستمرار اضطلاع الجيش بدور سياسي، يضمن حدا أدني من الاستقرار السياسي، ويحصن الأمن الوطني ومصالح البلاد العليا ضد التداعيات السلبية الخطيرة للثورة.
وربما يفسر هذا الطرح دعوة البعض إلي تمديد المرحلة الانتقالية، التي يدير خلالها المجلس الأعلى للقوات المسلحة أمور الدولة، إلي حين أن تكتمل جاهزية البلاد ثقافيا وسياسيا ومؤسسيا وأمنيا لممارسة الديمقراطية بمعناها الحقيقي.

الدكتور عادل عامر
3adel3amer

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة