مواساتي لإمرأة مهمومة

تاريخ النشر: 12/08/16 | 0:13

بينما كنت أسير ذات صباح نديّ على رصيف شارعٍ بدا لي نظيفاً وسررتُ لنظافة الشارع والرصيف، فقلتُ لعلّ عامل النظافة كان نشيطاً في هذا الصباح وفي الطّريق صادفتُ صديقةً قديمة، أعرفها منذ أيام الدراسة في الجامعة، لكنها بقيتْ عزباء، لكنني حينما أمعنتُ النظر في عينيها شاهدتُ الحزن فيهما، ورأيتها مهمومة، فسألتها لماذا أنتِ حزينة فردتْ لأننا وصلنا إلى وضع لا يطاق من كثرة الحواجز والاعتداءات بحقّ شعبنا، فأردتُ أن أواسيها حزنها ودعوتها على فنجان قهوة، وسرنا سوية نحو مقهى عادي، لم يجذبني ديكوره، حينما دخلنا إلى داخله، وجلسنا هناك، وتحدثنا عن هموم الوطن والمواطن، وبعدما شربنا القهوة تنهّدتْ وقالتْ: ما أجمل أيام زمان أيها الشقي، أتذكر كيف كانتْ المحبّة بين الناس أقوى وكان التعاون جلي بين الناس أكثر، أما اليوم فالوضع قد تغيّر، والناس تغيروا حتى أن الواحد لم يعد يسأل على جاره، فالقيّم يا صديقي لم تعد مهمة، فلا أدري لماذا؟ فقلتُ لها ألا تدرين لماذا؟ لأن الناس زاد فيهم اليأس، والفقر يزداد بين المواطنين المهمشين، والبطالة في ارتفاع، كما أن حالة الجمود السياسي عندنا تزيد من الإحباط واليأس، ولكن لا اعتقد بأن قيّمنا ستنهار، ستظل عاداتنا وتقاليدنا راسخة، لأنها هي التي ما زالت تحافظ على نسيجنا الاجتماعي.. فابتسمتْ الصديقة وقالتْ رغم أنني مهمومة إلا أنني سأذهبُ الآن لشراء رواية ذاكرة الجسد لأحلام مستغانمي، فقلتُ لها جيد أنك تقرئين روايات، أما أنا بالكاد أن أقرأ، لأنني لا أجد وقتا للقراءة، وضحكنا سوية، وودعتني وسارت في طريقها، وقبل أن تبتعد قلت لها لا تحزني فالحزن لا يليق بكِ، وشعرت بأن مواساتي لها أراحتها قليلا، رغم أنها سارتْ وهي حزينة على وضع البلد البائس.

عطا الله شاهين
3talla7shaheen

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة